الوجه الآخر للمقامرة الحوثية: وضع البنية التحية اليمنية المتهالكة في مرمى النيران الإسرائيلية
تاريخ النشر: الاحد 05 يناير 2025
- الساعة:03:49:51 - الناقد برس/خاص
تبدي جماعة الحوثي المسيطرة على أجزاء من اليمن إصرارا على مواصلة المواجهة العسكرية ضدّ إسرائيل التي يتوقّع أغلب الملاحظين أن تلجأ إلى ردود على صواريخ الجماعة ومسيراتها أكثر عنفا من تلك التي قامت بها إلى حدّ الآن من ضربات جوية بدت محدودة وانتقائية.
ولا تبدو الجماعة الحليفة لإيران مفتقرة لوسائل التكيّف مع عامل رجوح ميزان القوة العسكرية لمصلحة الدولة العبرية وبالتالي لأدوات حماية سلطتها من الانهيار في وقت وجيز، لكنّها لا تمتلك في الوقت نفسه الأدوات الكافية لحماية البنى التحتية في مناطق سيطرتها، بما في ذلك البنى المدنية والمرافق الحيوية للسكّان، من التدمير عن طريق الآلة الحربية لإسرائيل التي تطبّق في الحروب منظورا يعتبر حواضن أعدائها وجميع المرافق التي يستفيدون منها بشكل مباشر أو غير مباشر أهدافا مشروعة.
ويصبح من هذه الزاوية تصعيد الحوثيين ضدّ تل أبيب واستثارة غضبها مقامرة بمصير السكّان وبالبنى التحتية الضعيفة أصلا والمتهالكة والتي يعتمدون عليها في حياتهم اليومية .
وهددّت القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية الحوثيين بردّ مدمّر على قيامهم باستهداف مواقع في العمق الإسرائيلي باستخدام المسيّرات والصواريخ العابرة.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو موجها تهديداته لجماعة الحوثي وداعمتهم إيران “سنضرب بكامل قوتنا أي طرف يحاول إلحاق الضرر بنا. وسنواصل سحق قوى الشر بقوة ومهارة حتى وإن استغرق الأمر وقتا.”
وتقول مصادر إنّ تل أبيب بصدد الاستعداد فعلا للدخول في حرب باليمن. ونقلت صحيفة التايمز البريطانية عن مصدر إسرائيلي قوله إن هناك خطة تحتوي على خطوات تصعيدية ضد الحوثيين مؤكّدا وجود “نية مؤكدة من جانب إسرائيل وشركائها الدوليين لمواجهة الحوثيين بشكل كامل”.
ويمنح المشهد في لبنان وقطاع غزّة شواهد مادية ماثلة على حجم الدمار الذي يمكن للآلة الحربية الإســـرائيلية أن تلحقه باليمن وبناه المتهالكة. وفي هذا السياق حذّرت عدّة منظمات دولية ومحلية من عواقب شديدة على المدنيين جراء تداعيات الهجمات على البنية التحتية المدنية في اليمن.
وعبّرت تسع وخمسون منظمة إغاثية وحقوقية في بيان مشترك عن بالغ قلقها إزاء الغارات الجوية التي استهدفت البنية التحتية المدنية الحيوية بما في ذلك مطار صنعاء الدولي ومحطات الكهرباء في صنعاء وحجة والموانئ البحرية في محافظة الحديدة وجوارها على الساحل الغربي اليمني.
ومما ورد في البيان “يظل مطار صنعاء شريان حياة أساسيا لليمنيين الذين يسعون للسفر بما في ذلك للعلاج الطبي المنقذ للحياة في الخارج وهو ما أصبح ممكنا بعد استئناف الرحلات المحدودة في مايو 2022”.
كما ذكّر ذات البيان بأن المطار يعد نقطة تسليم حيوية للمساعدات الإنسانية في بلد يحتاج فيه حوالي نصف السكان إلى المساعدة، سبعة وسبعون في المئة منهم من النساء والأطفال.
وأشار إلى أن الهجمات على البنية التحتية للكهرباء مصدر قلق خاص في البلد الذي يوجد فيه أدنى مستوى للاتصال بالكهرباء في العالم حيث يعتمد الملايين من اليمنيين على الكهرباء الخاصة المكلفة، موضحا أنّ استهداف محطات الكهرباء في صنعاء والحديدة سيفرض عبئا أكبر على الأسر اليمنية والبنية التحتية للمياه وسبل العيش والنظام الصحي الهش بالفعل بما في ذلك المستشفيات.
كما أشار أيضا إلى استهداف الموانئ في الحديدة واصفا تلك المنافذ البحرية بالمحطات الأساسية لاستيراد المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة والمواد الغذائية مثل القمح والأرز التي يعتمد عليها الملايين من المدنيين للبقاء على قيد الحياة، بالإضافة إلى الوقود.
ورغم حجم المخاطر التي ينطوي عليها الدخول في حرب واسعة ضد إسرائيل لا يبدو من خلال الخطاب التصعيدي للحوثيين أن الجماعة بصدد الاكتراث بمصير المدنيين وتحمّل مسؤوليتها إزاءهم كسلطة أمر واقع.
ويقوم خطاب الجماعة على مواصلة التهديد والوعيد لإسرائيل وحلفائها الغربيين بمن فيهم بريطانيا والولايات المتّحدة، مستهدفة بذلك تحقيق أكبر قدر من الدعاية باعتبارها داعمة للفلسطينيين وقضيّتهم ومستعدة للتضحية في سبيل ذلك، رغم أن الثمن المباشر للتصعيد سيدفعه المدنيون.
وقال يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، تعليقا على توجيه جماعته صواريخ نحو الداخل الإسرائيلي “مستمرون في عملياتنا المساندة للشعب الفلسطيني، حتى وقف العدوان ورفع الحصار عن قطاع غزة.”
وميدانيا نفذت الجماعة مطلع الأسبوع الجاري عرضا عسكريا للآلاف من مقاتليها بمحافظة الحديدة على البحر الأحمر. ونقلت قناة المسيرة التابعة للحوثيين تصريحات لمشاركين في العرض عبّروا فيها عن استعدادهم لمواجهة إسرائيل “والتصدي للعدوان الأميركي – البريطاني على اليمن”، فيما كتب محمد علي الحوثي، رئيس اللجنة الثورية العليا للجماعة، في منشور على منصة إكس تعليقا على إعلان إسرائيل في وقت سابق اعتراض صاروخ باليستي أطلق من اليمن “ويستمر الدك للكيان وتستمر المساندة لغزة.