صدمة "كسوة عيد الأضحى": الكابوس الزاحف يفتك بأطفال الفقراء في عششهم، ومؤسستا "ذو النورين" و"شعيله" تُؤجّلان الاحتفاء لأجل الكرامة
تقرير صحفي حصري يكشف مأساة الأسر الغائبة عن التوزيع ويدق ناقوس الخطر الإنساني في عدن، لحج، وأبين .
في مبادرة إنسانية كان يُفترض أن تُسجَّل كإنجاز إغاثي موسمي، تحوّل توزيع كسوة عيد الأضحى المبارك من قبل مؤسسة ذو النورين الخيرية التنموية بالشراكة مع مؤسسة صلاح جابر بن شعيله الخيرية التنموية إلى شهادة دامغة على عمق المأساة الإنسانية التي تعصف بمحافظات عدن، لحج، وأبين.
فبعد أن أنهت المؤسستان حملة توزيع الكسوة على آلاف الأسر الفقيرة والأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة والمناطق النائية في كلٍّ من محافظات عدن، لحج، وأبين، برزت مفاجأة صادمة: غياب عدد من الأسر المستهدفة عن مواقع التوزيع. هذا الغياب لم يكن عارضًا، بل كان إشارة إلى مأساة أكبر.
"غياب يروي قصصًا من الجحيم"
وجّهت مباشرةً رئيسة مؤسسة ذو النورين، الأستاذة نور عيدروس، على الفور بسرعة تحرك فريق المؤسسة لتقصي أثر الأسر الغائبة. وكانت النتائج صادمة:
- الكابوس الزاحف: تم اكتشاف أن بعض الأطفال المستهدفين فقدوا حياتهم نتيجة لَدغات الثعابين السامة التي تجولت قرب مساكنهم وعششهم، في ظل غياب أي رعاية صحية أو طبية أو مضادات للسموم.
- الموت على الأبواب: أسر تفترش أبواب المستشفيات الحكومية تتوسل علاجًا لأطفالها، فيما فقدت أخرى أبناءها بسبب الحُمّيات، وأخرى بسبب الأمراض المستعصية.
- التشرّد القسري: عائلات هجرت بيوتها أو عششها بعد فقدان أطفالها الذي توفت بأحد أبساب هذة المأساة، لاجئين للعيش في الصحاري بعيدًا عن ذكرياتهم الأليمة بفقدان أبنائهم وفقرهم.
- وهناك من الأسر من لجأت إلى التسول في الشوارع بحثًا عن علاج لأطفالها من أمراضهم أو بحثًا عن لقمة العيش.
"القشة التي قصمت ظهر البعير"
هذه المشاهد المؤلمة دفعت المؤسستين إلى اتخاذ قرار غير مألوف: تأجيل نشر أي أخبار عن حملتهما الخيرية، رغم نجاحها، حتى يتم الوصول إلى تلك الأسر ومواساتها.
وقالت الأستاذة نور عيدروس في تصريحها:
"أبَينا أن نرفع أي أخبار في الإعلام عن الحملات إلا بعد الوصول إلى هذه الأسر، وإيصال الأمانة لهم ومواساتهم، ووعدنا لهم بإيصال معاناتهم للعامة ولرجال الخير."
وأكدت عيدروس أن الهدف الأسمى للمؤسستين هو "تعبيد الطريق للوصول إلى رضا الله تعالى عبر التماس حوائج الناس ومساعدة المجتمع"، مشيرة إلى أن العمل الخيري لا يكتمل إلا بحفظ كرامة المستفيدين.
نداء عاجل للخيرين
واختتمت عيدروس تصريحها بالدعاء إلى الله أن يكون أهل الخير سببًا في إنقاذ هذه الأسر، سواء عبر نشر معاناتهم في وسائل الإعلام أو عبر التبرع لهم بما يستطيعون. كما شددت على التزام المؤسستين بعدم إظهار وجوه المستفيدين رغم طلب البعض بالظهور، إلا أن المؤسستين ترفضان ذلك حفاظًا على كرامتهم. ووجهت عيدروس شكرًا خاصًا لمؤسسة صلاح جابر بن شعيله الخيرية التنموية على شراكتها الصادقة جنبًا إلى جنب وفي مواقفها النبيلة.
ناقوس خطر إنساني
هذا التقرير لا يكتفي بسرد وقائع حملة خيرية، بل يدق ناقوس الخطر: أطفال يموتون بلدغات الثعابين والحُمّيات، أسر تتشرد في الصحاري، وكرامة إنسانية مهددة في كل لحظة. إنها ليست مجرد "كسوة عيد"، بل قصة صراع وبقاء، ورسالة عاجلة إلى الضمير الإنساني لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.