قامت قيادة محور تعز العسكري، الخاضعة لهيمنة حزب الإصلاح، وبتواطؤ من مدير أمن المحافظة، المحسوب على ذات الحزب، بتهريب سجين من السجن المركزي في المحافظة متهم بجريمة محاولة اغتيال رئيس جامعة تعز، الدكتور محمد الشعيبي، وقتل مرافقه الشخصي.
وقال مصدر عسكري مُطلع، إنه بعد أيام من “مجزرة قسم النساء” في السجن المركزي لتعز، جراء تعرضه، في بداية أبريل الحالي، لقصف مدفعي حوثي، تلاها إطلاق سراح 124 سجيناً كانوا في السجن على ذمة قضايا ليست جسيمة، تم إطلاق سراح المدعو عدنان عبدالله مقبل من ذات السجن، رغم من أن المذكور أحد المتهمين الرئيسيين بجريمة محاولة اغتيال الدكتور الشعيبي، التي حدثت في 20 نوفمبر 2018، وأدت إلى مقتل “موفق الشميري”، المرافق الشخصي لـ “الشعيبي”.
وأوضح المصدر، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، لصحيفة الشارع، أن عملية إطلاق سراح المتهم عدنان مقبل، وهو أحد أفراد اللواء 170 دفاع جوي، جاءت بعد ضغوطات من قبل مستشار المحور عبده فرحان (سالم)، الحاكم العسكري لتعز، والقيادي في حزب الإصلاح. وأشار المصدر إلى أن عملية إطلاق سراح المتهم تم رضوخاً لتلك الضغوط، وبتواطؤ من قبل الأجهزة الأمنية والقضائية في المحافظة، وذلك بعد حوالي ما يقارب عام من على تسليم المتهم للجهات الأمنية، واحتجازه على ذمة تورطه المباشر في القضية.
وأفاد المصدر أنه سبق أن تم، منتصف عام 2019، تهريب وإطلاق سراح المتهم المذكور من سجن الشرطة العسكرية، بتوجيهات من وكيل أول محافظة تعز، عبدالقوي المخلافي، القيادي في حزب الإصلاح، إلا أن ضغوطاً حكومية أعادت المتهم إلى السجن مرة أخرى، بعد قيام “المخلافي” باستدعاء أركان حرب الشرطة العسكرية، العقيد عادل الرباش، إلى مكتبه وإجباره على الإدلاء بتصريح لوسائل الإعلام أوضح فيه إنه ليس للمخلافي “أي علاقة بإطلاق سراح المتهم”؟! وتداركاً للفضيحة، ومحاولة احتوائها، أفاد “الرباش”، في تصريحه ذاك، أن “المتهم خرج بضمانة مدير مديرية التعزية، صادق معيض”، أحد قيادات حزب الإصلاح، “من أجل تلقي العلاج في المستشفى”!
وقال المصدر: “حينها، اتصل مسؤولون في الحكومة، وأعضاء في مجلس النواب، بعبدالقوي المخلافي، وتحدثوا فيها معه حول ما تردد عن علاقته بعملية إخراج المتهم عدنان مقبل من السجن.. وقد تم، على إثر ذلك، إعادة المتهم إلى سجن الشرطة العسكرية، ثم إحالته إلى السجن المركزي، إلا أنه جرى، خلال الأسبوع الماضي من شهر أبريل الجاري، إطلاق سراحه؛ تهريبه من السجن”.
وعقد مجلس جامعة تعز، صباح الخميس الفائت، اجتماعاً استثنائياً، في مكتب رئيس الجامعة، “لمناقشة التطورات الخطيرة” المتعلقة بتهريب أحد المتهمين الرئيسيين في تنفيذ جريمة محاولة اغتيال الدكتور الشعيبي، رئيس الجامعة، والتي أدت، في 20/11/ 2018، إلى إصابته بجروح بالغة، ومقتل مرافقه الشخصي، موفق الشميري.
وأصدر المجلس، أمس الأول (الجمعة)، بياناً صحفياً شديد اللهجة، طالب فيه رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، ورئيس مجلس القضاء، “بإقالة ومحاسبة كل المسؤولين المعنيين في السلطة المحلية والأجهزة الأمنية والقيادات العسكرية والأجهزة القضائية في المحافظة”، بسبب تهريب المتهم الرئيسي من السجن، و”بسبب تقصيرهم بالقيام بواجباتهم تجاه القضية، وعدم القبض على بقية أفراد العصابة، ونقل الجناة إلى النيابة المختصة في عدن، تنفيذاً للأوامر القضائية والتوجيهات العليا”.
وقال البيان: “إن تقاعس الأجهزة الأمنية والعسكرية بمحافظة تعز في تنفيذ توجيهات قيادة الحكومة، وأوامر القضاء، طيلة هذه المدة، يُعَدَّ مؤشراً خطيراً، ينم عن تواطؤ قيادات عسكرية وأمنية نافذة مع أفراد العصابة المحسوبين على أجهزتها، التي يعول عليها حماية المواطنين ورجال الدولة، ويُعَدّ ذلك محاولة لنشر الفوضى، وفرض منطق القوة على حساب منطق القانون، وتقويض أي جهود للانتصار لقيم الدولة والمدنية، خاصة بعد أن أقدمت تلك القيادات على إطلاق سراح أحد المتهمين الأساسيين في الجريمة، وهو المدعو/ عدنان عبدالله مقبل من السجن المركزي، مؤخراً، ليلتحق ببقية أفراد العصابة التي تجوب شوارع المدينة أمام أنظار الأجهزة الأمنية، دون أدنى اكتراث لأوامر القبض القهرية ضدها”.
وحمّل البيان “السلطة المحلية، والأجهزة الأمنية، والقيادات العسكرية، والأجهزة القضائية في المدينة المسؤولية الكاملة عن أي تداعيات قد تنجم عن هذا التواطؤ المؤسف، الذي بلغ مداه بعملية تهريب قاتل من السجن”، معتبراً ذلك “استهتاراً كبيراً بمكانة الجامعة ودورها الريادي في تطبيع الحياة التعليمية”.
وإذ شدد البيان على “ضرورة محاكمة منفذي جريمة إطلاق سراح الجناة”؛ طالب “بسرعة القبض على الجناة، وإرسالهم إلى النيابة الجزائية المتخصصة في عدن، باعتبارها المختصة قانوناً بالنظر في هكذا جرائم جسيمة، وتنفيذاّ للأوامر القضائية والتوجيهات العليا المتعلقة بهذه القضية”.
وقال بيان مجلس جامعة تعز: نطالب “القيادة السياسية باحترام توجيهاتها، وإلزام الجهات المعنية بتقديم كافة التسهيلات، وإجراءات الحماية اللازمة لرئيس الجامعة لممارسة عمله من داخل الجامعة، بعد تماثله للشفاء، أسوة بمن هم أقل منه مكانة، كأقل تقدير لتكريم قامة رسمية مسؤولة عمل بكل شجاعة وهمة، في ظل غياب الدولة وفوضى انتشار السلاح في المحافظة”.
وأضاف البيان: “نناشد المؤسسات الأكاديمية والمنظمات النقابية والحقوقية والسياسية والثقافية، في تعز خصوصاً، واليمن عموماً، إدانة واستنكار هذا التطور الخطير في مجريات الجريمة البشعة التي استهدفت العملية التعليمية بالمحافظة، والمشاركة في الخطوات التصعيدية التي ستتخذها الجامعة لإسنادها في معركتها المصيرية في صناعة الحياة في هذه المدينة المنكوبة، وانتصار العلم على السلاح المنفلت الذي ينشر الموت والرعب ومحاصرة المدينة من الداخل لخدمة أجندة المليشيا التي تحاصرها من الخارج”.
وتابع: أخيراً، يؤكد المجلس لجميع منتسبي الجامعة أنه قد كَلَّف لجنة من بين أعضائه، ومن المعنيين في الجامعة، لمتابعة تطورات هذه القضية، وعقد مؤتمر صحفي في أقرب وقت ممكن؛ لتوضيح كل ما يتعلق بهذه الجريمة، والتطورات المتصلة بها للرأي العام المحلي والخارجي”.
على صعيد متصل، قال للصحيفة مصدر أكاديمي في جامعة تعز، إن “محاولة اغتيال الدكتور الشعيبي، نهاية عام 2018، تمت وفق خطة مرسومة للتخلص منه، كونه يقف حجر عثرة أمام سيطرة حزب الإصلاح على جامعة تعز، كما يقف حجر عثرة أمام مشاريع الجامعات الخاصة التابعة لحزب الإصلاح، والتي تسعى لإحكام السيطرة على المؤسسات التعليمية في المحافظة، بالتزامن مع تعيين نائبٍ لرئيس جامعة تعز دفع به حزب الإصلاح”.
وأضاف المصدر، مشترطاً عدم ذكر اسمه: “في 13 مارس 2019، ترأس وكيل أول محافظة تعز، عبدالقوي المخلافي، اجتماعاً رسمياً في ديوان عام المحافظة بعدد من رؤساء الجامعات والمعاهد الأهلية والحكومية، بحضور مدير مكتب التربية والتعليم في المحافظة، عبدالوسع شداد، القيادي في حزب الإصلاح، وأكاديمي آخر ينتمي لذات الحزب حضر الاجتماع كممثل عن جامعة تعز، لمناقشة خطة تطوير التعليم في المحافظة”.
وتابع: “خلال ذلك الاجتماع، تقدم الدكتور عبده الكليبي، رئيس جامعة الحكمة، المنتمي لحزب الإصلاح، بمقترح لإنشاء مجلس أعلى للتعليم في المحافظة، وتم إقرار مقترحه فوراً، من قبل الوكيل المخلافي، دون الرجوع إلى اللوائح والقوانين النافذة، كون مثل هذه القرارات من اختصاصات ووزارة التعليم العالي بالتنسيق مع رئيس جامعة تعز ومحافظ المحافظة”.