في الكارثة الأخيرة التي أصابت العاصمة عدن وآلمت أهلها كثيراً جراء الأمطار الغزيرة صرَّح مسؤول كبير في الحكومة اليمنية قائلاً : حجم الخراب والخسائر التي تطال مدينة عدن بفعل المنخفض الجوي هائلة، عدن مدينة منكوبة، ندعو الدول الشقيقة والصديقة ومنظمات الإغاثة إلى مد يد العون ومساعدة الحكومة في مواجهة هذه الكارثة وإحتواء آثارها المدمرة على حياة وممتلكات المواطنين .. وبعد هذا التصريح هاتَفَ نفس المسؤول الحكومي مدير مؤسسة كهرباء عدن يشكره على الجهود المبذولة التي قامت بها قيادة وطواقم المؤسسة لإعادة منظومة الكهرباء للعمل ، مع إنه زادت الإنقطاعات الكهربائية ووجد المسؤولين في مؤسسة الكهرباء عذراً جدياً مختلفاً عن أعذارهم السابقة وهو "السيول" .
وبمناسبة قدوم شهر رمضان ألقى فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي كلمة للشعب اليمني هنأه فيها بهذه المناسبة ، ولم ينسى فخامته بمواساته الأبوية لأبناء عدن على ما ألَمَّ بهم من كارثة إنسانية جراء الأمطار والسيول ، وأيضاً وجه فخامته رئيس لجنة الطوارئ بإتخاذ المعالجات والتدابير اللازمة لإغاثة ساكني عدن لتجاوز تبعات الكارثة ، وحَمَّلَ فخامته المعنيين على التقصير في عدم الإهتمام والوقوف الجدي على خطورة أضرار السيول وتفادي تكرارها مستقبلاً ومحاسبة المقصرين ، ومن خلال كلمة فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي وتوجيهاته وتصريحات المسؤول الكبير في الحكومة نستطيع القول أنه هنا يكمُن الفرق بين رجال الدولة الحقيقيين .
في السابق كانت عدن تتعرض لأمطار غزيرة وفيضانات ولكنها كانت لا تخلف مثل هذه الكوارث لا سيما مثل هذه الكارثة الأخيرة ، والسبب يعود لعدة عوامل وأهمها الأخطاء الكثيرة التي أُرتُكِبَت بعد الحرب الأخيرة التي فرضتها مليشيا الحوثي على العاصمة عدن ، فبعد تحريرها من قِبَل أبنائها عاد تتار القرية إليها ليسرقون الإنتصارات والبطولات المسطرة لأبناء عدن ليتصدرون المشهد ، وزاد الطين بله حينما تعين همثولين من أبناء القرية أحدهما تعين محافظ محافظة عدن والآخر تعين مدير أمنها وبعدها عينك ما تشوف إلا النور ، شاهدنا كوارث نزلت من القرية أحكمت السيطرة على المناصب الحساسة بعد إقصاء أبناء عدن من مواقعهم بخلاف القليل منهم ، أضف إلى ذلك المؤامرة الكبيرة على عدن لتحويلها من عاصمة للجمهورية اليمنية إلى قرية من العهود البائدة بل إلى بؤرة قذرة يصعب العيش فيها ، فتم غض الطرف عن البسط على الأراضي والبناء العشوائي أينما كان حتى وإن كان على مجاري السيول وفي الجبال وتحولت الطرق الرئيسية إلى مباني سكنية ، وما إنقطاع الكهرباء وخروج منظومتها عن العمل لساعات طويلة وإنقطاع المياه بإستمرار إلا خير دليل على رؤيانا ، فبعد كثرة العشوائيات لم تجد مياه الأمطار والسيول منفذاً مما ترتب عليه إرتفاع منسوب المياه ، أما الإنقطاعات الكهربائية فهي بسبب الضغط على المولدات الكهربائية بالإضافة إلى الأيادي العابثة التي تسعى لإفشال الحكومة الشرعية ليسخط عليها الشعب .
ليتنا لم نغرق بحب عدن وعشقنا لها حتى الثمالة فقد سكنت في قلوبنا تارة وتارة أخرى في حدقات أعيننا ، وبقدر ما آلمتنا وأزعجتنا صور الكارثة الإنسانية التي تعرضت لها الحبيبة عدن بقدر ما أثلجت صدورنا بطولات أبناءها وهم يذودون لإنقاذ من كانوا على وشك الهلاك ، ولم نرى في هذه المشاهد عناترة تتار القرية الذين لا نراهم في هذه الأزمات سواء في حروب أو كوارث طبيعية بل نراهم وهم يترقبون ما ستؤول إليه النهاية حتى يتصدرون المشهد ويفردون عضلاتهم ويتشدقون بعنترياتهم المزعومة ، فلم نرى تلك الأطقم التي كنا نراها تفحط بالشوارع والأسواق ، ولم نرى أولئك الذين يقولون "عدن حقنا" يتسابقون لإنقاذ المنكوبين كما كانوا يتسابقون ويتنافسون لإظهار عنترياتهم للضعفاء من أبناء عدن ، فيا ترى أين كانوا أثناء هذه الكارثة ؟ كل ما رأيناه هو عدن وهي تستغيث وتقول إني أغرق أغرق أغرق كما غرق عبدالحليم حافظ بحب حبيبته وقال لو إني أعرف أن البحر عميق جداً ما أبحرت .. إني أغرق أغرق أغرق ، والفرق بيننا وبين عبدالحليم حافظ هو أنه عشق فتاة أما نحن عشقنا وطن .
لم يتبقى لأبناء عدن إلا أن يتخلصوا من كارثة واحدة فقط إسمها "تتار القرية "حتى يعيشون بسلام وحتى يصلون لمبتغاهم فما عليهم إلا أن يعلنوا النفير ويقوموا بإنتفاضة شعبية عارمة عنوانها "كنس تتار القرية من عدن" ، وإلا سيعيشون ما تبقى من حياتهم وكأنهم غرباء أو سيشعرون وكأنهم نازحين في مدينتهم وحبيبتهم عدن .