نسمع هذه الأيام عن سباق محموم لخصم رواتب العسكريين التي غابت وجاء منها راتب شهر بعد عشرة أشهر، فتسابق القادة على الخصم، فهذا يخصم النصف وذاك يخصم الثلث وآخر يخصم الثلثين، وآخر شعاره: خذ الربل.
رسالة إلى كل قائد لا يخاف الله أقول له فيها: لن تنتصروا وأنتم تخصمون رواتب جنودكم، فلا تنتظروا نصرًا وفي رقابكم رغيف الأطفال والنساء، لا تنتظروا نصرًا وهمكم خصم الرواتب، فلن تروا نصرًا، ولن تحسموا حربًا وهمكم خصم الرواتب.
لن يحقق الله لكم نصرًا والأيادي تُرفع لتدعوا الله عليكم بسبب خصمكم لرواتبهم، فكم من محتاج قد رفع شكواه إلى الله لينصره؟ وكم من داع دعا عليكم في جوف الليل دعوة ليس بينها وبين الله حجاب؟ إنها دعوة مظلوم خصمتم راتبه في ظل ظرف مأساوي، ولكنكم خصمتم راتبه رغم أنفه، وسلاحكم في ذلك استقواؤكم بالمنصب، فسيذهب المنصب، وستذهب أملاككم وسيبذرها الورثة، وسيتكففون الناس، وستنتهي كل الأموال التي جمعتموها من رواتب العسكريين، فاستعدوا لأيام الجوع.
يا جوع صبرك عليهم حتى تذيقهم مرارتك، وحتى يحسوا بما يسقونه لأفرادهم، سيجوعون، وإن لم يجوعوا فلن يتهنوا بتلك الأموال، فستأكلها الأمراض والهموم والمشاكل التي ستتراكم عليهم، لأن الله لا يبارك في المال الحرام.
كم ناشدنا لإنقاذ هؤلاء القادة من جشعهم؟ وكم طالبنا لتصرف رواتب العسكريين عبر شركات الصرافة؟ ولكن لا مجيب لمناشداتنا، فوقع الكثير من القادة في فخ الطمع فخصموا معاشات جنودهم في ظل هذه الظروف الصعبة.
تحية لكل قائد شريف لا يخصم من معاشات جنوده إلا بقدر ما يغطي به فراغ في معسكره شريطة ألا يزيد هذا المبلغ عن حاجة المعسكر ولم يتجاوز ذلك المبلغ العشرة آلاف والعشرة كثير خاصة هذه الأيام والفقر قد عض على أمعاء العسكريين.
ألا فليتق الله أولئك القادة الذين استحلوا الخصم من رواتب العسكريين، وليراجعوا أنفسهم، لأن الله يمهل ولا يهمل، وليتحللوا مما خصموه، وليقلعوا عن هذه الآفة وهذه الصفة التي أصبحت صفة غالبة عليهم.
تحية حب لكل جندي خصم قائده راتبه، فصرخ في وجهه، ورفع يديه إلى الملك العدل بعد أن خابت الآمال في ملوك الأرض، ونقول لكل عسكري: والله إننا نتألم لألمكم، ونبكي لأنين أطفالكم، ويعكر صفو حياتنا ما أنتم فيه، ولقد جعلنا أقلامنا في خدمة قضيتكم، فنالنا ما نالنا ولكننا معكم وسنظل معكم حتى تنالوا حقوقكم كاملة غير منقوصة، وحتى تعيشوا حياة كريمة، وتحية لكل قلم شريف دافع عنكم، ولم يخش في الله لومة لائم، تحية للتجار الذين يراعون ما أنتم فيه، تحية عسكرية لكل قائد شريف، أما القادة الذين استحلوا الخصم فلا سلام لهم ولا تحية لهم، ولا بارك الله لهم فيما أكلوه، ويأكلونه من مال حرام من رواتب العسكريين، وإلى الله المشتكى، رفعت الأقلام وجفت الصحف.