وسط التحديات التي يواجهها العهد والحكومة الجديدة في لبنان في معركتهما الدبلوماسية لحمل إسرائيل على الانسحاب من النقاط على الحدود الجنوبية، وفي حين تمضي تل أبيب قدماً في التحاف الغطاء الأمريكي لإطالة بقائها، أطل رئيس الحكومة نواف سلام من الجنوب، أمس، ليؤكد أن الجيش اللبناني هو المكلف بالدفاع عن لبنان، وعليه مسؤولية الحفاظ على أمن الوطن وحماية شعبه وصون سيادته ووحدة وسلامة أراضيه، متعهداً بالعمل على تمكين الجيش من خلال زيادة عديده وتجهيزه وتدريبه وتحسين أوضاعه، ما يعزز قدراته من أجل الدفاع عن لبنان.
وبالتزامن مع معلومات ترددت من العاصمة الأمريكية، مفادها أن عدداً من النواب يعدون مشروع قانون في الكونغرس يعطي الدولة اللبنانية مهلة 60 يوماً لنزع سلاح حزب الله ولتحقيق أمور أخرى، وإلا فإن أمريكا ستوقف مساعداتها العسكرية للبنان، كان وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، صرح بأن إسرائيل حصلت على ضوء أخضر أمريكي للبقاء في المنطقة العازلة في جنوب لبنان، من دون أن يحدد مساحة هذه المنطقة العازلة ولا أين تبدأ وأين تنتهي، قائلاً: «قدمنا لهم خريطة، وسنبقى إلى أجل غير مسمى، فالأمر يعتمد على الوضع لا على الوقت.. فكيف سيتعامل لبنان الرسمي، رئيساً وحكومة، مع هذا التطوّر الخطير؟».
وفي معرض الإجابة عن هذا السؤال، فإن ثمة كلاماً عن أن الوضع ما بعد اتفاق وقف النار يشكل التحدي الأكبر أمام العهد والحكومة، لا سيما أن هذا الملف مترابط ومتشابك مع التزامات على لبنان القيام بها، وفي حال التخلف تتعثر سائر الملفات، وأبرزها الإعمار المرتبط به ملف الأموال.
ويجدر التذكير بأن إدارة الرئيس دونالد ترامب، كانت أمهلت الحكومة اللبنانية شهراً لانتشار الجيش اللبناني، ونزع سلاح الميليشيات، وعلى رأسها حزب الله، والسلاح الفلسطيني المتفلت في المخيمات، وإلا إدراج لبنان ليكون تحت الفصل السابع، وإرسال قوات دولية لتنفيذ القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، حال امتنعت الحكومة اللبنانية عن تطبيق القوانين الدولية كاملة، المتمثلة بالقرار 1701 و1559.
ثلاثية مترابطة
وفيما لبنان أمام ثلاثية مترابطة الإصلاح ومكافحة الفساد، الإعمار، وتطبيق اتفاق وقف النار، وهذه الثلاثية لا أولوية فيها، فكلها أولويات، وعلى هذا المشهد، أكد الرئيس سلام أن حكومته بدأت، قبل نيلها الثقة في حشد كل الدعم العربي والدولي من أجل إجبار إسرائيل على الانسحاب من الأراضي اللبنانية وما يسمى النقاط الخمس، لأن لا استقرار حقيقياً ومستداماً دون انسحاب إسرائيل بالكامل.
وما بين حدي هذين الموقفين، ردت وزارة الخارجية الفرنسية على كاتس، مؤكدة أن الاتفاق بين إسرائيل ولبنان ينص بوضوح على ضرورة انسحاب إسرائيل، بما في ذلك النقاط الخمس، في حين بدا واضحاً لمراقبين أن هذه المعركة تفرض نفسها بين الأولويات التي ستكون عنوان التحرك الخارجي لرئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، وخصوصاً خلال مشاركته في القمة العربية الاستثنائية في القاهرة.
معركة دبلوماسية شرسة
وهكذا، بدأ لبنان يواجه تحدياً كبيراً على الأرض، كما في الأمن وفي الدبلوماسية أيضاً، لإلزام إسرائيل على الانسحاب الفوري حتى الحدود الدولية، مع ما يعنيه الأمر، وفق إجماع مصادر معنية لـ «البيان»، من أن لبنان سيكون أمام معركة دبلوماسية شرسة في مواجهة واشنطن وتل أبيب في آن واحد، في حين ارتفع منسوب الكلام عن أن المواقع الـ5 ليست لضمان أمن المستوطنات، بقدر ما هي إرساء لمفاعيل اتفاق وقف النار الأخير، الذي منح إسرائيل اليد الأمنية الطولى على امتداد الجغرافيا اللبنانية، وإلى أمد غير معلوم.