أحداث روسيا وعلاقتها بأحداث الجنوب.. طعنات "فاغنر" تتكرر بالجنوب!؟
علاء عادل حنش
تاريخ النشر: الاحد 25 يونيو 2023 - الساعة:01:11:10
يبدو من الوهلة الأولى أن عنوان المقالة (أحداث روسيا وعلاقتها بأحداث الجنوب.. طعنات "فاغنر" تتكرر بالجنوب!؟)، غريبًا، وغير منطقيًا في تصوّر البعض، لكن هناك علاقة كبيرة بما يحدث هنا وهناك.
اولًا، لا شك أن غالبيتنا تابع الأحداث التي تدور في روسيا العظمى، وقد يفسر البعض ما يدور انهُ يبرهن على ضعف القوات المسلحة الروسية، وهذا تفسير غير دقيق؛ فالطعنة التي تأتي من الداخل تكون أشد آلمًا من طعنة العدو ذاته.
عندما بدأ مؤسس مجموعة "فاغنر" العسكرية الخاصة (يفغيني بريغوجين) بعصيانه المسلح في العاصمة الروسية موسكو، استنفر الروس عن بكرة أبيهم، من صغيرهم إلى كبيرهم، من رئيسهم إلى ادنى مسؤول روسي، ليس لشيء، ولا لأن قوات "فاغنر" تمتلك كل تلك القوة لتهدد روسيا التي أصبحت تهدد العالم كله، فكيف تخشى من مجموعة مسلحة؟!
الإجابة تكمن في أن الروس يدركون أن الطعنات التي تأتي من الداخل هي الأخطر مهما كان حجم قوة الخائن الذي يحاول تنفيذ تلك الطعنات، ولأن الأمن القومي عند الروس يُعد من المسائل التي لا يمكن العبث بها، أو حتى الإقتراب منها، وهذا بديهي لا سيما مع اشتعال الحرب الروسية الأوكرانية، فقد ضج كل الروس، ووقفوا وقفة رجل واحد، وتوحد رأيهم، وموقفهم، وتركوا أي خلافات فيما بينهم البين جانبًا، لسبب بسيط أن وطنهم يتعرض للغدر، وهذا يهدد أمنهم القومي، ومستقبلهم، ومستقبل أولادهم، خصوصًا وأن الغرب يتربص بالروس.
الأدهى من كل ذلك، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اعلن رفع الحد الأقصى لسن التعاقد مع القوات المسلحة الروسية إلى 70 عاما، وقوبل القرار بالموافقة.. لقد كان الجميع في روسيا ذات موقف واحد من الجامعات والسلطات والمعارضين وغيرهم، حتى الخطاب الإعلامي توحد في كافة وسائل الإعلام الروسية أكان الإعلام الرسمي أو غير الرسمي، أو المستقل أو المعارض حتى، بل وصل الأمر لوصف قوات "فاغنر" بـ(المرتزقة، والمتمردين)، وهم روس.
ولأن الجميع يعلم ما معنى (الأمن القومي عند روسيا)، فقد استنفر حلفاء الروس داعمين، مساندين.
هكذا يجري الأمر عندما يتعلق الأمر بالأمن القومي لأي وطن فلا مجال لأي عواطف أو مداهنات أو اعتبارات.
لنعود إلى موضوع مقالنا، فما حدث في روسيا يشابه نوعًا ما ما حدث، ويحدث في الجنوب من عدة نواحي في الشكل والفكرة مع اختلاف الوقت والمكان والأهداف.
يعلم الجميع أن الجنوب يمر بمرحلة سياسية هي الأهم في تاريخه النضالي، ويواجه حربًا على المستوى السياسي والعسكري والاقتصادي، وهذه الثلاثة الأمور تهدد الأمن القومي الجنوبي بلا شك.
لذا فأي جنوبي يكون في صف الطرف الأخر (أعداء قضية الجنوب)، فهو بمثابة "فاغنر" روسيا، ولا يقل خطر عنها، فعندما يتواطىء أي جنوبي بالعمل في صفوف الأعداء فهو يوجه طعنات للجنوب كالطعنات التي وجهتها "فاغنر" لروسيا.
ما حدث في محافظة حضرموت الجنوبية، ومن ظهر من الجنوبيين في صف أعداء الجنوب مهما كان تاريخهم، فهم يقفون ضد الإرادة الشعبية الجنوبية.
كما يجب علينا أن لا نسمح بأن توجه للقوات المسلحة الجنوبية أي طعنات كما حدث للقوات المسلحة الروسية.
علينا كجنوبيين أن نصطف صفًا واحدًا كما اصطف الروس، وأن لا ندع أي مجال لـ(العواطف، والمداهنات، والاعتبارات) لتتسلل إلى قلوبنا، وقراراتنا، فعندما يتعلق الأمر بالأمن القومي الجنوبي، أو بقضية شعب الجنوب فلا بد من الحزم ضد أي شخص يفكر بالإضرار بقضية الجنوب، وإيقافه عند عنده خصوصًا لو كان كـ"فاغنر" روسيا!.