كتب / أسعد أبو الخطاب
في عالم السياسة، هناك من يؤمن بالتاريخ، وهناك من يكرره بلا ملل، وكأن الفشل مجرد هواية يجب إعادتها كل بضع سنوات. الوحدة مع اليمن؟ لقد جربناها، وعشناها، وأكلنا من صحنها المرّ، وتجرعنا كأسها المسموم، ومع ذلك، لا يزال البعض يريد إعادة الحلقة الأولى من هذا المسلسل الممل الذي اسمه "احتلال الجنوب"!
الوحدة.. زواج قسري انتهى بالطلاق البائن!
منذ أن وقّع الجنوبيون على الوحدة مع اليمن، كنا كمن يوقع عقد زواج دون مهر، ودون حقوق، ودون ضمانات!
كانت وحدة قائمة على الخديعة السياسية، ثم تحولت إلى احتلال عسكري، والآن يريدون منا أن نعيد القَسَم ونعلن الولاء من جديد!
عذرًا.. ولكننا لسنا ممثلين في فيلم يعاد تصويره كل عقدين!
يا سادة.. الجنوب لم يكن جزءًا من اليمن!
التاريخ ليس وجهة نظر، بل حقائق مكتوبة بدماء الشعوب. الجنوب لم يكن جزءًا من اليمن في أي يوم من الأيام إلا تحت الاحتلال، تمامًا كما أن فرنسا لم تكن جزءًا من ألمانيا إلا خلال الغزو النازي!
فإذا كنتم تؤمنون بأن الاحتلال يصنع الأوطان، فنحن لا نشترك معكم في هذه القناعة!
نحن لا نبحث عن الثروات.. نحن نبحث عن كرامتنا!
دائمًا ما يحاول إعلام الوحدة اليمنية الفاشلة إقناع العالم أن الجنوبيين يريدون فك الارتباط لأن لديهم النفط والموانئ والموقع الاستراتيجي، وكأن الجنوب كان سيقبل بوحدة مع اليمن لو كان فقيرًا معدمًا!
الحقيقة التي يهربون منها أن الجنوب لم يكن بحاجة إلى سبب اقتصادي لفك الارتباط، لأن السبب الحقيقي هو الاحتلال العسكري والاستعباد السياسي والاضطهاد الممنهج!
الوحدة لا تعني أن تأكلني!
في أي دولة محترمة، الوحدة تعني الشراكة، تعني الاحترام المتبادل، تعني دولة لكل مواطنيها.. لكن في الوحدة اليمنية، كانت القاعدة واضحة: الوحدة تعني أن تأكلني، أن تسرقني، أن تمسح هويتي، أن تبيعني في سوق المصالح الدولية!
إذًا، لا تستغربوا لماذا الجنوبيون يريدون فك الارتباط.. فالأمر ليس مجرد خيار سياسي، بل مسألة حياة أو موت!
الجنوب عائد.. شاء من شاء وأبى من أبى!
المضحك في كل هذه القصة أن دعاة الوحدة لا يتعلمون من التاريخ، فبعد كل انتفاضة جنوبية، وبعد كل تضحيات الجنوبيين، وبعد كل معركة يخسرها الشمال على أرض الجنوب، يعودون ليكرروا الأكذوبة ذاتها: الوحدة ثابتة!
لكن الجواب أبسط مما تتوقعون:
الوحدة التي صنعتموها بالمدفع والدبابة ستنتهي بنفس الطريقة التي بدأت بها!
والجنوب قادم، لا ليطالب بحقوقه، بل ليأخذها عنوة.. لأن الحقوق لا تُمنح، بل تُنتزع!