في زيارتي لمعايدة اللواء عبدالله سالم العوسجي، سألته، كيف كانت أحداث عشرين يونيو؟
فقال بصوته الحر في خضم هذه الأحداث النضالية للأحرار وضعت قوات الاحتلال العميد حسين عثمان عشال ومجموعة من الضباط رهن الاعتقال بتهمة أنه يمد الثوار بالسلاح، وبعدها قامت قوات بريطانية بالهجوم على معسكر أمن الريف وحصل قتل من الجانبين، أمن عدن أرسل ضابط وجندي للاطلاع على المعركة وفعلًا قتلوا ووصل الخبر إلى الشرطة المسلحة وقامت بالهجوم على خزينة السلاح، وتسلحوا وأخذوا مواقعهم فوق قيادة الأمن وأبلغوا مدير الأمن عبدالهادي شهاب وجاء على الفور، وكان الجنود في حالة استعداد بعد تسليحهم وكان يخاطبهم عليكم ضبط النفس والتأني.
بعدها جاءت دورية بريطانية وأطلق الذين كانوا على مبنى قيادة الأمن النار على الدورية وقتلوهم جميعًا، بعد ذلك وجههم مدير الأمن ليأخذوا مواقعهم خارج المعسكر، وفعلًا طلعوا فوق العمارات المجاورة وجاءت طائرة هوليكبتر على ارتفاع منخفض وأطلق الجنود عليها النار واشتعلت فيها النار وانسحبت.
بعدها جاءت دبابات إلى المعسكر وأطلقت النار على الجنود الذين فوق مبنى الأمن وكان الجنود المتمركزين فوق العمارات يردون على تلك الدبابات حتى انسحبت، ثم أرسل البريطانيون قوة مشاة وقتل بعضهم وأصيب بعضهم الآخر ثم انسحبوا وتأزم الموقف جدًا، ثم أشاروا على قائد القوات البريطانية بالهجوم على مقر الشرطة لأنهم متمردون.
بعدها حاول قائد القوات البريطانية الاتصال بقائد الجيش اليمني حسين عثمان عشال الذي كان رهن الاعتقال، وجاء عشال على الفور إلى معسكر الشرطة ورأى القتلى البريطانيين خارج الشرطة وعاد على الفور إلى مقر قيادته في الجيش واتصل بقائد القوات البريطانية وحذره من الهجوم على معسكر الشرطة، لأن الموقف سينفجر في عدن والريف.
وعندما علم مدير الأمن عبدالهادي شهاب بأن أحد الجنود البريطانيين مصاب في العمارة، قال سنغتنم الفرصة، فاتفق مع جنوده بأن يلبس بعضهم لباس الثوار وبعضهم الآخر يلبسون لباس الشرطة، وعند إسعاف الجندي يظهر له بأن الشرطة تمنع الثوار من المساس بالجندي البريطاني، وقد كان عبدالهادي شهاب رجل عسكري وسياسي وليس له مثيل في ذلك الوقت فأعطى عبدالهادي الجندي البريطاني ثلاث رسائل، رسالة للمندوب السامي، ورسالة لقائد القوات البريطانية، ورسالة إلى مجلس الاتحاد، ووقع عليهن وقال له: شهدت بعينك إن الشرطة هم الذين دافعوا عنك.
بعد ساعتين اتصل قائد القوات البريطانية بعبدالهادي، وقال له:
1/ نقل القتلى إلى مقر القوات البريطانية المرابطة شرق عدن.
2/ حماية عدن من النهب والسلب والتخريب.
بعد 18 يومًا طلبوا عرضًا عسكريًا وكنا خائفين من الغدر، فطلبنا عرض عسكري مشترك، وأخرجنا لهم سبعين رجلًا كالأسود، وتم العرض العسكري، وكان الضابط البريطاني يسألهم أنت من فين؟ وأنت من فين؟ حتى آخر واحد وقال عندنا تأكيدات أنكم أنتم من قتل جنودنا، وكان عبدالهادي شهاب يقاطع كلامه بشهادة الضابط المصاب، وتم الحوار، وبعد عشرين دقيقة خرجت القوات البريطانية من المعسكر.
هؤلاء هم رجال الثورة الحقيقيون الذين وقفوا في مواجهة أكبر أمبراطورية في ذلك الوقت، فتحية للواء عبدالله سالم العوسجي على هذه المعلومات القيمة والتاريخية عن مرحلة من مراحل الكفاح المسلح، ونسأل الله الرحمة لعشال وشهاب ورفاقهم وكل الأحرار.