شراكة سعيد في أرض عامر (قصة حقيقية)
تاريخ النشر: الخميس 09 يناير 2025
- الساعة:13:30:00 - الناقد برس/كتبها| صالح أبوعوذل
كنتُ عصر الأربعاء في حي العيادات بالمنصورة، حين اقترب مني رجل في العقد السابع من عمره، يسأل عن "عيادة طبيب". قال إنه يبحث عنها منذ الظهيرة.
أدرتُ نظري في المكان فرأيت اللوحة الخاصة بالعيادة، وأشرت عليها "هذه هي بالقرب".
شكرني الرجل، وأردف بلكنة بدوية قائلاً: "شعه كان با يحصل لي ذي حصل لرسول أمذري، ذي سرح وما عاد رجع؟"
قصة "رسول أمذري" معروفة في أبين، وقد أصبحت مثلًا شعبيًا يُطلق على الشخص الذي يذهب لقضاء حاجة ثم يتأخر في العودة.
تعود القصة إلى رجل يُدعى "هيثم عوض السعيدي"، من منطقة دثينة. أرسله أهل المنطقة إلى لحج لجلب بذور القطن. حين وصل إلى هناك، انشغل بسهرات غنائية ورقصات تقليدية. ولأنه كان شاعرًا موهوبًا، أُعجب القمندان به وبشعره، مما دفع هيثم للبقاء فترة طويلة في الحوطة، حيث وجد فيها متعةً وسحرًا جعلاه يتأخر عن العودة.
طال غياب هيثم لسنوات، حتى أنه عندما عاد إلى دثينة، وجد أن أهله قد تقاسموا الأرض وحرموه من نصيبه. لم يُبدِ اهتمامًا بذلك، بل عاد إلى الحوطة، المكان الذي استوطن قلبه. وهناك، عبّر عن عدم حاجته إلى الأرض التي صادروها عليه أهله، وانشد "هيثم عوض قال ريت الأرض في ودره، با سَلِّيَ القلب مابا بات شي مغبون،
حتى ولا الناس با تِلْقِي عَلَي سَمْرَهْ، القلب ما طاع يقنع والهوى مسنون ".
قلت له مازحاً: يتضح أن الجنوبيين، وقع لهم مثل رسول أمذري".
قال : لا يا أبني، نحن وقع معنا مثل قصة أهل عمر؟
كيف قصتهم؟.. سألته
يسترسل:" أهل عمر هؤلاء من قدانا، كانت معهم أرض "حسينة" على مجرى السيل، وكانت زراعتها يا سلام سلم، المهم الشيبة عمر، شاف ان قد العمر أزف، قال باقسم بين أولادي "الأرض"، "عامر وسعيد"، عشان ما يختلفوا بعدين ويتقاتلوا، دعاهم إلى حوش البيت، وجلس وسطهم، وصيح على العجوز حقه وين (الرشبة)، اسرعي علي اتقاطبوك، جابت له العجوز الـ"رشبة".
وبينما كان يداعب "الجمر" بالملقاط، :"اسمعوا يا أولادي، شعوا الموت ما هوشي بعيد، وأنا ما اباكم تتقاتلون بكرة على هذه الأرض، شعوني قسمتها البارح، شمال الوادي شعوه لسعيد وعياله، وجنوب الوادي، لعامر وعياله، وكل واحد ونصيبه، ولا تزعلوا مني شعوني سويت قرعة والحاجة هي اللي اختارت، انا ما شي حولي.
مرت أربعة سنوات على القسمة، والحاج عمر فوق السوم يُقبل الرشبة، ويضحك مع العجوز حقه، نزل مطر غزير، الكل أوى الدار، نزل سيل كبير جرار ويجرف أرض سعيد وعياله كامل، وأصبحت ولا لها أي اثر".
المهم يا بوك، راح عامر إلى عند سعيد، وطبطب عليه، ولا يهمك يا خوي، راح الشر، الآن تعال با نتقاسم المحصول حقي انا وانت وبا نزرع في هذه الأرض والله با يبارك لنا فيها.
مرت ثلاث سنوات وعامر وسعيد يحرثوا في الأرض، والا... بقية القصة من هنا |