ثمن معالي وزير النقل الدكتور عبدالسلام صالح حُميد، الدور الجوهري والمحوري والجهود الكبيرة التي بذلتها قيادة منظمة الطيران المدني الدولي "الايكاو" منذ تأسيسها في العام 1944م، في سبيل تعزيز وتطوير نشاط النقل الجوي الدولي وجعله أكثر كفاءة وأمناً واستدامة، بفضل صياغتها الاتفاقيات الأساسية والملاحق والبروتوكولات والتوصيات الهادفة إلى وضع المعايير لنشاط النقل الجوي وقواعد السلامة، وكل ما يتعلق بالسفر الجوي، إلى جانب تعزيز العلاقات والتعاون والشراكة بين الدول الأعضاء وصولاً إلى نقل جوي آمن ومستدام واقتصادي، آخذاً بالاعتبار حماية البيئة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة على مستوى العالم.
جاء ذلك في كلمة معالي وزير النقل الدكتور عبدالسلام حُميد التي ألقاها اليوم، في اجتماعات الجمعية العمومية الـ 42 لمنظمة الطيران المدني الدولي (الإيكاو) المنعقدة في مقرها الرئيسي في مونتريال بكندا، والتي تعقد خلال الفترة من 23 سبتمبر إلى 3 أكتوبر 2025.
واستهل معالي وزير النقل كلمته بالقول: «معالي السيد/ سالفوتوري شاكيتاتو، رئيس مجلس منظمة الطيران المدني الدولي (الايكاو)..
معالي السيد/ خوان كالروس سالازار، الأمين العام لمنظمة الطيران المدني الدولي (الايكاو)..
أصحاب المعالي الوزراء.. الإخوة رؤوساء هيئات الطيران.. وممثلي المنظمات الإقليمية والدولية.. المحترمون..
الحضور الكرام..
يشرفني أن أشارك اليوم باسم الحكومة اليمنية هذا الحدث الدولي البارز انعقاد الدورة الثانية والأربعين للجمعية العامة للطيران المدني الدولي (الإيكاو) في مقر المنظمة الدولية للطيران في مدينة مونتريال - مملكة كندا الصديقة، خلال الفترة من (٢٣ سبتمبر إلى ٣ أكتوبر ٢٠٢٥م)..
وبهذه المناسبة، نتقدم بالشكر والتقدير لمملكة كندا على استضافتها لهذه الفعالية الدولية، وكذا الجمعية العامة والأمانة العامة للمنظمة على الترتيب والتنظيم لنجاح هذا المؤتمر الدولي الهام.. وفي الوقت ذاته نبارك لسلطنة عمان الشقيقة على نجاح انتخاب الأخ المهندس نايف بن علي العبري رئيساً للجمعية العامة لمنظمة الطيران المدني الدولي في الدورة الثانية والأربعين».
وأضاف: «السيدات والسادة.. بهذه المناسبة لا يسعنا إلا أن نثمن ونقدر دور قيادة منظمة الإيكاو على الجهود الكبيرة التي بذلتها خلال السنوات الماضية في سبيل تعزيز وتطوير نشاط النقل الجوي وجعله اكثر كفاءة وأمن واستدامة. وكما نعلم بأن منظمة الطيران المدني الدولي منذ تأسيسها عام ١٩٤٤م وعلى مدار ثمانية عقود مكنت من صياغة الاتفاقيات الأساسية والملاحق والبروتوكولات والتوصيات، الهادفة إلى وضع المعايير لنشاط النقل الجوي وقواعد السلامة، وكل ما يتعلق بالسفر الجوي، إلى جانب تعزيز العلاقات والتعاون والشراكة بين الدول الأعضاء، وذلك بهدف الوصول إلى نقل جوي آمن ومستدام واقتصادي، آخذاً بالاعتبار حماية البيئة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة على مستوى العالم وإلى جانب ذلك تسعى منظمة الأيكاو إلى تحديث وتطوير وتعديل التشريعات من خلال عقد المؤتمرات الدولية.. وقد كان لنا شرف المشاركة في تلك المؤتمرات والمنتديات خلال عامي (٢٠٢٤م، ٢٠٢٥م)، تمخض عنها الإعلان التاريخي في سلطنة عمان (إعلان مسقط بشأن أمن الطيران والأمن السيبراني) ومؤتمر الدوحة في دولة قطر خلال شهر ابريل عام ٢٠٢٤م، والذي صدر عنه (إعلان الدوحة) كتعهد توجيهي في مختلف الجوانب المتعلقة بتسهيلات النقل الجوي ومستقبله، من حيث التعاون والكفاءة والمسؤولية، ومؤتمر أبوظبي في الإمارات العربية المتحدة في فبراير ٢٠٢٥م، حيث تم تأمين التزامات جديدة للدول الأعضاء لتعزيز الوقود المستدام للطيران، واعتمادها لتبادل المعرفة والدعم الفني. كما تمت مناقشة مبادرة تعديل المواد (٥٠ أ) و (٥٦) من اتفاقية شيكاغو، التي تعتبر حجر الزاوية في تنظيم الطيران المدني الدولي، وذلك بهدف تحسين عملية انتخاب مجلس الأيكاو وزيادة تمثيل الدول النامية وتمكين المنظمة من الاستجابة بفعالية أكبر للتحديات المستقبلية».
وأردف معالي الوزير قائلاً: «إن النقل الجوي أصبح اليوم عنصراً حيوياً في تعزيز الاقتصاد العالمي والتجارة الدولية، وتعزيز التواصل بين الشعوب ودعم صناعة السياحة والاستجابة للأزمات وحالات الطوارئ، وتنمية المناطق النائية والأقل تطوراً وربطها بالمراكز الاقتصادية الكبرى، كما أن التطورات الاقتصادية والتكنولوجية والثورة الرقمية جعلت من النقل الجوي قوة هائلة في خدمة التطور والازدهار ، ومن خلال المؤشرات المتاحة تبين بأن حركة السفر الجوي تصل إلى نحو (٤,٥) مليار مسافر سنوياً، ومن المتوقع أن يصل هذا المؤشر إلى (١٢) مليار راكب خلال السنوات القليلة القادمة، كما يبلغ حجم الأسطول العالمي حالياً نحو (٢٨,٦٧٤) طائرة، (٨٠%) منها تعمل بصورة نشطة، ويصل متوسط عدد الطائرات التي تحمل على ظهرها المسافرين وتجوب السماء في أي وقت ما يزيد عن (٩٠٠٠) طائرة».
مؤكداً أن «تأمين مثل هذا النشاط ونجاحه يحتاج بالتأكيد إلى خدمات تنظيمية ولوجستية وملاحية من قبل منظمة الإيكاو وسلطات الطيران المدني في الدول المنظوية تحت سلطات الأيكاو، كما يتطلب من المنظمة إلزام سلطات الطيران على تطبيق المعايير القياسية والقواعد واللوائح الخاصة بسلامة وأمن الطيران المدني».
واستطرد معالي الوزير بالقول: «ولا تفوتنا الإشارة إلى أن منظمة الطيران المدني العالمي (الأيكاو) تواجه في هذه المرحلة الراهنة تحديات كبرى بسبب التطورات التقنية السريعة مثل الرقمنة والابتكارات الجديدة والذكاء الاصطناعي، إلى جانب التغيرات المناخية المتزايدة التي تجعل من الضرورة أن تقوم المنظمة بأدوار محورية في الجوانب التقنية، مثل تحديث المعايير الدولية لضمان مواكبة التطورات في مجالات الطائرات الكهربائية الهجينة والطائرات دون طيار، وتعزيز الأمن السبراني وغيرها لضمان حماية أنظمة الملاحة والاتصالات، وهكذا فيما يخص التحديات المناخية، فإن الأمر يتطلب تطوير سياسات وقود الطيران المستدام، وتحفيز الابتكار في الطائرات النظيفة والاستجابة لتأثير المناخ على التشغيل، بالإضافة إلى تعزيز التعاون الدولي عن طريق التنسيق بين الدول لتقليل التباين في التشريعات الوطنية بشأن التقنيات الجديدة لضمان عدالة انتقالية من خلال دعم الدول النامية لمواكبة التطورات عبر التمويل وبناء القدرات التقنية».
وأوضح أنه «أمام تلك التحديات فإنه يتوجب على منظمة الأيكاو الانتقال من الأدوار والنشاطات التقليدية القائمة على التشريع والتنظيم والرقابة، إلى قائد عالمي للتحول المستدام والآمن في مجال الطيران، يجمع بين التقنية الحديثة والاستدامة البيئية».
وتابع معالي وزير النقل قائلاً: «السيدات والسادة..
يمر قطاع الطيران في بلدنا اليمن بمرحلة دقيقة ومعقدة بفعل عشرة أعوام من الحرب التي أشعلتها المليشيات الحوثية الإرهابية، منذ قيامها بالانقلاب على الدولة الشرعية والاستيلاء على العاصمة (صنعاء) وبعض المحافظات، مما أثر ذلك سلباً على الاقتصاد الوطني والخدمات الأساسية، وتدمير البنى التحتية بما فيها المطارات وشركات الطيران المحلية، وعزوف شركات الطيران الأجنبية عن مطارات البلد بسبب ارتفاع رسوم التأمين وبعض أوجه القصور في التجهيزات الفنية للمطارات، ومع كل هذه التحديات والظروف، فقد ظل قطاع الطيران على مدار العشرة الأعوام الماضية يتمتع بالثبات والقدرة على الاستمرار ورافعة للتواصل الإنساني والإغاثي وبوابة تربط شعبنا اليمني بالعالم.. ومن هذا المنطلق فإننا نعمل بصورة جادة بالتعاون مع شركائنا الإقليميين والدوليين لإعادة قطاع الطيران والنهوض به، من خلال:
١- إعادة البناء المؤسسي لسلطة الطيران المدني (الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد)، وتحديث التشريعات والأدلة الإرشادية المنظمة لنشاط الطيران المدني، بهدف تحقيق السلامة والامن والاستدامة البيئة.
٢- إعادة البنية التحتية للمطارات والملاحة الجوية وفقاً للمعايير الدولية، حيث تمكنت وزارة النقل والهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد وشركة الخطوط الجوية اليمنية (الناقل الوطني)، وبدعم من الحكومة ودول التحالف العربي (المملكة العربية السعودية الشقيقة والإمارات العربية المتحدة الشقيقة) من تجهيز كافة المطارات في مناطق الحكومة الشرعية، وجميعها تعمل على تسيير رحلات جوية محلية ورحلات جوية مع دول الإقليم وبعض دول العالم.
٣- الاستثمار في بناء القدرات البشرية، من خلال التدريب المستمر للمراقبين الجوين والمهندسين والطيارين، من خلال التعاون مع الأكاديميات المتخصصة في علوم الطيران، واستقطاب الكفاءات الشابة من ذوي المؤهلات وتطوير قدراتهم.
٤- الالتزام بالاستدامة والابتكار عبر الانخراط الفاعل في الجهود العالمية وتشجيع استخدام التقنيات الحديثة التي تعزز الكفاءة وتقلل التكاليف.
٥- تعزير أسطول النقل الجوي، من خلال شراء طائرات للناقل الوطني (شركة الخطوط الجوية اليمنية)، وتشجيع الاستثمار للقطاع الخاص والأجنبي لتعزيز وتطوير قطاع النقل الجوي، من خلال منح تراخيص النقل الجوي لمجموعة من الشركات وفقاً لمتطلبات ومعايير المنظمة الدولية للطيران المدني».
ومضى الوزير حُميد قائلاً: «ومع كل تلك الجهود فإن الجمهورية اليمنية شأنها شأن الدول الأخرى التي تعيش حالة من الصراعات والحروب في المنطقة العربية والبلدان الأخرى، ستظل بحاجة ماسة إلى دعم المنظمة الدولية للطيران المدني ومكاتبها الإقليمية لمساعدتها على إنجاز برامج شاملة للطيران المدني، عن طريق الاستشارات الفنية والتدريب، إلى جانب البحث عن التمويلات اللازمة لإنجاز تلك البرامج لتصبح بلداناً مشاركة في النظام الدولي للطيران بصورة فاعلة، على اعتبار أن منظمة الإيكاو شريك تنموي للبلدان النامية وليست فقط جهة منظمة ورقابية، بل تساعد تلك الدول على بناء أنظمة طيران آمنة ومستدامة ومتكاملة مع النظام العالمي، تجسيداً لمنظمة الإيكاو بعدم ترك أي دولة خلف الرّكب».
وتابع وزير النقل قائلاً: «السيدات والسادة.. إن الجمعية العامة لمنظمة الطيران المدني الدولي (الإيكاو) ستجري في هذه الدورة انتخاب البلدان التي ستشارك في عضوية المنظمة، وانتخاب قيادتها لقيادة نشاط المنظمة خلال الفتره القادمة وتجاه ذلك نتمنى الاختيار المناسب والفاعل لتلك القيادات والدول الأعضاء الأكثر التزاماً باتفاقية شيكاغو وسياسات وقواعد ومعايير منظمة الإيكاو ومختلف المنظمات، وكذا تقاريرها المقدمة فى الجمعية العمومية عن السنوات ٢٠٢٢-٢٠٢٣-٢٠٢٤، وستناقش مجموعة من المبادرات والسياسات المتعلقة بأمن الطيران وبرامج التدقيق وحماية البيئة وتغير المناخ وتنمية القدرات والابتكار في مجال الطيران المدني، والذي نأمل أن يتم الوقوف والتقييم الجاد لتلك المبادرات والخروج بالقرارات والتوصيات الهامة لتعزيز نشاط المنظمة خلال السنوات القادمة».
وجدد معالي وزير النقل الدكتور عبدالسلام صالح حُميد في ختام كلمته، شكره لقيادة منظمة الإيكاو، على جهودها المتواصلة، متمنياً لأعمال الجمعية العامة كل النجاح والتوفيق.
من/ وديد ملطوف