أعلن الكاتب الصحفي نجيب صديق، في مقال تحليلي، تفاصيل ما جرى في ظهيرة يوم السبت 3 مايو 2025، حين قدّم الدكتور أحمد عوض بن مبارك استقالته من رئاسة الحكومة، بعد عام وشهرين على تعيينه في 5 فبراير 2024، في خطوة اعتبرها صديق "قرارا صائبا واستباقيا"، أجهض من خلالها محاولة كانت تُعدّ لإقالته من قبل رئيس مجلس القيادة الرئاسي.
وكتب نجيب صديق أن استقالة بن مبارك لم تكن هروبا من المعركة، بل وقفة شجاعة من رجل رفض التماهي مع منظومة الفساد التي نخرت أركان الدولة، من أعلى هرم القيادة وحتى أدنى مؤسساتها. وأضاف أن الرجل حمل مسؤولية ثقيلة، محاولا منذ اليوم الأول إعادة ترتيب البيت الحكومي، وضبط النفقات والإيرادات عبر البنك المركزي بعدن، في محاولة لتأسيس نموذج أولي لدولة مدنية حديثة.
وأكد أن بن مبارك لم يختبئ خلف الزجاج المعتم أو مكاتب التحصين، بل تحرك بين الناس، لامس همومهم، وأحال ملفات فساد إلى أجهزة الرقابة والنيابة، وبدأ فعليًا في إيقاف نزيف الدولة بفعل عقود الطاقة المشتراة، وفتح ملفات شائكة في الكهرباء والمياه والخدمات العامة.
وأشار صديق إلى أن رئيس الوزراء المستقيل واجه تحديات جسيمة، أبرزها تعطيل قراراته من داخل الرئاسة، ورفض بعض الوزراء تنفيذ توجيهاته، بل ومحاولات لإخراجه بطرق غير مباشرة، وصلت إلى حد الدس عند سفير التحالف، وتأليب مجلس القيادة عليه، في وقت كانت فيه البلاد بأمسّ الحاجة لإصلاحات هيكلية، لا صراعات سلطوية.
واعتبر نجيب صديق أن بن مبارك كان يؤمن بعدن كبوابة للمستقبل والتنمية، وسعى لرسم خريطة جديدة للنهضة، لكنه فوجئ بأن الفساد والتغول والمصالح الضيقة تقف جميعها كجدار صدّ أمام كل محاولاته.
وأضاف:"بخطى ثابتة واجههم، وفضح بعضهم، لكنهم تكالبوا عليه… لأنه لم يكن من طينتهم، ولم يخضع لشروطهم، فكان لا بد أن يرحل أو يُرحّل… فكان لهم ما أرادوا."
نصيحة لخلفه: "لا تثق بالوشاة"...وفي الجزء الثاني من المقال، وجّه الكاتب نجيب صديق نصيحة مباشرة لرئيس الوزراء الحالي، الأستاذ سالم بن بريك، دعاه فيها إلى بدء التغيير من داخل مكتبه، قائلاً:"احذر، فقد يخذلك محيطك كما خذلوا سلفك... نظّف مكتبك أولاً، ثم قيّم أداء أعضاء الحكومة، فبعضهم لا يشرف بالانتماء إليها، وراحتهم فاحت".
كما شدد صديق على أهمية مراجعة اتجاهات النفقات والإيرادات، والعمل لما يخدم الخزينة العامة، بعيدًا عن الوشاة والوساطات، مختتمًا نصيحته برسالة روحية: "اختر طريقك إلى الله… احرص، واعتصم، وتوكل عليه.".