لم تخرج فرنسا عن سياستها الحذرة إزاء التعاطي مع ما يحصل في الجزائر وبقيت اللهجة الرسمية مقتضبة وتقتصر على كلام عام كرّره وزير الخارجية، جان إيف لودريان، الأربعاء، أمام النواب خلال الجلسة الأسبوعية لاستجواب الحكومة، إذ قال إنه "يجب ترك العملية الانتخابية تأخذ مجراها في الجزائر، وهو بلد ذو سيادة"، مشيراً إلى أن فرنسا بطبيعة الحال تتابع بانتباه الاستحقاق الانتخابي المهم في الجزائر "بسبب الروابط التاريخية بين البلدين" مذكّراً بأن "ما يقرب من أربعة ملايين شخص من أصول جزائرية يعيشون" في فرنسا.
وما لم يقله لو دريان قاله مسؤول فرنسي كبير رفض الكشف عن اسمه، وبدا هذا المسؤول واثقاً من عدم وجود سيناريو كارثي في الجزائر لكنه، وفي المقابل، ردّ على سؤال عمّا إذا كانت فرنسا تخشى على أمنها من تطورات الجزائر فقال "إذا اشتعلت الجزائر يجب الخوف على الجميع فهي أكبر بلد إفريقي، لكنّ هذا السيناريو ليس وارداً الآن، لا داعي للهلع، في الجزائر ليس هناك سيناريو تونس 2011 (..) الدولة الجزائرية ليست منهارة، المؤسسات متماسكة، هناك نقاش سياسي وعملية انتخابية وتظاهرات، التظاهرات تحصل في كل بلدان العالم، تحصل في فرنسا كلّ سبت".
وعن رأيه في أسباب ما يحصل في الجزائر قال المسؤول الفرنسي "إن الجزائريين الذين دعموا الولاية الرابعة للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة لا يفهمون بالطريقة نفسها ترشحه للخامسة، الوضع معقد، لذلك اقترحت الرئاسة هناك الأحد الماضي عقد مؤتمر وطني وإعادة النظر بالدستور وإجراء انتخابات مبكرة، وتبين أن هذا ليس كافياً لإرضاء المتظاهرين، هناك إذن حاجة لمفاوضات سياسية وفرنسا تثق بقدرة الجزائريين على العمل معاً لإيجاد حلول".
وأشار المسؤول الفرنسي أيضاً إلى إن "مقترحات الرئاسة الجزائرية ربما تكون غير كافية للحلّ لكننا نلاحظ قدرة السلطات على تكييف العرض مع ما يطلبه الشارع، وهذا العرض يمكن أن يتطور والسلطات لا تصمّ آذانها عمّا يجري، بل لديها القدرة على سماع ما يقوله الشارع واستخلاص العبر".
وتوقف المسؤول الفرنسي عند تنوع فئات المتظاهرين "من تلامذة مدارس وطلبة جامعات وموظفين، نساء وشبان، التظاهرات شملت العاصمة وعدة مدن ويشارك فيها مئات الآلاف، موقف الشرطة لافت، التظاهرات تجري في ظروف هادئة وآمنة مع رفض واضح للعنف".
وسُئل عن تعليقه على خطاب نائب وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش الجزائري أحمد قايد صالح مؤخراً فقال المسؤول الفرنسي إن "الرسالة واضحة وهي أن الجيش لن يسمح بالفوضى"، مذكّراً بـ"حصيلة العشرية السوداء والذكريات السيئة التي تركتها في نفوس الجزائريين".
لم يتردّد المسؤول الفرنسي في التذكير "بجهود الرئيس بوتفليقة لإرساء المصالحة والخروج من الأزمة، مع أن بعض الملفات لم تجد حلاً لها كقضية الصحراء الغربية".