كتب / جمال لقم
في إحدى الأمسيات الصاخبة تقدم شخص إلى إحدى الحسناوات و همس في أذنها قائلاً .. هل تقبلين تمضية الليلة معي مقابل مليون دولار ؟ فأجابت قائلة له بكل تأكيد ، ثم سألها مرة أخرى بأن يكون ذلك مقابل مئة دولار ، فغضبت و كشرت أنيابها في وجهه و ردت بقولها من أنت و هل تعرف من أكون ؟!! ، فأجاب بقوله سبق و أن عرفنا من تكونين (عاهرة) و الخلاف بيننا الآن فقط على السعر ..
تذكرت تلك القصة و أنا أقراء الرسالة المطولة التي وجهها مجلس النواب إلى رئيس الحكومة معين عبدالملك و الرسالة التي تبعتها من قبل عضو مجلس الرئاسة عثمان مجلي ، فلو أن الرسالتان أكتفتا بالحديث عن فساد معين و حكومته و طالبتا بإحالة معين إلى القضاء لكانتا أكثر صدقاً و تأثيراً و واقعية ، لكن تركيزهما بالحديث عن السيادة و الوطنية و إنتهاكها فيما يخص إتفاقية الإتصالات مع شركة الإتصالات الإماراتية NX , فقد أفقدت الرسالتان مصداقيتها و أفرغتهما من جوهرها الذي كان ينتظره المواطن و هو محاكمة معين لفساده الذي يعرفه القاص و الدان لسنين مضت و الذي لم يكتشفه النواب الا مؤخراً و مثلما أكتشفوا مؤخراً أن للوطن سيادة و أن شركة NX ستنتهكها قريباً .. *من سيخبر هؤلاء أن الوطن قد بيع في سوق النخاسة الدولية حين صدر قرار مجلس الأمن بوضع اليمن تحت الوصاية بالبند السابع ؟* ...*و ألم يسمع هؤلاء صراخ كبيرهم الذي علمهم السحر و هو يتحدث أن سيادة الوطن قد ذهبت بالبند السابع ؟* ، و منذ ذاك و السيادة تنتهك شرقاً و غرباً ، شمالاً و جنوباً من هذه الدولة و تلك و تاك و من الذي يسوى و من الذي ما يسواش ، فالباب مفتوح على مصراعيه خلال العقد من الزمن الماضي ، فحتى أريتيريا تنتهك بحارنا و تعتقل صيادينا في مياهنا الأقليمية ، بل و حتى المهاجرين الأفارقة يدخلونها و يسرحون و يمرحون و يغادرون و لا سائلين في أحد ، فعن أية سيادة يتحدث هؤلاء ؟
أضحكتني مقولة هؤلاء من أن إتفاقية الإتصالات مع NX تمت بذهاب مؤسسات الدولة إلى خارج الوطن لتوقيعها و يفترض أن يكون العكس و هذا ما يعتبره هؤلاء إنتهاكاً صارخاً لسيادة الوطن ، و مع أن الإتفاقية تجارية إستثمارية إلا أن هؤلاء تناسوا أنهم ذهبوا إلى الرياض ليطيحوا برئيسهم و ليبيعوا شرعيتهم و الأدهى من ذلك ليبيعوا القرار الوطني و بايعوا السفير و لجانه الخاصة ليكونوا أوصياء على الوطن و قراره و مستقبله و بات السفير آل جابر و الوسيط غادين و سارحين و عائدين ما بين الرياض و مسقط و صنعاء ليقررون مستقبل الوطن مع الحوثيين دون الأخذ و لو بأدنئ الإعتبارات لمجلي و مجلسه أو للبركاني و مجلسه..
هانس غروندبرغ من باب أنه مبعوث الأمم المتحدة للسلام في اليمن و باب أن السفير الأمريكي و خارجية أمريكا يمثلون إحدى الدول الرباعية في الملف اليمني و كذلك بريطانيا و من باب *(أن الجيد يعرف لنفسه و الفسل تعرف له الناس)* و كون ما يحدث بين الرياض و مسقط و صنعاء مخجل و مهزلة في حق اليمنيين و وطنهم فقد اعلنوا مراراً رفضهم لتلك المهزلة و أن أية إتفاقيات أو مشوارات لابد و أن تكون بين اليمنيين أنفسهم ، بينما أصحاب السيادة سلطان و مجلي و لا (نخس) مثل (رواحل) معاصر (الجلجل) حط السفير على و جوههم و أفواهم (لجام) .. *فهل لمثل هؤلاء حقاً للحديث عن سيادة الوطن؟*..
لست من *(مطبلي)* و لست من *(ملمعي)* معين عبدالملك و مقالي ليس *(مدفوع الأجر)* و لكن كمواطن عادي أرى أن الإتفاقية مع شركة NX ستكون مورد مالي مهم للحكومة و ستفقد الحوثيين مورداً مهماً من الأموال التي تستخدم لدعم جبهاتهم العسكرية و على الأقل فالإتفاقية تمت بحضور حكومة الشرعية و بعض من مؤسسات الدولة الشرعية ذات الصلة ، و هذا على العكس تماماً من إتفاقية مماثلة أبرمتها شركة الإتصالات YOU العمانية مع حكومة صنعاء دون أن تضع أي إعتبار أو حضور للسلطة و الحكومة الشرعية *(و لا حتى سلام )* و ما بين إتفاقيتي *NX* و *YOU* لم يكن الخلاف على السيادة ، فقط كان الخلاف على سعر .... *!!* .
جمال لقم
31 أغسطس 2023م