أثار البيان الصادر عن مجلس القيادة الرئاسي، يوم أمس الخميس، بشأن مراجعة القرارات الصادرة منذ تأسيس المجلس في أبريل 2022، جدلاً واسعاً واعتُبر محطة مفصلية في مسار عمل المجلس، كونه يفتح الباب أمام مراجعة شاملة للقرارات السابقة عبر لجنة قانونية متخصصة.
البيان أظهر بشكل واضح وجود خلل بنيوي في آلية عمل مجلس القيادة خلال الفترة الماضية، وهو ما انعكس على أدائه وأدى إلى تجميد كثير من الملفات الحيوية.
هذا الاعتراف الضمني يبرهن أن المجلس، وعلى رأسه الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي، بات أكثر إدراكاً لحجم التحديات التي فرضتها السياسات الفردية في إدارة الملفات السيادية.
قرارات الرئيس الزُبيدي الأخيرة كانت بمثابة قوة دفع جديدة قلبت المعادلة داخل مجلس القيادة الرئاسي.
فبعد مرحلة طويلة من الجمود والانفراد بالقرار، جاء تدخل الرئيس الزُبيدي ليكسر هذا النمط وليفرض حالة من التوازن والشفافية.
مراقبين سياسين يرون أن هذه القرارات وضعت مجلس القيادة أمام استحقاق تاريخي لا يمكن التراجع عنه.
البيان في جوهره يعكس نهاية مرحلة استفراد رئيس المجلس رشاد العليمي باتخاذ القرارات بمعزل عن بقية الأعضاء، والمراجعة الشاملة التي ستتم خلال 90 يوماً ستفتح ملفات القرارات التي اتخذت في "الغرف المغلقة" ومرّت دون تشاور أو توافق. ومن المرجح أن يتم إلغاء مئات القرارات التي تفتقد للشرعية المؤسسية.
من أبرز ما يحمله البيان هو تعزيز مبدأ الشفافية في اتخاذ القرار داخل مؤسسة الرئاسة، وإخضاع كل القرارات لرقابة ومراجعة دقيقة. هذا التطور يمثل خطوة أولى نحو إرساء قواعد مؤسسية تمنع التلاعب والتمرير الخفي للقرارات. كما أن المهلة المحددة باتت أشبه بـ فاتورة حساب ستكشف حجم الانحرافات التي جرت خلال السنوات الماضية.
الأيام القادمة ستكون حاسمة، إذ من المتوقع أن تكشف اللجنة القانونية حجم القرارات المثيرة للجدل، ما قد يعيد رسم ملامح التوازن داخل مجلس القيادة.
وفي قراءة جوهر الأحداث الأخيرة وبيان مجلس القيادة الرئاسي تؤكد المعطيات ان هذه الخطوة تعزز مكانة الرئيس الزُبيدي كصانع قرار قادر على فرض قواعد جديدة للعبة السياسية، وتضعف من نفوذ القوى التي كانت تراهن على تمرير القرارات بعيداً عن الشراكة الحقيقية.
بيان مجلس القيادة يعتبر إعلان سياسي واضح بانتهاء عهد الاستفراد بالقرار، وبداية مرحلة جديدة عنوانها الشفافية والمساءلة.
قرارات الرئيس الزُبيدي لم تكتف بفرض نفسها، بل فرضت واقعاً جديداً يُعيد للمجلس توازنه المفقود، ويمنح الجنوب قوة إضافية
في معادلة الصراع السياسي.