1- المقدمة :
يهدف هذا البحث إلى تحليل الانتصارات التي حققتها القوات المسلحة الجنوبية بقيادة الرئيس القائد عيدروس قاسم الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي والقائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية ونائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي ضمن عملية المستقبل الواعد في محافظتي حضرموت والمهرة وما ستحدثه هذه الانتصارات من أثر إيجابي في تحقيق الأمن والاستقرار محليًا وإقليميًا ودوليًا .
ولهذا تأتي سنلحظ قيمة هذه المقدمة من خلال ما تحتويه النقاط الآتية :
١-الأهمية
تكمن أهمية الموضوع في دراسة تأثير الانتصارات العسكرية على الأمن والاستقرار في الجنوب العربي واليمن والخليج والاقليم والعالم وكذلك على الممرات البحرية الدولية ومصالح القوى الكبرى .
٢-الأهداف
أ-تحليل نتائج عملية المستقبل الواعد من الناحية العسكرية والأمنية والجيوسياسية.
ب-تقييم أثر هذه الانتصارات على الحد من تهريب الأسلحة والمخدرات والصواريخ والطائرات المسيرة .
ج- دراسة انعكاسات هذه الانتصارات على الاستقرار الإقليمي والدولي والمصالح الدولية .
٣-أسباب اختيار الموضوع.
أ-الموضوع يعكس حدثًا استراتيجيًا مهمًا في الصراع اليمني والجنوبي بالذات وفي المنطقة .
ب-يتيح دراسة العلاقة بين الأمن المحلي والتحولات الإقليمية والدولية.
ج-يمثل الانتصار في حضرموت والمهرة فرصة لفهم ديناميات الصراع ودور الجماعات المسلحة في تهديد الأمن الدولي .
٤-مشكلة البحث .
تتمثل مشكلة البحث في تحليل كيفية تأثير الانتصارات العسكرية الجنوبية على استقرار المنطقة والإقليم والعالم خصوصًا فيما يتعلق بقطع خطوط تهريب الأسلحة والجريمة العابرة للحدود .
٥-فرضيات البحث
أ-يمكن افتراض أن الانتصارات في حضرموت والمهرة ستسهم بشكل مباشر في تعطيل شبكات تهريب الأسلحة والإمداد للجماعات المسلحة .
ب-الانتصارات ستؤدي إلى تعزيز الاستقرار المحلي والإقليمي وتقليل التهديدات الأمنية على دول الخليج والممرات البحرية الدولية .
ج-نجاح العملية سيعزز قدرة الجنوب العربي على حماية أراضيه ومكتسباته السياسية والعسكرية .
٦-منهج البحث .
اتبع البحث المنهج الوصفي التحليلي مع الاستفادة من روح المناهج كلها .
ب-المدخل
يشهد اليمن والجنوب العربي بشكل خاص تعقيدًا جيوسياسيًا ناجمًا عن تداخل عوامل محلية وإقليمية ودولية ، حيث تسعى العديد من القوى المسلحة إلى فرض نفوذها داخل الجغرافيا اليمنية والجنوبية وتعد مناطق المهرة ووادي حضرموت من أكثر المناطق حساسية نظرًا لموقعها المرتبط بالممرات البرية والبحرية التي كانت تُستغل وفق تقارير دولية متعددة في عمليات تهريب الأسلحة عبر مسارات تمتد من إيران مرورًا بسلطنة عمان وصولًا إلى المهرة ثم وادي حضرموت ومنها إلى مأرب ثم إلى صنعاء .
ونظرا إلى أن هذه الشبكات كان لها أثر مباشر في دعم قدرات الجماعات المسلحة بما فيها الحوثيين وجماعات مرتبطة بتيارات متطرفة فإن السيطرة على تلك المسارات تشكل أحد العوامل المفصلية في الحد من التهديدات الأمنية على المستوى اليمني والجنوبي خاصة وعلى المستوى الخليجي والإقليمي والدولي .
ج- تحليل نقاط البحث
أولا :الأهمية العسكرية والأمنية للانتصارات
استعادة السيطرة على مناطق صحراوية واسعة سيسهم في تعطيل شبكات التهريب التي كانت تُستخدم لنقل أسلحة نوعية مثل الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة .
كما ستؤدي إلى الحد من قدرة الجماعات المسلحة على إعادة التموضع أو تنفيذ عمليات تهدد أمن الجنوب والجوار .
ثانيا: الأهمية الجيوسياسية للانتصارات.
تشكّل المهرة وحضرموت نقطة اتصال جغرافية بين اليمن والجنوب العربي ومنظومة الخليج وبالتالي فإن استقرارها يعد ركيزة لاستقرار الإقليم .
كما أن إغلاق مسارات التهريب سيسهم في تخفيف الضغط الأمني على دول الخليج خصوصًا مع وجود تهديدات ضد الممرات البحرية الحيوية .
ثالثا :الانتصارات وتأثيرها على الأمن الإقليمي والدولي.
إن تقليص تدفق الأسلحة إلى الجماعات المسلحة بعد عملية المستقبل الواعد سيحد من نشاطها عبر البحر الأحمر وخليج عدن وهو ما سينعكس إيجابًا على الملاحة الإقليمية والدولية .
كما أن تعزيز الاستقرار في الجنوب سيُسهم في خفض احتمالات توسع التهديدات نحو مناطق إقليمية مثل القرن الإفريقي بما في ذلك الجماعات مثل حركة الشباب في الصومال .
رابعا : الانتصارات وانعكاساتها على المصالح الدولية .
تعول الدول الكبرى المعنية بتأمين خطوط التجارة البحرية كثيرا على استقرار الجنوب وتعتبره بمثابة العنصر الاستراتيجي لحماية سفنها ومصالحها.
ولهذا ستؤدي عملية المستقبل الواعد إلى الحد من انتشار الأسلحة المتطورة مما سيساهم في خفض مستوى التوتر في الممرات البحرية الدولية التي شهدت تهديدات متواصلة طوال السنوات الماضية .
د-النتائج
تشير التحليلات إلى أن الانتصارات العسكرية الجنوبية في حضرموت والمهرة تحمل نتائج إيجابية متعددة على المستويات المحلية والإقليمية والدولية وهذا ما سنلحظه على النحو الآتي :
١-تحييد قدرات الجماعات المسلحة من خلال تعطيل شبكات التهريب والتمويل مما سيقلل من قدرتها على تنفيذ هجمات إرهابية.
٢-تعزيز الأمن الداخلي من خلال استقرار مناطق حضرموت والمهرة مما سيوفر بيئة آمنة للمواطنين ويحد من المخاطر المباشرة على الحياة اليومية.
٣-استقرار إقليمي من خلال ما ستنتجه عملية المستقبل الواحد مما سيحد من تهديد الجماعات المسلحة على الخليج والممرات البحرية الحيوية ويسهم في حماية الأمن الإقليمي .
٤-إحداث تأثير على الاقتصاد والتنمية من خلال تحسين البيئة الأمنية مما سيفتح الباب أمام استثمارات محلية ودولية ويعزز التنمية المستدامة.
٥-ردع التهديدات الدولية من خلال تعطيل شبكات التهريب مما سيقلل من المخاطر على الأمن العالمي بما في ذلك تهديد الملاحة الدولية والتجارة البحرية .
٦-قدمت عملية المستقبل الواعد رسالة استراتيجية من خلال الانتصارات المحققة مما سيعكس قدرة الجنوب العربي على حماية أرضه ومكتسباته وتعزيز المصداقية السياسية والعسكرية للقيادة الجنوبية على الصعيد الإقليمي والدولي .
ه-التوصيات الموسعة
١-تعزيز الأمن والاستقرار من خلال الاستمرار في تأمين المناطق المحررة وتعزيز قدرات القوات المسلحة الجنوبية لمنع أي محاولات لإعادة انتشار الجماعات المسلحة.
٢-تطوير البنية التحتية من خلال دعم المشاريع الاقتصادية والتنموية في حضرموت والمهرة لضمان الاستفادة المستدامة من الأمن والتحكم بالمناطق الاستراتيجية .
٣-تعزيز التعاون الإقليمي والدولي من خلال تعزيز التعاون مع دول الخليج وفي مقدمتها دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة ودولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة ومع المنظمات الدولية لمراقبة الممرات البحرية ومنع تهريب الأسلحة والمخدرات .
٤- الضغط الدبلوماسي من خلال استخدام الانتصارات كأداة سياسية للضغط على الجماعات المسلحة لإجبارها على الانخراط في عمليات سلام أو وقف دعمها الإقليمي .
٥-المراقبة الاستراتيجية من خلال إنشاء آليات مراقبة ورصد للحد من أي نشاط إرهابي محتمل أو تهريب عبر المسارات المفتوحة سابقًا.
٦-التوعية المجتمعية من خلال زيادة الوعي المحلي بأهمية الأمن والاستقرار للمجتمع والتنمية وإشراك المواطنين في جهود الحفاظ على السلام المحلي .
٧- تعزيز الردع من خلال استخدام الانتصارات كرسالة ردع للجماعات الإرهابية وللحد من أي محاولات للتدخل في الجنوب واليمن .
و- الخلاصة
تُظهر عملية المستقبل الواعد وما نتج عنها من انتصارات جنوبية في حضرموت والمهرة أهمية استراتيجية تتجاوز حدود الإنجاز العسكري المباشر .
فالعملية ستسهم في تعطيل شبكات تهريب الأسلحة والمخدرات وستحدّ من قدرة الجماعات المسلحة على تهديد الجنوب ودول الخليج والممرات البحرية الدولية .
كما أن عملية المستقبل الواعد ستشكل خطوة نحو تعزيز الاستقرار الإقليمي وحماية مصالح القوى الدولية في واحدة من أهم مناطق العالم من حيث الأهمية الجيوسياسية .
وبذلك يمكن اعتبار هذه الانتصارات نقطة تحول حقيقية في مسار الصراع في اليمن والجنوب العربي بشكل خاص ومرتكزًا أساسيًا لإعادة بناء منظومة أمنية إقليمية أكثر تماسكًا بما يخدم
مستقبل الجنوب العربي واليمن والمنطقة والعالم .
باحث أكاديمي ومحلل سياسي