فقط في وطني يسقط الشرفاء وتعلو هامة اللقطاء
فقط في وطني يعيش من لا يستحقُ العيش ويذهب من يستحق الحياة. اللّهم لا اعتراض على قدرك وقضاءك.
ترجّل اليوم فارسٌ كان له الفضل بعد اللّه بمحاصرة وكر التمرد الذي استشْرَى ربوع الوطن
ترجّل اليوم صاحب أفضل طلقةْ في التأريخ،
حيث أردى زعيم المغارة والفكر الضال صريعًا في واحدةٍ من أكبر العمليات دقةً واحترافية.
اللواء ثابت جوّاس ذات يومٍ فريد قاد عملية عسكرية في جبال مرّان حيث حاصر زعيم حركة "الشباب المؤمن" وقطع عنه كل سبل الحياة في واحدةٍ من أجرأ العمليات حتى استطاع الإمساك به حيًا،
دار بينهما حديثًا مطولًا حول تسليمة حيًا لسلطات الدولة، لكنّ القائد جؤاس رحمه اللّه وطيب ثراه بحنكتة ودهائة العسكري عرف الحيلة التي يستخدمها النظام البائد، حيث استفزه بكلماتٍ جَعَلته يبدي مقاومة للإفلات، عندها نفذ اللواء ثابت جوّاس طلقتة الشهيرة في الرأس،
طلقةً دونتها الكُتب والروايات اليمنية لتظل تاريخًا مشرفًا لهذا البطل المغوار،
وفي يومٍ مقدّر من سنة 2004م في العاشر من سبتمبر أُعلن رسميًا عن مصرع الهالك حسين بدر الدين الحوثي.
جوّاس لم يكن فردًا في مؤسسة عسكرية، بل كان مؤسسةً في شخصية فرد، كان وطنًا بالنسبة للوطنيين الذين ضحّوا بأرواحهم في سبيل الدفاع عن كرامة اليمن واليمنيين، لا تسعفني حروف الهجاء أن أفيّ هذا الرجل حقة من العزاء،
مؤلمٌ أن يذهب خيرة رجال البلد الذين يُتكأُ عليهم، فيما يعيش السفلة واللصوص،
كم من المرات يجب أن يقدم هذا الوطن من قرابين كي يستعيّد عافيته، الى متى سيظل هذا التناحر فيما بيَننَا باسم الوطن .
أهو قدر هذا الشعب المكلوم أن يكون جنودة الشجعان وقودًا للمعارك، فيما يحظَى القادةُ الجبناء بالظفرِ والنصر إن وجد،
كم من المرات يجب أن نموت كي يحيىٰ الوطن!
ألزّامًا علينا أن نُفنىٰ كي يبقى الوطن! يبقى لمن ؟
هَاهي البلاد كما تريدون، خاليةً تمامًا من الرجال الشرفاء،
خاليةً من القادة العظماء، صارت كما تريدون! وكما تشتهون؟ مليئةً بالعملاء رخيصي الأجر، أرونا ما أنتم فاعلون؟
ستظل دماءِ القادة الشجعان في أعناقكم مالم تقتصّوا لهم، ستظلُّون مكللين بالعار إن لم تنتصروا لأهاليهم.
نستحضر هنا أبيات الشافعي:
فَإِذا سَمِعتَ بِأَنَّ مَجدودًا حَوى
عُودًا فَأَثمَرَ في يَدَيهِ فَصَدِّقِ
وَإِذا سَمِعتَ بِأَنَّ مَحرومًا أَتى
ماءً لِيَشرَبَهُ فَغاصَ فَحَقِّقِ
وَأَحَقُّ خَلقِ اللَهِ بِالهَمِّ اِمرُؤٌ
ذو هِمَّةٍ يُبلى بِرِزقٍ ضَيِّقِ
وَمِنَ الدَليلِ عَلى القَضاءِ وَحُكمِهِ
بُؤسُ اللَبيبِ وَطيبُ عَيشِ الأَحمَقِ ..
العزاء والمواساة لأهالي القادة الشجعان، للأيتام، للأرامل، للثكالى، للمكبوتين في وطنٍ لا يقدّر قيمة مواطنية.