في كل البلدان العربية والإسلامية وشعوب العالم الأخرى ،عندما تجتاح أي منطقة الحرب ينزح اهلها تحديدا إلى مناطق أخرى أكثر أمان ،الا في العربية اليمنية الذين لم يفهموا معنى النزوح المتعارف عليه عالميا ،فبعد عاصفة الحزم نزح الملايين من أبناء العربية اليمنية إلى الجنوب ،والطامة الكبرى أن أغلب النازحين الذي وصلوا إلى الجنوب نزحوا من مناطق آمنه لم تصل إليها الحرب قط إلى الجنوب العربي ،مما سبب مشاكل اقتصادية وفي الخدمات كالمياة والكهرباء والتعليم والصحة ،ناهيك عن انتشار الممنوعات كالمخدرات والخمور وغيره.
نحن كجنوبيين نعلم أن موجة النزوح التي مازالت مستمرة إلى الجنوب لن تتوقف على المنظور القريب لأن لها أهداف خبيثة يريدوا تحقيقها،والتي تقف خلفها القوى اليمنية وبعض الدول المعادية لقضية الشعب ،والهدف هو سياسي من أجل إغراق البلاد في مستنقع الفوضى والاحتراب حتى تسنح لهم الفرصة لينقضوا عليه من كل الاتجاهات لإعادته إلى زريبة باب اليمن مرة أخرى ،فالقوى المعادية في العربية اليمنية استخدمت كثير من الأوراق لتركيع أبناء الجنوب ، منها الحرب العسكرية والأعمال الإرهابية ففشلت ،واليوم سلكت طرق أخرى اهمها هذه الحرب الاقتصادية وحرب الخدمات وظاهرة النزوح الممنهج المدعوم والممول لتحقيق كثير من المآرب التي تريدها هذه القوى بعد أن أثبتت فشلها في الجانب العسكري .
لقد دفعت القوى اليمنية بالملايين من اليمنيين إلى الجنوب العربي في خطوة عدها مراقبون للشأن السياسي الجنوبي بأنها الأخطر على مستقبل قضية شعب الجنوب ،والتي يسعون من وراءها إلى إحداث تغيير ديموغرافي في التركيبة السكانية للجنوب ،ناهيك عن بعض الأعمال الشيطانية الأخرى التي يعاني منها وطننا الحبيب جراء موجة النزوح اليمني المشبوه والغير مبرر تحديدا في هذه الظروف بعد أن شارفت الحرب على وضع أوزارها ،لاسيما وأن أغلب النازحين يأتون من مناطق ليس فيها أي حرب ،وهذا أمر خطير وله تداعيات على الجنوب سياسية واجتماعية واقتصادية وعسكرية خاصة في هذا الوضع الذي نعيشه في ووطننا بسبب كثرة الأعداء الذي ينظرون للجنوب بنظرة الحقد الدفين وانه الفرع الذي عاد إلى الأصل، حسبما يزعمون دعاة اليمننة المفروضة علينا بقوة السلاح .
كثير من المراقبين والمحللين يرون أن النازحون من أبناء العربية اليمنية هم قنبلة موقوته زرعت بين أوساط الجنوبيين في مختلف المحافظات لاسيما المدن الرئيسية مثل عدن، وزنجبار والمكلا ووادي حضرموت ،وعتق والغيظة، وحديبو والضالع ،وهذا لا خلاف حوله فعلا هم نار تحت الرماد ستنفجر متى أراد اللاعب المحلي والدولي تحريكم، ناهيك عن اللاجئين الأفارقة الذين تكتظ بهم شوارع وازقة العاصمة عدن ،وهذا له مخاطر على مستقبل قضية شعبنا ،وله أكثر من دلالة وعلامة استفهام على هذه العدد الكبير الذي زج به لجنوبنا الحبيب ،الكل يدرك أن هذا تقف خلفه القوى المعادية التي تتربص بالجنوب وتريد التهام المجلس الانتقالي بأي طريقة ،لكنها لن تستطيع مهما عملت وخططت فالفشل مصيرها ،لان الجنوبيين قد حددوا هدفهم ووحدوا صفوفهم خلف المجلس الانتقالي، واغلقوا كل المنافذ التي قد تمر عبرها هذه القوى المعادية .
ملف النزوح هو من اخطر الملفات التي ستواجه الجنوب ،فيما إذا تم استفتاء شعب الجنوب في أي مرحلة من المراحل في المستقبل ،فهذا الكم الكبير من النازحين اليمنيين الذين يحملون هويات على أنهم من أصول جنوبية ،بحاجة إلى معالجة سريعة وجذرية من قيادتنا السياسية ،وان لا تغفل كثيرا عن هذا الملف لانه الأخطر على مستقبلنا كجنوبيين ،وان تضعه ضمن أولوياتها ،في أي تسوية سياسية قادمة وأن يبقى النازح نازح حتى وإن كان مسئول ،لاننا نحن في الجنوب قد ذقنا المرارة منهم إبان دولة الجنوب السابقة ،وفي ظل الوحدة المذبوحة سقونا كؤوس القهر والحرمان ،ودمروا كل شي جميل كان موجود في ووطننا الغالي بحجج واهية ،وحرموا أجيالنا من العيش الكريم وسلبوا البسمة من شفاة أطفالنا وشفطوا ثرواتنا بإسم الوطن و الوحدة أو الموت .
الشيء الذي يثير الدهشة والإستغراب هو الإهتمام الكبير الذي يحظى به هؤلاء النازحين ومايحصلون عليه من حقوق ورواتب مغرية وبالدولار من المنظمات الدولية ،ناهيك عن مايقدم لهم من مستحقات ورعاية وعطايا واهتمام كبير جدا من القوى اليمنية في الرئاسي وحكومة المناصفة فهم يأكلون من أفضل الأطعمة، ويمتلكون أفخم الموديلات من السيارات ويسكنون في أرقى القصور ، ويلبسون من آخر الموضات ، ويمتلكون جوالات متطورة ، بالاضافة إلى مخططات الاستيطان الجماعي لهم في بعض المحافظات والمبالغ المهولة التي يدفعونها لاستئجار شقة معينة والتي تصل أحيانا إلى 700 ريال سعودي ،بالله عليكم ياجماعة هل هؤلاء نازحين بالمفهوم المتعارف عليه في قانون النزوح ؟ وهذا له تفسير واحد فقط أن هناك قوى محلية وإقليمية ودولية تقف خلفهم ،وهي من تقدم لهم التسهيلات وتدفع لهم الأموال الطائلة ،تخيلوا صاحب الأرض غير قادر على استئجار شقة لأولاده وغير قادر على توفير كسرة خبز لهم،بينما الغرباء القادمين من وراء الحدود والذين يحملون صفة نازح يمني يحظون بإمتيازات كبيرة وعلى حساب شعبنا المغلوب على أمره ،وكلها من ثروة جنوبنا الحبيب المستحوذ عليها عصابات الإحتلال اليمني التي تستخدم المال السياسي لتركيع هذا الشعب الصامد والصابر على نار الحاجة والعوز وجحيم الفقر الذي وصل إلى كل بيت ،نحن لم نرى نازح يترك بلده ثم يعود إليها في المناسبات الدينية والعودة إلى بلد النزوح الا في قانون العربية اليمنية ،الذين اتخذوا من صفة النزوح غطاء سياسي لجني الأموال وإضافة عبئ على شعب الجنوب الذي يعاني من ازمات متعمدة في الخدمات والرواتب .
على قيادتنا السياسية في المجلس الانتقالي الجنوبي ممثلة بسيادة الرئيس عيدروس الزبيدي إعادة النظر في ملف النزوح الممنهج والغير مبرر إلى بلدنا ووضع حد لهذه الأمواج البشرية التي تتدفق إلى الجنوب على بإستمرار دون حسيب ولا رقيب ،ووضع حلول جذرية له لأنه شكل عبئ كبير على أصحاب الأرض وله خطورة على مستقبل الجنوب قبل أن تقع الغأس في الرأس ،قد يستغرب البعض من عنوان مقالي ،فما دام رئيس الحكومة يمني فكل شيء جائز ولا غرابة في ذلك أن النازح عندنا يحظى بدرجة وزير ،ونحن على ثقة في قيادتنا السياسية بأنها ستقلم ماتبقى من أظافر الفاسدين الذين مازالت أياديهم تعبث بأموال الشعب ،وسيأتي اليوم الذي سيتحقق فيه تطلعات شعبنا الجنوبي بإذن الله ..والله من وراء القصد .