ما أن تهل أي مناسبة وطنية إلا وتسمع اللواء عبدالله سالم العوسجي وهو يحكي عن تاريخ النضال في جنوب اليمن ضد المستعمر البريطاني، ويروي عن دور الأبطال في التهيئة والقيادة لثورة 14 أكتوبر المجيدة ويروي عن ثوارها وهم يتسابقون ويتنافسون على من منهم يصل أولًا للنيل من المستعمر البريطاني، هنا تتجلى التضحيات، من خلال ما تسمعه من هذا المناضل الأكتوبري تشعر وكأنك أمام جيل استثنائي لن يتكرر، وبالفعل فهم جيل لن يتكرر، فعلى الرغم من إمكانياتهم البسيطة إلا أنهم يساهمون بمبالغ لنصرة ثورتهم، فقد كان اعتمادهم على الله ومن كان اعتماده على الله فلا شك ولا ريب أنه سينتصر، وبالفعل انتصروا على تلك الأمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس.
يروي اللواء عبدالله سالم العوسجي عن أبطال خلدهم التاريخ في صفحاته دافعوا عن الوطن، وكانوا هم ركائز الثورة الأولى أمثال: حسين عثمان عشال الذي هدد البريطانيين بتفجير الوضع في عدن والريف لو تمادى البريطانيون في المساس بعدن وأهلها، وذلك عندما حاول البريطانيون مهاجمة الشرطة.
ولقد كان هناك دور كبير لعبدالهادي شهاب مدير الأمن في تلك الفترة بحكمته ودهائه من خلال الإيحاء للبريطانيين أن جنوده هم من دافع عن الجنود البريطانيين، فقد كان هذا الرجل داهية، فاق في تفكيره وحكمته الكثير من القيادات على مر التاريخ.
عندما يحكي اللواء العوسجي عن بطولات أبطال تلك المرحلة يتحسر عليهم وعلى فقدانهم، فهم من انتصر للوطن وكان هدفهم هو الاستقلال والحرية، وكانت مساهماتهم البسيطة التي يدفعونها كاشتراك لتغطية نفقات تلك الثورة هي من ساهمت في انتصار ثورتهم التي ضحوا بأرواحهم لتنتصر، وبالفعل انتصرت ثورة الرابع عشر من أكتوبر بهؤلاء الأبطال الأماجد، ولكن هل كرمت الدولة مثل هؤلاء الأبطال الذين استشهدوا أو ماتوا أو مازالوا على قيد الحياة؟ لا أظن أن الثوار قد نالوا حقهم وحظهم من التكريم، فاللواء عبدالله سالم العوسجي أحد قيادات ثورة الرابع عشر من أكتوبر يرقد في منزله، ولم تزره القيادة السياسية التي تحتفل اليوم بالثورة تحت رايات الوطن، ونسوا أن الاحتفال الحقيقي المفروض أن يكون في تكريم أولئك المناضلين، وذلك من خلال تكريمهم التكريم الذي يليق بهم، فأمثال هؤلاء هم الأولى بالتكريم، فبفضلهم بعد الله نعيش اليوم في وطننا أحرارًا بعد طرد المستعمر البريطاني البغيض.