كتب / م.جمال باهرمز
سنفتقده كثيرا...
سنفتقد وجهه الجميل البشوش الذي يشع نورا ويتبسم طهاره.
سيفتقده ابناؤه ونحن منهم وهو خير صديق ومربي ونموذج قولا وفعلا.
سيفتقده أبناء وبنات اخوته وأخواته ونحن منهم وهو كان القدوة التي تسير أمامنا في خير سيرة.
سيفتقده أحفاده الصغار الذين يفرحوا حد الهرولة إليه حين عودته إلى بيته حاملا إليهم الرحمة والعطف والإبتسامة المبشرة وابسط مثالا يحضرني الان .
حين يعود في أغلب الأحيان حاملا في شنطته الجلدية التي في جزئها الأكبر ملفات المحاكم والقضايا وسجلات العمل .
وفي جزئها الأصغر الذي لاتفارغه اكياس النعنع أو الحلوى خصيصا لاحفاده الصغار.
سيفتقده جيرانه والذي كان لهم نعم الجار ونعم رجل المواساة والمواقف في العسر واليسر ورجل الرحمة والأمانة .
سيفتقده طلابه وتلاميذه الذين حفر في ذاكرتهم خير مربي ومعلم وموجه.
سيفتقده مجتمعه الذي كان حين تضيع على البعض منهم الخطوات الصائبة يكون مرجعهم ومفتيهم وقاضيهم .
كان معلماً للأجيال في السبعينيات بعد استبعاده من القضاء ودرس في أكثر من مدرسه وآخرها ثانوية لودر وتخرج على يديه المئات من الذين تبوأوا مناصب عليا في الدولة و كان بعد ذلك رئيس محاكم استئناف أبين والبيضاء وعضو في المحكمة العليا .
وقبل ذلك ولازال حتى قبل مرضه ومماته مفتياً وقاضياً شرعيا في مجتمعه.
وهذا ليس بجديد بل معروف لدى قبائل أبين وشبوة والبيضاء وحتى في مأرب.
كان إذا دخل مجلس تصدره .وأصبح صاحب الكلام والأحكام أن ققل منه او اكثره...
ففي حضرته كان الصغير والكبير .الوزير والغفير الشيخ والكل مستمعون منصتون مهتمون لكل صوت يصدر منه ..صغيرا كان أو كبير.
لم يكن يبحث عن مال أو جاه .
ولكنه كان يقضي بين الناس بما يرضي الله.
سار على نهج والده الذي احسن تعليمه وتربيته .
القاضي والعالم الجليل الشيخ عمر بن محمد عثمان باهرمز قاضي ومفتي السلطنة العوذلية.
مات عمي في الدمام في غير أرضه ودفن اليوم هناك.
مايحز في النفس أننا لازلنا في بقايا دولة عميقة يرحل الرجال المصلحون والصالحون في مجتمعاتهم والقدوة في أعمالهم وبصماتهم.
مع صمت حكومي وإعلامي رسمي .
ويرحل الفاسدون بتشييع حكومي وإعلامي رسمي في أكثر من عاصمة.
وهم من أفسد في الأرض وتسبب بهذا الدمار والخراب ولا زالوا حتى بعد مماتهم بما رسموه لأولادهم في طريق الفساد والنهب والاجرام.
اللهم إن عمي وشيخي ومعلمي وأستاذي العالم الفاهم / سالم عمر بن محمد عثمان باهرمز القاضي المتواضع.الزاهد الخاشع.الساجد الراكع في رحمتك وبين يديك فارحمه برحمتك واعف عنه بعفوك وأدخله فسيح جناتك بكرمك ياذا الجلال والاكرام .
اللهم أفسح له في قبره بعدد خطاه التي سعى فيها لإصلاح ذات البين بين الناس .
اللهم امنه من خوف يوم القيامه وطمنه من فزع القبر وآلامه مثلما أمن وطمأن كل أسرة تشردت من ثأر وقبيلة فزعت من حرب بأحكامه وقضائه بين القبائل والأسر بما أنزلته في كتابك وبسنة نبيك المصطفى صلى الله عليه وسلم .
اللهم أسعده في جنتك كما اسعد المظلوم ورد حقه من الظالم وسعى لينام الناس آمنين مطمئنين بقضاء عادل وشرع يطيب له النفوس.
اللهم ارزقه بكل حرف خطته يداه مفتيا وقاضيا ومصلحا بين الناس سعادة في آخرته .
اللهم اجبر بخاطره ونور قبره عن كل سطر سطره في أحكامه فرع بين المتخاصمين من الناس أو القبائل ونزع عنهم شرا كان ينتظرهم أو كبر كان يعلو رؤوسهم أو حرب ستحصد رجالهم ومالهم وأموالهم.
ولاحول ولاقوة الا بالله والحمدلله على كل حال .وانا لله وانا اليه راجعون.
م.جمال باهرمز
١٩-يناير-٢٣م