#البيعة_الثالثة!
فتحي بن لزرق
تاريخ النشر: الثلاثاء 11 يونيو 2019 - الساعة:10:27:55
سألني :" الا تخشى على الشمال ؟
قلت له :"انا لا اخشى على "الشمال اليمني" أبدا ، واثق انه مهما كانت حدة التدخلات الدولية هنا أو هناك إلا ان الشماليين على اختلاف توجهاتهم لن يتنازلوا عن ذرة رمل واحدة من ارض شمالنا الحبيب حتى وان تظاهرت بعض قواه بذلك.
كل القوى السياسية اليمنية في الشمال مهما اختلفت ومهما تصارعت إلا أنها لن تفرط في ذرة رمل واحدة وفي ختام اللعبة لن تستطيع لا إيران ولا السعودية ولا قطر ولا الإمارات ولا عمان ان تظفر بشيء .
هذه قناعة كبيرة وتامة أثق بها ..
قال :" اذا ماذا يقلقك؟
قلت :" مايقلقني هو وضع الجنوب والصراع الدائر فيه .
في جنوب اليمن ثمة صراع سياسي خطير يتصارع فيه طرفان والأول يرفض ان تباع الجنوب أو ترهن في سوق النخاسة الدولية ويسعى أصحاب هذا التيار لتجنيب هذا الجزء الحبيب نكبة جديدة تلوح في الافق .
والثاني مغامرون، طائشون، يلوكون "الشعارات الوطنية" كعلكة رديئة الطعم والتصنيع ويريدون بيع البلاد في نسخة البيع الثالثة واذا تمت البيعة سيتركونها مثلما تركوها ذات يوم وسيقولون تفضلوا تولوا امورها لكنه ستكون غير قابلة للحياة .
بيع الجنوب طوال تاريخه مرتين والأولى كانت "للسوفييت" عقب الاستقلال ،حينما قررت ثلة مجنونة رهن البلاد وتطبيق تجربة هي الأغرب في تاريخ الشعوب.
ولان البيعة الأولى كانت خاطئة فقد انتهت إلى صراع مرير وانقلابات وتصفيات دموية انتهت إلى البيعة الثانية.
وكانت البيعة الثانية داخل نفق القلوعة ، كان الجنوب ممزقا مرهقا وتائها وتنزف الدماء من كل جنباته .
تشبث بالشمال يومها في محاولة للنجاة وتمت البيعة بلا شروط بلا ثمن بلا دراية .
وفي الافق تبدو اليوم ملامح عملية بيع جديدة للجنوب ولكنها ستكون ختامية في حال ماتمت ولن تقوم له قائمة بعدها، ستكون الفاصلة في تاريخ مليء بالمآسي..
بيع الجنوب مرتين تحت واجهة شعارات مختلفة فالأولى كان شعارها الاشتراكية والشيوعية وعداء المحيط الإقليمي ولم يكن الجنوب لا اشتراكيا ولا شيوعيا وكانت الثانية وحدوية ولم يكن الطرف الثاني الذي ابرم الاتفاق "وحدويا" صادقا وكان الاول هاربا من اخفاقاته لا اكثر..
وفي الثالثة يباع الجنوب بشعارات فضفاضة في عملية سياسية مجهولة التوجه والمصير ولكن اذا قدر لهذه البيعة ان تتم فإنها ستكون ختامية وقاتلة فلا الجنوب الذي يعرفه العالم سيبقى "جنوبا" .
يحاول شرفاء في جنوب الوطن اليوم إفشال البيعة الثالثة وقد ينجحون وقد يخفقون وان نجحوا فسيكتب التاريخ ان "جنوب الوطن" نجا بشرفائه وان اخفقوا فسيكتب التاريخ ان ثمة شرفاء حاولوا ولكنهم اخفقوا .. وضاع الجنوب واضاعه المزايدون بوطنية لا وجود لها ، العاجزون عن إدارة الدولة وتنميتها ...
وكأنه قدر لهذه البلاد ، ان تٌباع على الدوام لايحكمها اهلها ولو ليوم واحد..
فتحي بن لزرق
11 يونيو 2019