في ظل غياب الحلول" جنوب اليمن، على المحك: بين أزمات اقتصادية ومؤامرات سياسي"
تاريخ النشر: الخميس 20 فبراير 2025
- الساعة:22:18:55 - الناقد برس/كتب /وضاح قحطان الحريري
ط
تعيش المحافظات الجنوبية في اليمن ظروفًا اقتصادية ومعيشية صعبة، تزامنًا مع تصاعد الأزمات السياسية الداخلية. وبينما تعاني المناطق الجنوبية من تدني الخدمات الأساسية وارتفاع الأسعار، تتعدد الأسباب التي تقف وراء هذه الأزمات، بدءًا من التحديات الاقتصادية وصولاً إلى الصراعات السياسية التي تعصف بالبلاد. في هذا السياق، يبرز دور الإعلام في تشكيل الرأي العام وتأثيره على مجريات الأحداث، حيث تُستخدم وسائل الإعلام المختلفة للتأثير على الجمهور سواء في الداخل أو الخارج. ورغم المعاناة المستمرة، يبقى التساؤل قائمًا حول كيفية تعامل القيادات الجنوبية مع هذه الأزمات وكيف يمكن تجاوزها للوصول إلى حل يضمن الاستقرار والازدهار في المستقبل. هذا المقال يناقش أبرز التحديات التي تواجه الجنوب، ويعرض خلفيات الأوضاع السياسية والاقتصادية، محاولًا تقديم رؤية شاملة حول المسار الذي قد يسلكه في قادم الأيام.
---
الحرب الإعلامية: استغلال العاطفة لتشويه الواقع
منذ اندلاع الصراع، استُخدمت وسائل الإعلام كأداة للتأثير على الرأي العام؛ حيث يعتمد الحوثيون على خطاب "المظلومية" و"المعركة المقدسة"، بينما يتبنى الإخوان نهجًا يجمع بين الدين والسياسة. ومن خلال الآليات التالية:
حملات إعلامية موجهة: تُصوَّر الجهات المعارضة للمجلس الانتقالي على أنها الجهة الوحيدة المسؤولة عن الأزمات، مع التستر على أدوار القوى المخربة داخل الشرعية.
التلاعب بالعاطفة: يتم بث صور معاناة إنسانية باعتبارها نتيجة مباشرة للحراك الجنوبي، متجاهلين التدخلات السياسية والاقتصادية التي ساهمت في تفاقم الوضع.
تناغم خطابي بين الشرعية والحوثيين: بعض وسائل الإعلام التابعة للشرعية تتبنى نفس النغمة التي يستخدمها الحوثيون، مما يشير إلى تنسيق غير معلن يستهدف تقويض الموقف الجنوبي.
---
استثمارات ضخمة في الشمال مقابل معاناة الجنوب
الدليل بالمصادر
تشير تقارير رسمية إلى تفاوت صارخ في توزيع الاستثمارات؛ ففي ظل الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها اليمن، قامت وزارة المياه والبيئة بتوقيع اتفاقيتين مع منظمات دولية لإطلاق مشاريع مياه بقيمة إجمالية تبلغ 712 ألف دولار. حيث استُثمر 612 ألف دولار في مشاريع بمحافظة تعز، مقابل 100 ألف دولار فقط لمشروع في محافظة الحديدة، في حين لم يُذكر دعم مماثل للمناطق الجنوبية مثل عدن.
هذا التوزيع يثير تساؤلات حول معايير تخصيص المساعدات، خاصةً في ظل استمرار معاناة المواطنين في الجنوب من انقطاع الخدمات الأساسية – الكهرباء والمياه على سبيل المثال – وسط غياب الدعم الحكومي أو الدولي الحقيقي.
أسباب التفاوت
التحكم المركزي في توزيع الموارد: توجه الاستثمارات نحو مناطق الشمال رغم مساهمة الجنوب الكبيرة في الإيرادات الوطنية.
السيطرة على القرارات الاقتصادية: تمثّل القيادات الاقتصادية التي تتبع تيارات معينة مصالح سياسية تؤدي إلى توزيع غير متوازن للدعم.
التحالفات السياسية الخفية: تتآمر قوى شمالية لمنع أي انتعاش اقتصادي في الجنوب بهدف إبقائه تحت ضغط دائم.
---
التناغم بين الشرعية والإخوان في التوزيع الجغرافي للمساعدات
يتضح من خلال مراجعة المشاريع أن معظم الاستثمارات تُوجه إلى مناطق نفوذ تيار الإخوان مثل تعز ومأرب، مما يعكس تناغمًا غير معلن بين الحكومة الشرعية وجماعة الإخوان. هذا التنسيق لا يقتصر على توزيع المساعدات فحسب، بل يمتد إلى تبني خطاب إعلامي موحد مع الحوثيين لتسليط الضوء على أزمات الشمال وتجاهل معاناة الجنوب.
---
القيادات الجنوبية: غياب الدور والمسؤولية
على الرغم من بعض الجهود المبذولة لتثبيت القضية الجنوبية على المستوى الدولي، إلا أن القيادات المحلية تعاني من عدة قصور داخلي:
ضعف تفعيل المؤسسات الداخلية: الجمعية الوطنية والقيادات لم تترجم دعمها النظري إلى إجراءات عملية حاسمة.
الاعتماد على قرارات فردية: غياب آليات عمل مؤسسية يؤدي إلى ترك الأمور لتقديرات شخصية عشوائية بدلاً من خطط استراتيجية واضحة.
. عدم محاسبة العناصر غير الفاعلة: العديد من الشخصيات المتواجدة في مواقع القرار لم تبرز حلولًا جدية للأزمات المتفاقمة وظلت في موقف المتفرج.
ضعف الدبلوماسية الخارجية**
-عدم استغلال الفرص الدولية الدبلوماسية الجنوبية لم تستطع استغلال الفرص الدولية بشكل كافٍ لتعزيز القضية الجنوبية على المستوى الدولي. ما عدا ايجابيات تحركات الرئيس عيدروس الزبيدي في العمل السياسي الدبلوماسية
- غياب التمثيل الفعال في المحافل الدولية التمثيل الجنوبي في المحافل الدولية يفتقر إلى القوة والتأثير، مما يقلل من فرص الحصول على دعم دولي حقيقي.
---
---
إعلام المجلس الانتقالي: الصوت الخافت وسط الحرب الإعلامية
رغم الحملات التضليلية المكثفة التي يشنها الإعلام المعادي، يظل الإعلام الرسمي للمجلس الانتقالي محدود التأثير بسبب:
عدم المهنية في الطرح: أسلوب عرض تقليدي يفتقر إلى الديناميكية والقدرة على مخاطبة الجمهور بفعالية.
. احتكار الإعلام بأيدي غير مؤهلة: يُستخدم الإعلام كمنصة مغلقة، لا يعكس بصورة واقعية هموم الشعب الجنوبي.
غياب الاستراتيجية الإعلامية الواضحة: عدم وضع خطة محكمة لمواجهة الحملات الإعلامية المعادية يجعل المجلس في موقف دفاعي دائم.
---
المجلس الرئاسي: تحركات بلا نتائج وخيارات بلا حلول
منذ تشكله، لم يشهد الجنوب تحسنًا ملحوظًا في الخدمات أو الأوضاع المعيشية، إذ أن المجلس الرئاسي لم يكن ممثلاً حقيقيًا للجنوب بل إعادة إنتاج للشرعية بأسلوب مختلف، يتجلى ذلك في:
غياب الخدمات الأساسية: لم تُقدم حلول عملية لمشاكل الكهرباء والرواتب والصحة.
. تركيز على التوازنات السياسية على حساب العمل التنفيذي: تظل تحركات المجلس الرئاسي تركز على حفظ التحالفات الداخلية دون تقديم حلول ملموسة.
الصمت المطبق تجاه معاناة الجنوب: رغم تصاعد الأزمات، يبقى المجلس الرئاسي صامتًا حيال مطالب المواطنين.
ضعف التنسيق بين المؤسسات الداخلية
-غياب التكامل بين المؤسسات هناك ضعف في التنسيق بين المؤسسات التابعة للمجلس الانتقالي، مما يؤدي إلى تضارب في القرارات وعدم فعالية في تنفيذها.
- عدم وجود خطط استراتيجية موحده: المؤسسات تعمل بشكل فردي دون وجود خطة استراتيجية شاملة تهدف إلى تحقيق أهداف واضحة ومحددة.
العليمي وبن مبارك: وجهان لعملة واحدة
يمثل رشاد العليمي وأحمد عوض بن مبارك امتدادًا للنظام القديم الذي حكم اليمن لعقود، إذ يعمل كلاهما وفق أجندة واحدة تسعى إلى:
إبقاء الجنوب في حالة تبعية سياسية واقتصادية.
. إطالة أمد الأزمة لتحقيق مكاسب سياسية.
. عرقلة أي محاولات للاستقلال الاقتصادي عبر تعطيل المشاريع الحيوية.
---
خاتمة: إلى أين يتجه الجنوب؟
يقف الجنوب اليوم على مفترق طرق حاسم؛ إذ بات من الضروري:
. إعادة تقييم القيادات الجنوبية وإصلاح المؤسسات الانتقالية
لضمان فعاليتها في مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية.
. تحرير الإعلام الرسمي للمجلس الانتقالي
ليصبح صوتًا يعكس واقع الشعب وآماله.
. ممارسة ضغط حقيقي على المجلس الرئاسي
لتحمل مسؤولياته وإجباره على تقديم حلول عملية للمعاناة المتفاقمة.
. كشف الدور الخفي لبعض القيادات داخل الشرعية
التي تعمل على عرقلة أي تحسن اقتصادي في الجنوب.
يبقى السؤال مفتوحًا: هل ستتحمل القيادات مسؤوليتها وتعيد للجنوب مكانته، أم سيظل الواقع جحيمًا يُخيم على الشعب الجنوبي؟