لقد جاءت عملية اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران مفاجئة؛ حيث الرجل الأبرز والأهم حاليًا في حركات المقاومة الإسلامية في فلسطين، إذ كانت غير متوقعة بهذه السهولة، كما أنها تنمّ عن عملية استخباراتية بحتة في المقام الأول تمت بالتنسيق مع العدو الحقيقي المشارك في قتل المسلمين في غزة وهى الولايات المتحدة الأمريكية ولكن السؤال الأبرز.. لماذا اغتالت إسرائيل "هنية" في إيران ولم تغتاله في قطر أو تركيا بالرغم من تحركه بين الدول الثلاث؟.
إن عملية اغتيال هنية في طهران تشير إلى عدة دلالات، أما الدلالة الأولى: وهى سهولة الاختراق الواضح والتسلل من قِبَل الجانب الصهيوني في الأراضي والأجواء الإيرانية، لاسيما أنها ليست العملية الأولى، فقد حدثت عدة اغتيالات سابقة في إيران من قبل الكيان المحتل، الدلالة الثانية: وهى تُوحي بوجود عدد كبير من العملاء في طهران الذين يعملون لحساب إسرائيل.
أما الدلالة الثالثة: وهى ربما ينمّ عن مدى التساهل والتراخي من قبل إيران في مقتل إسماعيل هنية، لأنه في النهاية شخصية مسلمة سنّية ليست شيعية ونعلم كم العداء الظاهر والباطن الشيعي لأهل السنة والجماعة، والشاهد في عملية الاغتيال هذه هو مدى الخلل والعجز في الدولة الإيرانية المترهلة وأجهزتها الأمنية المخترقة على الدوام.
هناك دلالة رابعة: وهى أن دولة الاحتلال كانت ولا تزال تستطيع اختراق أجهزة الأمن الإيرانية وقد رأينا ذلك في تنفيذ عدة اغتيالات سابقة على الأراضي الإيرانية، وبالتالي فإن إيران تعتبر الحلقة الأضعف بالنسبة لإسرائيل عن دولتي قطر وتركيا، بالطبع عمليات إسرائيل لا تتم بمفردها؛ إنما بدعم حثيث من الولايات المتحدة الأمريكية الراعي الرسمي والداعم الأكبر لإسرائيل، ولقد رأينا ذلك في استقبال الكونغرس لـ نتنياهو الدموي بحفاوة بالغة؛ بدلا من إلقاء اللوم عليه وسؤاله عن قتل الأبرياء والأطفال والنساء في غزة؛ كون واشنطن المتحدث الأكبر عن الديمقراطية وحقوق الإنسان المزعومة.
ثمّة دلالة أخرى وهى محاولة الحفاظ على العلاقات مع قطر وتركيا؛ كونهما دولتين عربية وإسلامية وبالتالي خشية الاحتلال من ردة الفعل العربي والإسلامي، وفي الوقت نفسه إدراك الكيان المحتل للعداء بين الشيعة وأهل السنّة.