ما دام كل شيء له ثمن فثمن الاستقلال للجنوب العربي قد دفعه الشعب الجنوبي بآلاف من الشهداء والجرحى الذين سقطوا في ميادين الشرف وساحات العزة ومن نحيب الأمهات الثكالى ودموع الأطفال التي لا تزال تنهمر كلما زارهم طيف آباءهم وإخوانهم المغيبين عنهم إلى الأبد .
أو ليس هذا الثمن كاف لينال الجنوبيون حق الاستقلال وبناء الدولة ؟ والجواب من دون أدنى شك نعم عند من له عقل ناضج وضمير حي سوى في الداخل الجنوبي والمحيط الإقليمي العربي وأحرار العالم ، وفي حال النظر والتمعن في حجم الكارثة التي تلقاها شعب الجنوب على مدى ثلاثة عقود من الزمن تعرض خلالها لأبشع أنواع الاستبداد والقهر وفي حال تم إضافة فاتورة أخرى علاوة على فاتورة الدم المسفوك ، وهي فاتورة التعسف والحرمان في ظل مصادرة الحقوق لمن اخفقت رصاصات العدو الغاشم أن تطالهم ، ومع ذلك طالتهم الأيادي الآثمة وحولتهم إلى مواطنين من الدرجة الثالثة حينما عمدت إلى حرمانهم من وظائفهم في الوقت الذي لم تراعي مدى الأضرار النفسية وحالة الإحباط الذي أصابهم جراء القرار الهمجي ( التقاعد المبكر ) والذي قضى على طموحات وآمال مئة ألف من ضباط وجنود المؤسسة العسكرية ومثلهم بزيادة عشرون ألفاً من الموظفين في السلك المدني ، وفي حال الوقوف أمام العدد الهائل من الكوادر الجنوبية الذين أصبحوا على رصيف الشارع بعد حرمانهم من وظائفهم واستبدالهم بالوافدين من جبال وقيعان مناطق المحتل اليمني الزيدي الذي جلب الرعاع الذين لا يفقهون لتنصيبهم بديلاً للكوادر الجنوبية المؤهلة ، ومثل هكذا كارثة حلت على موظفي الجنوب من عسكريين ومدنيين إذا ما توقفنا أمامها لمعاينة ما نجم عنها من أضرار باعتبارها ثمن زيادة دفعه الجنوبيون مضافاً إلى الفاتورة ، في حال تم إضافة مئة وخمسون مصنع إنتاجي ومثلها مؤسسات ومنشآت تم تدميرها والعبث بمبانيها وبيعها وهذا ثمن آخر .
ولا زال الجنوب يدفع الثمن في ظل استنزاف خيرات الأرض من على سطحها ومن باطنها وفي ذلك ثمن لكن الفاتورة رغم طولها وعرضها لم يعد فيها من حيز نظراً لما قدمه الجنوب في سبيل استعادة الأرض وإقامة الدولة .