بصوت هادئ وعقلية تستشرق المستقبل، وقف الشاب أحمد عبدالقادر أمام الميكروفون مستجمعًا كلمات الأغنية الرمضانية الأشهر «وحوي يا وحوي» لتصبح أيقونة الأطفال لاستقبال شهر الصيام والضيف الدائم على الإذاعات والقنوات المصرية والعربية لعشرات السنين.
لم تكن بداية الشاب أحمد عادية، فبعد مولده عام 1916 بمحافظة كفر الشيخ، انتقل إلى القاهرة إلى أن ذاع صيته لتأتي فرصة العمر له بالغناء أمام الملك فؤاد في حفل افتتاح معهد الموسيقى العربية ليعجب به ويمنحه هدية قيمة.
وفي سن العشرين باتت أغاني عبدالقادر لا تفارق الإذاعات الأهلية وما إن تم افتتاح الإذاعة المصرية عام 1934 حتى بات أول من غنوا لها، وارتقت إمكانياته بدراسته الموسيقى العربية؛ حيث أجاد عزف العود وحصل على دبلوم الموسيقى، ليتم تعيينه مدرس موسيقى بوزارة المعارف.
لكن مفاجآت «عبدالقادر» الكبرى أزيح عنها الستار حين قدم أغنيتين لذهاب وعودة الحجاج من ألحان رياض السنباطي، ثم حقق نجاحاً كبيراً بغنائه لملحنين آخرين مثل زكريا أحمد ومحمد القصبجي، بحسب ما تحدث عنه أصغر أبنائه حسين أحمد عبدالقادر (62 عاماً).
أما المفاجأة الكبرى لصاحب وحوي يا وحوي فكانت أنه أول مطرب يغني من شعر نزار قباني، وكانت قصيدة «كيف كان»، ليبدأ بعدها مرحلة التلحين؛ إذ دخل هذا المجال من الباب الكبير فكان أول من قدموا هدى سلطان، ولحن لحورية حسن ومحمد رشدي ومحمد قنديل ونجاة الصغيرة ومحمد عبد المطلب وعبده السروجي وشفيق جلال وسعاد محمد وفايدة كامل.
يظل موقف عبدالقادر مع كوكب الشرق أم كلثوم هو الأشهر على الإطلاق؛ حيث أسند إليه تلحين أغنية القلب يعشق كل جميل، وبدأ في تلحينها إلا أنه اختلف معها على بعض الجمل اللحنية وتمسك برأيه ليتم استناد اللحن للسنباطي، ثم لحن أغنية «كل الناس بتقول يا رب»، التي تذاع هذه الأيام على الفضائيات.
وما بين الغناء والتلحين، قاد أحمد عبدالقادر عصره إلى فكرة تعلم الإنجليزية بالموسيقى، وعرضت مؤسسة اليونسكو عليه شرائها بمبلغ ضخم على أن يتولى تنفيذها بنفسه ويحقق شهرة عالمية لكنه رفض ومنحها لمصر غير أنها لم تنفذ.
ترك أحمد عبدالخالق خلفه كتاباً عن العزف على العود حمل اسم «عاشق العود»، قبل أن يتجه بعد ذلك إلى قراءة القرآن الكريم والابتهالات وعين مبتهل لمسجد الحسين، واحتفظ بصداقة قوية مع الشيخ محمود خليل الحصري وقام بتدريب الشيخ سيد النقشبندي على المقامات الموسيقية.
ومن عصر إلى عصر، كان الفنان أحمد عبدالقادر أول من تنبأ بمستقبل مشرق للفنان مدحت صالح، حين كان يغني في جمعية الشبان المسلمين.