ارتبط اسم قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الايراني قاسم سليماني الذي قتل بغارة جوية اميركية قرب مطار بغداد الدولي، الجمعة الماضية، باليمن منذ الأيام الأولى للحرب التي قادتها السعودية ضد ميليشيا الحوثي في مارس 2015، وهو ما يجعل لمقتله أثراً كبيراً على الميليشيا التي اعترفت مؤخراً بتبعيتها لإيران، وسط تحذيرات الحكومة اليمنية من تحويل البلاد إلى محطة للصراع في المنطقة.
ولا يوجد حتى اللحظة ما يؤكد زيارة سليماني لليمن، رغم حديث مسؤولين يمنيين حول هذا قبل أعوام، حيث أكد وزير الخارجية الأسبق، رياض ياسين، في 31 مارس 2015، أن الجنرال الإيراني موجود في اليمن.
وقال ياسين، في حوار مع فضائية "الحدث" السعودية، رداً على تقارير إعلامية متضاربة حول مكان سليماني آنذاك: "قاسم سليماني موجود فعلياً في اليمن".
فيما قالت فضائية "بي بي سي" إن سليماني وصل إلى صنعاء بعد مرور 48 ساعة فقط على انطلاق عاصفة الحزم التي أطلقتها السعودية والإمارات في اليمن دعماً للحكومة الشرعية ضد الحوثيين.
وتحدثت القناة عن أن الاجتماع عقد أيضاً بمشاركة قيادات حوثية أخرى، والمشرف الإيراني على مليشيا الحوثي في صنعاء، القيادي في الحرس الثوري عبد الرضاء شهلاي، عبر الشبكة العنكبوتية.
وما إن أعلنت واشنطن مقتل سليماني حتى خرجت جماعة الحوثي بتصريحات هددت خلالها بردٍّ مباشر على عملية الاغتيال، ووصفت الحادثة بأنها "مغامرة كبيرة من شأنها أن تزيد الأوضاع المتوترة في المنطقة سوءاً".
وأدانت وزارة الخارجية في حكومة الحوثيين، غير المعترف بها دولياً، الحادثة، واعتبرتها "اعتداءً غادراً وجباناً"، مضيفة: "مثل هذا الفعل الجبان يرقى إلى مستوى الأفعال الأكثر تهديداً للسِّلم والأمن الدوليَّين، ويكشف بكل وضوح عن حقد أمريكي مضاعف على كل من ينحاز إلى القضايا العادلة".
أما زعيم ميليشيا الحوثي عبد الملك الحوثي، فقد تعهد بأن "دماءهما (سليماني والمهندس) لن تذهب هدراً"، مؤكداً وقوفه إلى جانب من وصفهم بـ"أحرار أمتنا" في "معركة الكرامة والاستقلال والحرية ضد الاستكبار والإجرام الأمريكي والإسرائيلي"، وفقاً للبيان.
في السياق نفسه أدان عضو ما يسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى" محمد علي الحوثي، مقتل سليماني، وقال في تغريدة نشرها على "تويتر": "إن هذا الاغتيال مدان، والرد السريع والمباشر في القواعد المنتشرة هو الخيار والحل"، قبل أن يقوم لاحقاً بحذف تغريدته.
بدوره قال المكتب السياسي للحوثيين: إن "الولايات المتحدة ارتكبت بهذه العدوانية جريمة حرب على كل الأمة وعلى محور المقاومة وعلى القضية الفلسطينية".
وقال المكتب في بيان: "حريٌّ بشعوب المنطقة أن تدرك أن أمنها واستقرارها مرهونٌ بالمضي قدماً في مشروع التحرر حتى طرد المحتل الأميركي".
ويوم الـ6 من يناير، نفذت ميليشيا الحوثيين احتجاجات واسعة في العاصمة اليمنية صنعاء، رداً على مقتل سليماني، كما أقامت صلاة "الغائب" عليه.
إيران ستزيد من دعمها للحوثيين
وقال الناشط السياسي عبد الله السامعي، إن مقتل سليماني سيفقد ميليشيا الحوثي "الرجل الذي كان يرسم سياستها"، لكنه رأى أن ذلك "لا يعني توقف الدعم الإيراني للحوثيين، الذي من المتوقع أن يزداد لأن جزءاً من الرد الإيراني على مقتل سليماني سيكون عبر الحوثيين؛ باستهداف السعودية"، في إشارة إلى حلف الرياض وواشنطن واستضافة المملكة لقوات أمريكية.
وأشار في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن مقتل سليماني "أكد للسعودية أن محاولة فصل الحوثيين عن إيران أمر مستحيل، بعد أن كانت تسعى لذلك بدلاً من استمرار دعم الشرعية للقضاء على مليشيا الحوثي".
وأكد أن إعلان الحوثيين استعدادهم لتنفيذ أي هجوم تطلبه إيران رداً على مقتل سليماني "يؤكد أن طهران لن يكون ردها إلا عبر أدواتها في المنطقة، وستواصل المشروع الذي بدأه سليماني في زعزعة استقرار المنطقة".
وأضاف: "بالرغم من مقتل سليماني فإن التأثير على تسليح الحوثيين لن يتغير كثيراً، باعتبار أن خليفته متشدد ويعتبر اليمن ساحة قِتال رئيسية تخص إيران".
خسارة للحوثيين
أما المحلل السياسي اليمني عبد الرقيب الهدياني فأكد بدوره أن مقتل سليماني "يعتبر خسارة كبيرة للمشروع الإيراني، وخصوصاً مشروع الهيمنة والتوسع الذي دأبت عليه إيران، وباعتباره القناة والوسيلة الوحيدة الذي تمتلكه طهران مع الأذرع الخارجية التي تمثل امتداداً لها في المنطقة وفي مقدمتها ميليشيا الحوثيين".
ولفت إلى أن مقتل الجنرال الإيراني "له تأثير معنوي، ويكسر غرور وطموح ونفسيات الأذرع الخارجية التي ترعاها إيران، في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، وباعتبار الحوثيين المكون الجديد في المنطقة، فهم الأكثر خسارة من بين تلك المليشيا، وهذا ما عكسته ردة الفعل من قبل قيادات المليشيا".
ورأى الهدياني في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن القناة التي كانت تربط بين الحوثيين وإيران "قد كسرت وانتهت بمقتل سليماني، وهذا فأل سيئ على الجماعة مع بداية 2020"، مضيفاً: "خصوصاً أن هذه الصدمة تأتي والمليشيا تمر بأزمات وضائقة كبيرة، وننتظر التداعيات التي ستحصل بالمنطقة".
وأشار إلى أن الحوثيين أصبحوا اليوم في مواجهة مفتوحة مع الأمريكان، "بعدما كانت واشنطن تقوم برعاية حوارات بينهم وبين السعودية".
وأضاف: "بعد هذه الحادثة سيدخل الحوثيون إلى جانب طهران في صراعهم مع أميركا، وهم الآن يدفعون بأنفسهم للتخندق في المشروع الإيراني، وسيكونون جزءاً من الأيدي