منها انطلقت اول شرارة ضد المستعمر البريطاني الذي احتل جنوبنا الحبيب ١٢٩ عاما قام خلالها بأبشع أنواع الظلم والقهر والتشريد والقتل لأبناء شعبنا ، وفيها نشأ وتربى وعاش رجال شجعان يأبون الظلم والقهر والاستعباد .. تواقون للحرية والعيش في عزة وكرامة وشموخ . . رجال لا يهابون الموت ويحبون النزال في ساحات الوغى ومواجهة خصومهم من الطغاة والغزاة المستعمرين . . لقنوا جنود الاحتلال البريطاني دروسا في فن القتال ومعاني التضحية والفداء والشجاعة والإقدام من أجل الحرية والاستقلال والدفاع عن الوطن وطرد الغزاة والمحتلين وإلحاق الهزيمة والخزي والعار بهم على مر التاريخ .. إنها ردفان الثورة وقبلة الثوار والمناضلين والأحرار التواقين دوما للحرية والانعتاق ورفض حياة العبودية والظلم الحالمين بالعيش في وطن لا يقبل ان يداس ثراه بأقدام المستعمرين والغزاة المحتلين بأي زمان ومكان في رقعته الجغرافية .
إنها ردفان الصمود الشامخة شموخ جبالها الشماء والعصية دوما على احتلالها أو إخضاعها لصلف وطغيان وظلم الغزاة والمستعمرين على مر التاريخ .. ردفان الحرية والنضال التي انجبت خيرة الثوار والمقاومين والمناضلين والقادة العسكريين والشهداء الميامين الذي رووا بدمائهم الزكية كل شبر في أرض الجنوب ، وخارجها قربانا للحرية والانعتاق من حكم المستعمر البريطاني ومن حكم الأمامة والكهنوت والفرد وفي مواجهة مشاريع ايران في اليمن والمنطقة العربية ككل .
كانت وما تزال وستظل ردفان منبع الثورات وولادة الثوار والمناضلين والشهداء .. هكذا أبناء ردفان الصمود والفداء والنضال هم من يتقدمون الصفوف في مواجهة الغزاة وأعداء الإنسانية فمن الساعات الأولى لانطلاق ثورة ٢٦سبتمبر ١٩٦٢، هب أبناء ردفان زرافات ووحدانا كغيرهم لمساندتها، وكان «لبوزة» الاسم الأشهر في تاريخنا النضالي في الصفـوف الأولى للمواجهة وإلى جانبه رفاق دربه المناضل الفذ الفقيد صالح علي الغزالي والمناضل الجسور الفقيد عضو البرلمان اللواء قائد علي الغزالي والعميد المناضل سيف علي الغزالي وكوكبة كثيرة من المناضلين الأوائل لا يتسع الحيز لذكرهم ، وبعدها اشتعلت جبال ردفان بالثورة، وتمخض عنها إعلان الكفاح المُسلح، وإعلنت جبهة حالمين كثاني جبهة للمقاومة للتخفيف عن الضغط على جبهة ردفان وبعدها توالى فتح عشرات الجبهات في كل مدن ومناطق الجنوب والتي أجبرت المُحتلين على الرحيل من عدن في ٣٠ نوفمبر ١٩٦٧م .
ونعود في هذه العجالة إلى انتفاضات أبناء ردفان في العام ١٨٨١م، حين رفضوا حينها دفع الضرائب الجائرة التي فُرضت عليهم، أرسل المُحتل بحشد من عساكره لتأديبهم، وتصدى الثوار لهم ببسالة، وشهدت سائلة «حروبة» فصول تلك المواجهة، أذعن الانجليز حينها للأمر الواقع، وطالبوا بالحوار.
بعد تلك الحادثة بـ " ٦١ " عاماً " ١٩٤٢م "، قام أبناء ردفان بانتفاضة أخرى، تولى الثائر راجح لبوزة مهمة قيادتها، نجح بالهجوم على ثكنة عسكرية في «جبل الحمراء»، تمكن من القضاء عليها، ذاع حينها صيته، وصار «الجمَّال» النحيل، الذي أمتهن جلب الحبوب من الضالع وقعطبة، بطلٌ يشار إليه بالبنان كرمز للنضال والتضحية والفداء ، واكدت الدراسات التاريخية انه وفي أواخر «مارس ١٩٦٣م ، هبَّ أكثر من " ٣٠٠ " مُقاتل ردفاني لمساندة الثورة السبتمبرية، على مجموعتين، وسجلوا ملاحم بطولية عمدت بأروع الانتصارات، وسقط كثير من الشهداء والجرحى ، وعاد الثوار إلى ردفان نهاية أغسطس١٩٦٣م، وحين علم " ميلان" الضابط السياسي ، أرسل إلى "لبوزة" ومجموعته، وطلب منهم تسليم أنفسهم وأسلحتهم، ودفع "٥٠٠ " شلن غرامة على كل فرد، كضمانة لعدم عودتهم إلى الشمال، رد "لبوزة" عليه برسالة قوية، أرفقها بـ "طلقة رصاص"، وفيها قال: "لم نعترف بكم ولا بحكومة الاتحاد المزيفة، وان حكومتنا هي الجمهورية العربية اليمنية، ونحذركم من اختراق حدودنا"، وغضب حينها الضابط الانجليزي ، وتقدم في اليوم التالي صوب ردفان، فما كان من الثوار إلا أن تمترسوا فوق «جبل البدوي» المُطل على «الحبيلين»، لتدور في صبيحة يوم الاثنين " ١٤ أكتوبر ١٩٦٣م " مواجهات عنيفة بين الطرفين، انتهت قبل أن ينتصف ذلك النهار، بسقوط «لبوزة» شهيداً، وظلت ردفان وحتى اليوم تقدم الشهيد تلو الآخر في مواجهة المستعمرين والغزاة كباقي مناطق الجنوب التي تأبى الظلم والطغيان وترنو للحرية والاستقلال والعزة والكرامة والشموخ وبناء الأوطان والدفاع عنها .
وفي هذا الحيز المتواضع الذي نفرده للحديث عن واحد من ابرز المناضلين الذين انجبتهم ردفان الثورة والثوار والذين لم يلقوا تسليط الأضواء على ما قدمه من مآثر بطولية وتعرض للإقصاء والتهميش لاحقا من قبل المتسلقين والوصوليين وسرقة نضالات الآخرين .
إنه المناضل الجسور الشيخ عبدالله مطلق صالح الحالمي القائد الوطني البارز ومن الرعيل الأول لثوار ثورة الرابع عشر من أكتوبر الخالدة ويعتبر مؤسس ثاني جبهة قتال في الجنوب وبالتحديد في منطقة حالمين بتكليف من القيادة العامة للثورة بقيادة الشهيد المناضل أول رئيس لدولة الجنوب البطل قحطان محمد الشعبي والقائد الأول للعمليات الفدائية في عدن حينها ومؤسس حركة القوميين العرب الشهيد البطل فيصل عبداللطيف الشعبي اول رئيس حكومة للجنوب بعد الاستقلال .
وكان إلى جانب المناضل الفذ الشيخ عبدالله مطلق صالح الحالمي أعضاء قيادة جبهة حالمين وهم الشيخ المناضل القائد علي صالح بن مسعود والشهيد المناضل الشيخ محمد مطلق صالح والشهيد المناضل القائد عبدالقوي محمد عبدالقوي الحالمي والمناضل القائد الشهيد حيدرة مطلق صالح الحالمي والشهيد المناضل القائد شائف علي سالم الغلابي والفقيد المناضل البطل القائد احمد علي بن علي الحالمي والشهيد المناضل الشيخ مسعد مطلق مساعد والشهيد المناضل علي مثنى الضبوعي والشهيد المناضل علي شائف الحالمي والشهيد المناضل فضل علي النسري والشهيد المناضل محمد ناصر الرزة والشهيد المناضل عبيد صالح الحالمي والشهيد المناضل عبدالله محسن الحنطري وكثير من المناضلين والشهداء من ثوار جبهة حالمين أثناء الكفاح المسلح لثورة ١٤ أكتوبر المجيدة وقيادات العمل الثوري النضالي في جبهة حالمين اثناء الكفاح المسلح لتحرير جنوب اليمن المحتل بقيادة قائد الجبهة ومؤسسها القائد الشيخ المناضل عبدالله مطلق صالح الحالمي القاضي علما بان هذه القيادات الثورية الشابة تميزت انذاك بالحنكة والشجاعة والكفاءة القيادية العالية لقيادة العمل الثوري المسلح أثناء مرحلة التحرير وقد تعرض كثير منها للتصفيات الجسدية والأقصاء والتهميش والاعتقالات والمطاردات بطرق غير مشروعة ولا قانونية من قبل احتياطي الاستعمار الذي اندس في جسد الدولة الوليدة في الجنوب .
كانت لفتة كريمة ورائعة تلك التي تم خلالها تكريم المناضل الشيخ عبدالله مطلق صالح الحالمي القاضي قائد جبهة حالمين وشيخ مشائخها مؤخرا من قبل أبناء مديرية حالمين بمحافظة لحج ممثلة بمجلسها الانتقالي وسلطتها المحلية ومشائخها وأعيانها وشخصياتها الاجتماعية والاعتبارية وبدعم من راعي الحفل الشيخ محمود احمد ناجي " ابو أصيل " الكربي رئيس اللجنة التحضيرية رئيس ملتقى رواد حالمين للفكر والبناء ، وتمنيت حينها ان يختطف مجلسنا الانتقالي الجنوبي الممثل الوحيد والذي يتسع لأبناء الجنوب عامة دون استثناء ليكرم الرعيل الأول لمناضلي وقيادات ثورة ١٤ اكتوبر ومرحلة الكفاح المسلح وأسر الشهداء الذي قضوا نحبهم ورووا بدمائهم الزكية تربة الجنوب لتطهيرها من درن المستعمر البريطاني لا سيما ونحن نحتفل بالذكرى الثالثة والخمسين لعيد الاستقلال الوطني ":٣٠ نوفمبر " المجيد .
وإنها لدعوة نجددها مرة أخرى بتكريم الرعيل الأول لمناضلي ثورة ١٤ اكتوبر وصانعي فجر الاستقلال الوطني فهم من أرسوا دعائم جنوبنا العربي الذي يسعى جاهدا وبكل ثقة ان يستعيد شعبه استقلاله وانتزاع دولته التي حظيت باعتراف من قبل الاقليم والعالم اجمع كي تصبح واقعا ملموسا عما قريب .