يرصد سكان عدد من مناطق جنوب اليمن بقلق النشاط المتزايد لعناصر تنظيم القاعدة في مناطقهم، في مؤشّر على محاولته إعادة تنظيم صفوفه والعودة إلى تلك المناطق التي كان قد طرد منها بمجهود حربي كبير شاركت فيه بفعالية قوات جنوبية ونخب عسكرية محلية.
وجرى طرح المخاوف من عودة التنظيمات الإرهابية إلى جنوب اليمن أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتّحدة في جنيف من قبل المجموعة الجنوبية المستقلة، في وقت استنكر فيه المجلس الانتقالي الجنوبي ما اعتبره صمتا مستمرا من الحكومة اليمنية والمجتمعين الإقليمي والدولي، والمبعوث الأممي إلى اليمن إزاء العمليات الإرهابية ضد القوات العسكرية والأمنية الجنوبية
وجاء ذلك في أعقاب سلسلة من الهجمات الدامية شهدتها مناطق بجنوب اليمن على مدى الأشهر الماضية وخلّفت عددا من القتلى والجرحى غالبيتهم من منتسبي القوات الجنوبية. وما يضاعف القلق الأمني في جنوب اليمن وجود شكوك في عملية تلاعب سياسي بورقة القاعدة ومحاولة استخدامها في مقارعة خصوم في مناطق بعينها بهدف منعهم من التمركز فيها وبسط نفوذهم السياسي والأمني داخلها.
ويعتبر المجلس الانتقالي أنّه على رأس المستهدفين كونه يعتبر الكيان الأكثر وزنا سياسيا وأمنيا في جنوب البلاد، مستدلاّ على ذلك بتركيز الهجمات الأخيرة لتنظيم القاعدة بشكل واضح على قواته.
ويرى مراقبون أنّ عودة نشاط القاعدة في ظلّ التهدئة التي يشهدها اليمن وبالتوازي مع تسارع جهود البحث عن حل سلمي للصراع في البلد تثير المزيد من الشكوك في استخدام مسيّس لورقة الإرهاب، خصوصا وأن عدّة قوى تتخوّف من نفوذ المجلس الانتقالي الذي يصرّ على المطالبة بعودة دولة جنوب اليمن في إطار أي تسوية سياسية قد يتم التوصّل إليها مستقبلا.
وتمّ في اجتماع عقدته هيئة رئاسة المجلس مؤخرا النظر في “تداعيات تصعيد قوى الإرهاب لعملياتها الإجرامية ضد القوات العسكرية والأمن الجنوبيين”. وندّدت الهيئة في اجتماعها الذي انعقد برئاسة علي الكثيري القائم بأعمال رئيس المجلس، بالصمت الحكومي والإقليمي والدولي والأممي على تلك العمليات، داعية القوى الفاعلة إقليميا ودوليا إلى دعم القوات الجنوبية في معركتها المصيرية ضد التنظيمات الإرهابية.
وغير بعيد عن سياق التحذير من عودة النشاط الإرهابي إلى جنوب اليمن، قال نصر العيسائي ممثل المجموعة الجنوبية المستقلة في كلمة بالجلسة العامة لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إنّ الجنوب يعيش تحت وطأة تهديد تنظيمات إرهابية مستنفرة تتربّص بالأمن والاستقرار في المنطقة، مستدلاّ بالعملية التي استهدفت مؤخّرا قائد الحزام الأمني في محافظة أبين التي قال إنّها شهدت مؤخرا انتشار جماعات متطرفة مثل القاعدة مدعومة بسلاح تتلقاه من مناطق سيطرة الحوثيين في الشمال.
ودعا العيسائي الأمم المتحدة إلى استجابة فعالة لمكافحة ظاهرة دعم الجماعات الإرهابية في الجنوب بالسلاح من مناطق سيطرة الحوثيين. وعلى مدى الأشهر التسعة الماضية من العام الجاري قتل وجرح العشرات من أفراد القوات الجنوبية في هجمات نسبت إلى تنظيم القاعدة.
ويقول مطلّعون على الشأن الأمني بجنوب اليمن إنّ عمليات التنظيم موجّهة بشكل خاص صوب قيادات أمنية وعسكرية جنوبية لعبت أدوارا رئيسية في محاربة تنظيم القاعدة، وذات مواقف صارمة تجاه اجتثاث التنظيم بشكل كامل ومعترضة بشدّة على ما يدعو إليه البعض بشأن مهادنته والتعويل على بعض الوجوه القبلية للجم عناصره المنتمين إلى بعض القبائل.
وعلى مدى السنوات الماضية انخرطت النخب الأمنية المحلية وجميع القوات التابعة للمجلس الانتقالي بقوة في عدّة عمليات استهدفت تنظيم القاعدة من بينها عملية “سهام الشرق” التي نفّذت على مرحلتين بدءا من أغسطس 2022 وأفضت إلى سيطرة تلك القوات بشكل كامل على أكبر معاقل التنظيم في أبين بما في ذلك معسكر عومران الإستراتيجي شرقي مديرية مودية وهو ما يفسّر تركيز التنظيم الاستثنائي على أبين.
والأربعاء الماضي أودت عبوة ناسفة استهدفت دورية عسكرية لقوات الحزام الأمني بمودية بقائد قطاع شقرة سالم صلعان. وجاء الهجوم بفارق يومين فقط عن انفجار مماثل استهدف موكب قائد قوات الأمن الخاصة بالمحافظة ذاتها اللواء فضل باعش. ولم يسفر الهجوم سوى عن إصابة عدد من مرافقيه بجروح. وفي أغسطس الماضي قتل قائد قوات الحزام الأمني بأبين العميد عبداللطيف السيد بتفجير عبوة ناسفة في موكبه، في هجوم تبناه تنظيم القاعدة.