في ظل ما تعيشه اليمن من تحديات اقتصادية وانهيار متسارع للعملة الوطنية، يُصبح لزامًا على المجتمع أن لا يقف موقف المتفرج، بل أن يدرك أن الحفاظ على قيمة الريال اليمني ليس مسؤولية الحكومة والبنك المركزي فحسب، بل مسؤولية جماعية يتقاسمها الجميع، أفرادًا ومؤسسات.
الوعي المجتمعي حجر الأساس
إن أولى خطوات المشاركة المجتمعية تبدأ من الوعي؛ ففهم الأسباب التي تؤدي إلى تدهور سعر الصرف، والتمييز بين السياسات النقدية الصحيحة والإشاعات المغرضة، يُعدّ عاملاً رئيسيًا في كسر دوائر الفزع الاقتصادي التي تدفع الناس نحو تحويل مدخراتهم إلى عملات أجنبية، ما يزيد الضغط على العملة المحلية.
ترشيد الاستهلاك ووقف التهافت على العملات الاجنبية
أحد أهم الأدوار التي يمكن للمواطن أن يسهم بها هو عدم الانجرار وراء المضاربة على العملات الأجنبية، حيث تؤدي هذه التصرفات الجماعية إلى زيادة الطلب على الدولار ورفع سعره في السوق، وبالتالي انخفاض قيمة الريال.
كما أن ترشيد الاستيراد غير الضروري، وتفضيل المنتج المحلي قدر الإمكان، يعزز من ميزان المدفوعات، ويقلل من الاعتماد على العملات الأجنبية.
دعم القطاع المصرفي الرسمي
تُسهم الثقة في البنوك الرسمية واستخدام القنوات المصرفية المشروعة في الحد من السوق السوداء، وبالتالي المساهمة في استقرار سعر الصرف. وعلى المجتمع أن يدرك أن التعامل مع محلات الصرافة غير المرخصة يعزز من المضاربة ويقوض جهود البنك المركزي في تنظيم السوق.
المشاركة في الحملات التوعوية
بإمكان النشطاء والمؤثرين والإعلاميين أداء دور محوري في توعية الناس بخطورة الممارسات التي تؤدي إلى تدهور العملة، وتصحيح المفاهيم الاقتصادية المغلوطة، وتسليط الضوء على الأثر الكارثي لانهيار العملة على معيشة الناس اليومية.
الضغط الإيجابي من المجتمع المدني
يمكن للمجتمع المدني ممارسة دور رقابي بناء من خلال الضغط الإيجابي على الجهات الحكومية لتطبيق الإصلاحات الاقتصادية، وتحقيق الشفافية، ومنع الفساد، باعتبار أن الثقة في مؤسسات الدولة تُعدّ ركيزة لاستقرار العملة.
ليس هناك اقتصاد ينهض دون شراكة حقيقية بين الدولة والمجتمع. وفي اليمن، فإن الحفاظ على قيمة العملة الوطنية يتطلب وعيًا جماعيًا، وممارسات اقتصادية رشيدة، وثقة متبادلة بين المواطن والمؤسسة الرسمية. فلنجعل من كل ريال نحمله مسؤولية وطنية، لا مجرد ورقة نقدية.