مع أني ضد واقع التعليم المتدني والهش منذ سنوات طويلة، وضد سياسة التجهيل التي تتُبع في معظم مدارسنا، وضد تقاليع التعليم الجديدة والمعلمين التي أُبتكرت في زمننا الحالي واثرت بشكل سلبي على أبنائنا ومستواهم التعليمي..
إلا أن الواقع الذي يعيشه المعلم في الآوانة الأخيرة بات مؤلماً للغاية ولا يُحتمل بأي حالاً من الأحوال في ظل الوضع الذي تعيشه البلد والذي القى بظلاله على كل شيء..
ورغم أن هناك تحفظات كبيرة لنا على واقع التعليم (وهشاشته) التي هو عليها منذ سنوات طويلة، أكان بسبب الوضع الراهن أو الفشل (الإداري) في الإدارات التربوية التي هي هرم (السلك) التربوي وربان دفته..
إلا أن المعلم اليوم بعد أن كاد أن يكون ( رسولا ) تحول إلى (متسولا) ومهموماً ومجهولاً لا محل له من اي تحسين معيشي أو معالجات لواقعه الذي يعيشه في هذه ( المعمعة ) التي تعصف بكل شيء..
بات واقعه أقرب ما يكون ( للمتسول) المتعفف الذي يبحث عن لقمة العيش له ولأسرته براتبه الزهيد الذي لا يكفي في وقتنا الحالي لقيمة كيس دقيق وأرز وسكر ناهيك عن المتطلبات الأخرى التي لاتنتهي..
قديماً قالوا أعطني (معلماً ) ناجحاً أعطيك (جيلاً) متعلماً ومسلحاً بكل أنواع المعرفة، إلا أن المعلم (الناجح) في وقتنا الحالي (أفشلته) ظروف الحياة وصروف الزمان وجنون الساسة وفشل الدولة، فبات هم المعلم ليس الجيل، بل كسرة خبز يسد بها جوع أطفاله..
ليس كلامي هذا تبريراً للفشل التعليمي والتدني القاتل لمستوى التعليم، ولكن هي حقيقة ينبغي أن نعترف بها أن المعلم يعاني المرار ويتجرع العلقم ويكابد ويكابر من أجل لقمة العيش التي لا تأتي إلا بشق الأنفس وجهد القلب والروح..
ولنا أن نتخيل حاله وواقعه في ظل كل مايحدث من إرتفاع المواد الغذائية، تأخير المرتبات، متطلبات المنازل، عوارض الزمان وصروفه، أين هو في كل هذا براتب زهيد في أحسن حالات ثمانون الف ريال متهالكه أو يزيد قليلاً..
هي دعوة لمن به (صمم) أكرموا عزيز قومٍ ذل ، وأعيدوا للمعلم (هيبته) وقيمته ومكانته وإحترامه وحافظوا على ماتبقى من (كاد المعلم أن يكون رسولا)...