كثيرة هي الأزمات الداخلية في لبنان، من بينها أزمة النفايات التي تعد واحدة من أبرز الملفات العالقة هناك، والتي فشلت الحكومة على مر سنوات طويلة في وضع حد لها.
في 22 أغسطس/ آب 2015، شهد لبنان احتجاجات كبيرة عرفت باسم "طلعت ريحتكم"، بسبب تراكم النفايات في شوارع بيروت وسائر المناطق، وطالبت بإقالة الحكومة.
يحاول وزير البيئة فادي جريصاتي، منذ فترة طويلة متابعة موضوع النفايات لوضع خطة لمعالجة المشكلة لتجنب وقوع الأزمة، وبات التفكير في المحارق هو الأقرب كحلّ طويل الأمد، إلا أن هناك حاجة لحلول سريعة مؤقتة لتفادي انتشار النفايات على الطرقات.
وفي 3 يونيو، أطلق جريصاتي حملة وطنية لتنظيف الشاطئ اللبناني وبحره من النفايات، تحت عنوان "نظف سمعتنا"، وشملت 120 موقعًا تم تحديدها من قبل الوزارة.
حملة وزارية
قال فادي جريصاتي في الحملة إنّ "هذه الحملة تحمل رسالتين، الأولى موجّهة إلى الداخل اللبنانيّ بأن يعي من يرتاد الشاطئ أهميّة عدم رمي النفايات.. ولنقول إنّنا واعون للأثر البيئيّ على اقتصادنا".
وأضاف: "أمّا للخارج فإنّ الرسالة هي للدول الشريكة في البحر المتوسّط بأنّ لبنان مسؤول، ومن هنا، جاءت فكرة هاشتاغ الحملة، وأقول لكم سننظّفها وسنصل إلى أيّام تكون سمعتنا أفضل".
ورغم المشاركة الكبيرة التي حظيت بها هذه الحملة، إلاّ أنّها قوبلت بالكثير من الانتقادات، بسبب الهدف الذي انطلقت منه، وهو تنظيف سمعة اللبنانيّين، ليأتي الردّ من ائتلاف إدارة النفايات في بيان السبت بـ8 حزيران/ يونيو الجاري، تحت عنوان "لننظّف صحّتنا قبل سمعتنا"، على اعتبار أنّ صحّة اللبنانيّين أهمّ من سمعتهم.
شروط السلامة
وجاء في البيان "إذ يثني الائتلاف على أيّ مبادرة لتنظيف البلد من النفايات، يستغرب أولويّات وزارة البيئة، في ظلّ الأوضاع الراهنة".
وأضاف البيان "نحن في دائرة الخطر والأجدى بنا، قبل تنظيف سمعتنا، أن نبادر فوراً إلى إيجاد الحلول الجذريّة لتنظيف دمنا ورئتينا من السموم التي نتنشّقها ونأكلها ونشربها".
ولأنّ النفايات التي جمعت بغالبيّتها سيكون مصيرها المطامر البحريّة، قال الائتلاف في البيان: "من الضروريّ الحفاظ على الشاطئ، لكن هكذا لن نحل المشكلة، إذ لن تجدي نفعا لملمة النفايات، وفي الآن نفسه ينتشر ما يقارب ألف مكبّ عشوائيّ للنفايات على ضفاف الأنهر، ولن نحدث أيّ فارق في وضعنا المأسوي وشاطئنا موبوء بمطامر بدأت بالعمل من دون دراسة تقييم الأثر البيئي، ولا نعرف إذا كانت تتمتع بأدنى شروط السلامة".
سبب الأزمة
رياض عيسى، الناشط المدني اللبناني، قال إن "ملف النفايات أزمة متجدد على المستوى اللبناني، بسبب غياب الرؤية الواضحة عند الحكومة ووزارة البيئة لمعالجة هذا الملف الشائك.
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "الحكومة اللبنانية دائمًا ما تبحث عن طريق سهل للتخلص من النفايات، إما عن طريق الطمر (دفن) أو الحرق، وهو ما يصاجبه رفض كبير من قبل النشطاء المدنيين ونشطاء البيئة".
وتابع "بات طرق مثل الطمر والحرق مرفوضة على المستوى العالمي، لأنها تسبب أضرارًا بالغة تضر بالبيئة وتصيب المواطنين بالأمراض الخطيرة".
طرق الحل
وأكد أن "الحكومة تصر على استخدام تلك الطرق القديمة، للتخلص السريع من النفايات"، مشيرًا إلى "أن الدولة اللبنانية تتخلص من النفايات حاليًا بردمها في البحر، أو في المكبات العشوائية، أو رميها في الوديان وعلى قمم الجبال، ما يزيد من الروائح الكريهة، والأمراض والأوبئة والحشرات".
وعن طرق الحل للتخلص من هذه الأزمة، قال عيسى: "لابد أن تعطي الحكومة المجال للبلديات والمحافظات للمشاركة في التخلص من النفايات، وإشراك المجتمع المدني في الفرز".
واستطرد "مطلوب وضع خطة طارئة يشارك فيها المجتمع المدني والخبراء، لإعادة تدوير النفايات، أو تصديرها للخارج كما كان مطروحًا في السابق".
وتحذر المنظمات المدنية والبيئية منذ فترة من احتمال عودة أزمة النفايات إلى شوارع لبنان مجددًا، خصوصا في منطقتي بيروت وجبل لبنان، لأن القدرة الاستيعابية للمطامر البحرية شارفت على الامتلاء.