في يوميات حياتنا نواجه الكثير من الأشخاص الذين تميزهم طيبة قلوبهم عن غيرهم، المتسامحون مع أنفسهم قبل كل شيء، يتغير كل شيء من حولهم لكنهم لا يتغيرون، ولا يتبدلون، ولا يتلونون، ومهما قست الحياة بحقهم، يبقون ثابتون على عهدهم.
هؤلاء في حقيقة الأمر يعدون جواهر ثمينة ونادرة، لا يمكن لنا أن نجد أمثالهم بسهولة في واقع مليء بالنفاق، ومزدحم بسلبيات لا تطاق، فإن حظيت بهم، يجب الحفاظ عليهم، ومراعاة مشاعرهم، وتقدير صحبتهم، والفخر بهم، فالناس في الدنيا معادن كما يقال.
إنه لمن الحظ أن يكون لديك أشخاص بمثل هكذا سمو وعلو وترفع، يحترمونك، يساندونك، يحفزونك، يدافعون عنك، ويقفون إلى جانبك، متى ما احتجت لذلك، دون مقابل وبلا أي تنازلات، فقط يدفعهم لذلك أخلاقهم وشهامتهم، إلى جانب أعتزازهم بك، وتقديرهم لك، وحرصهم عليك، فكيف لك أن تسيء لهم بأي حال من الأحوال.
أشخاص إن أجبرتهم الظروف على غير ما يتمنون، ولم يجدوا تقديراً من أحد، يؤثرون على أنفسهم، ويلتزمون الصمت، دون أن يظهروا ردة فعل مسيئة بحق الآخرين، بل على العكس من ذلك تماماً، يتألمون ويتجاوزون بهدوء ودون أي ضجيج، وكأن شيء لم يكسر في دواخلهم، مهما بلغ بهم حجم التعب والمعاناة، وهذا هو سر جوهرهم النفيس ومعدنهم الثمين.
إن علينا أن نحترم ونقدر ونعز ونحافظ على هؤلاء الأشخاص، لأنهم بمثابة أمطاراً في زمن الجفاف، وعلينا واجب اكرامهم على صبرهم وعلى رقي حديثهم، وثبات مواقفهم، لأننا إن لم نحترم مثل هؤلاء الرائعون ، فأننا لا نحترم أنفسنا في حقيقة الأمر، فنسمات أخلاقهم العطرة إن حظيت بمكان يليق بها سيعطر شذاها الأرجاء، وستتحول حينها من نسمة إلى عاصفة، لكن عاصفة من تقدير وإخلاص ووفاء، تغيث حياتنا وتمنحنا الأمان والاطمئنان.