أثار قرار سلطات شرق ليبيا الإفراج عن البغدادي المحمودي، آخر رئيس وزراء في نظام معمر القذافي، جدلاً سياسياً وقانونياً في ليبيا، كون المحمودي محتجزا بأحد سجون العاصمة طرابلس الخاضعة لسيطرة حكومة الوفاق الوطني.
وأصدر وزير العدل بالحكومة المؤقتة محمود الفيتوري، مساء الأربعاء، قراراً يقضي بالإفراج الطبي عن النزيل بمؤسسة الإصلاح والتأهيل بالهضبة البغدادي المحمودي لـ"أسباب صحية" وأمر الجهات المعنية بتنفيذه، في بيان غامض وغير مفهوم، كما أنه يبدو غير قابل للتنفيذ.
وأوضح المحامي الليبي خالد الغويل أنه لا صحة لخبر الإفراج عن المحمودي، مضيفاً أنه لا يزال في معتقله، لأن قرار وزارة العدل بالحكومة المؤقتة إطلاق سراحه غير قابل للتنفيذ، باعتبار أن المحمودي يتواجد في سجن الهضبة بالعاصمة طرابلس الخاضع لسيطرة الجهات الأمنية التابعة لحكومة الوفاق الوطني. وأكد الغويل أن السلطة القضائية التابعة للوفاق هي الجهة الوحيدة التي تمتلك صلاحية الإفراج عن السجناء بمن فيهم رموز نظام القذافي، بناءً على أوامر من مكتب النائب العام الموجود بطرابلس.
ولم ينف الغويل إمكانية الإفراج عن المحمودي خلال الأسابيع القادمة، مؤكداً وجود محاولات ومفاوضات قد تتكلل بالنجاح وتنتهي بإخلاء سبيله لدواع صحيّة. وأوضح أن قرار وزارة العدل بالحكومة المؤقتة جاء ليؤكد حسن النيّة تجاه رموز القذافي واستعدادها للمصالحة الوطنية الشاملة، وكذلك من أجل إثارة قضية البغدادي المحمودي ولفت النظر إلى وضعيته الصحية لتسريع الإفراج عنه.
لكن الكاتب والمحلل السياسي أحمد العيساوي اكد" أن هذا القرار "مجرد مزايدة سياسية من طرف الحكومة المؤقتة، أرادت من خلالها التسويق لإطلاق البغدادي المحمودي الذي يعد من أهم الشخصيات التي تحظى بمكانة كبيرة لدى أنصار النظام السابق من أجل استثمار القاعدة الشعبية المؤيدة لرجال القذافي واستقطابها"، مؤكدا أن "ملّف سجناء رموز القذافي يتم استغلاله من الحكومتين بسبب التنافس على استمالة أنصار النظام السابق".
والمحمودي، المعتقل منذ حوالي 7 سنوات، هو آخر رئيس وزراء في نظام الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، وظل محسوباً عليه خلال الثورة، ويمتلك كل أسرار الدولة، باعتبار أنه كان الرجل القوي في النظام السابق بحكم تقلده عدة مناصب مهمة.
وفرّ المحمودي إلى تونس بعد اندلاع الثورة في ليبيا بأشهر، وتم إلقاء القبض عليه سنة 2012 ومحاكمته بتهمة اجتياز الحدود بطريقة غير شرعية، ثم تم الإفراج عنه ليتم فيما بعد إعادة اعتقاله وتسليمه إلى الحكومة الليبية، وذلك في فترة حكم المنصف المرزوقي، وهو الأمر الذي أثار جدلا واسعا في تونس وندّدت به منظمات حقوق الإنسان.