تقرير / محمد ناصر مبارك
بمناسبة اعياد الثورة والاحتفال بعيد الاستقلال ٣٠ نوفمبر وفي إطار الحملة العالمية السنوية "16 يومًا لمناهضة العنف ضد المرأة"، التي تنفذ سنويا من ٢٥ نوفمبر الى ١٠ ديسمبر، وتحت رعاية كريمة من معالي وزير الصحة العامة والسكان الدكتور قاسم بحيبح، ومعالي محافظ محافظة أبين اللواء الركن أبوبكر حسين، شهدت قاعات جامعة أبين تنظيم سلسلة من الجلسات التوعوية والتثقيفية المكثفة حول قضايا مناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي. وجاءت هذه الفعالية، التي نظمتها الإدارة العامة لتنمية المرأة والطفل بوزارة الصحة العامة والسكان، بدعم من الوكالة الامريكية ومشروع التغذية التكاملي وبتنسيق وتعاون وثيق مع إدارة جامعة أبين ومكتب الصحة العامة والسكان بمحافظة أبين، وذلك بهدف إيصال رسائل توعوية عميقة وتشكيل حاضنة مجتمعية واعية بين طلاب وطالبات الجامعة، الذين يمثلون شريحة حيوية من نسيج المجتمع، حول آليات منع العنف ومواجهته بكافة أشكاله.
حضور رسمي وأكاديمي لافت يؤكد أولوية القضية:
شهدت الجلسات الافتتاحية والفعاليات المصاحبة حضورًا لافتًا لممثلي السلطة المحلية والقيادات الصحية والأكاديمية، مما يعكس الأهمية الوطنية والمجتمعية التي تولى لهذا المحور الحيوي. وضم الحضور كلاً من الاخ سمير الحييد وكيل محافظة أبين لشؤون الامن والدفاع، والدكتور علي الجنيدي، وكيل محافظة أبين، والدكتورة زينب القيسي، مدير عام الإدارة العامة لتنمية المرأة والطفل بوزارة الصحة العامة والسكان، والمهندس مختار الشدادي، مدير عام مديرية زنجبار. والدكتور خضر عبد، نائب مدير عام مكتب الصحة العامة والسكان بأبين. والدكتورة ندى شفيق، مدير مركز المرأة للدراسات والبحوث بجامعة أبين.إلى جانب حشد من الأكاديميين والإداريين وطلاب الجامعة والمهتمين بقضايا التنمية المجتمعية.
كلمات رسمية تؤطر للجهود وترسم معالم الطريق:
وفي كلمة ألقاها نيابة عن قيادة المحافظة، أكد الأستاذ سمير الحييد، وكيل محافظة أبين لشؤون الأمن والدفاع، على أن قضايا الأمن المجتمعي وصون كرامة الإنسان وحقوقه تشكل ركيزة أساسية في أولويات عمل القيادة المحلية. وأشار إلى أن الحملة العالمية (16 يومًا) تمثل محطة سنوية مهمة لتكثيف الرسائل التوعوية ودفع عجلة التعاون بين جميع المؤسسات الرسمية والأهلية من أجل بناء مجتمع يسوده الأمن والسلام، وخالٍ من أشكال العنف والتمييز. وشدد الحييد على الدور المحوري للأسرة والمؤسسات التربوية والمنظمات المجتمعية في ترسيخ قيم التسامح والاحترام المتبادل والمساواة، خاصة في ظل التحديات المعقدة التي يمر بها المجتمع.
رؤية وزارة الصحة: توعية مستدامة واستراتيجية شاملة:
من جانبها، استعرضت الدكتورة زينب القيسي الرؤية والاستراتيجية التي تنتهجها وزارة الصحة العامة والسكان، ممثلةً بإدارتها العامة لتنمية المرأة والطفل، في مجال حماية هاتين الشريحتين وتعزيز صحتهما النفسية والجسدية. وأوضحت أن هذه الجلسات ليست حدثًا عابرًا، بل هي حلقة ضمن سلسلة متواصلة من البرامج التوعوية وبناء القدرات التي تستهدف الفئات المجتمعية المختلفة، والعاملين في القطاعين الصحي والاجتماعي على وجه الخصوص. وأشادت بالشراكة الفاعلة والتعاون البناء مع جامعة أبين ومكتب الصحة بالمحافظة، معتبرة إياهما شريكين أساسيين في نجاح أي جهد يهدف إلى خلق بيئة داعمة تحقق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالمساواة بين الجنسين والحد من العنف.
محاور نقاشية معمقة تلامس الجذور وتستعرض الحلول:
تم تصميم جلسات النقاش لتناقش القضية من جميع جوانبها، حيث تم تقسيمها إلى عدة محاور أساسية غطت:
1. المحور التعريفي والتشخيصي: حيث تم شرح مفهوم العنف القائم على النوع الاجتماعي بتعريفاته العلمية والاجتماعية، واستعراض أشكاله المتعددة (الجسدي، النفسي، الاقتصادي، الجنسي، الإلكتروني).
2. محور الآثار والتبعات: مع التركيز على تحليل الآثار النفسية المدمرة والتداعيات الاجتماعية السلبية التي يخلفها العنف على الضحايا وأسرهم والمجتمع ككل.
3. محور الوقاية والحماية: وتناول الدور الاستباقي الذي يمكن أن تلعبه الأسرة من خلال التربية الواعية، والمجتمع من خلال ضغطه الأخلاقي، والمؤسسات الرسمية والتعليمية من خلال سياساتها وبرامجها.
4. محور التدخل والدعم: وتم فيه استعراض الآليات القانونية الوطنية والدولية الحامية للناجين والناجيات، والخدمات والدعم النفسي والاجتماعي والصحي والقانوني المتاح لهم.
5. محور المشاركة المجتمعية: وسُبل تحفيز كافة فئات المجتمع، وخاصة الشباب والرجال، للمشاركة الفاعلة في خطط ومناهج مناهضة العنف.
فقرات متنوعة تعزز الرسالة وتلامس المشاعر:
لتعزيز وترسيخ الرسائل التوعوية، تخللت الفعالية فقرات مؤثرة تمثلت في فقرة تمثيلية (مسرحية)، تناولت بإسهاب ظاهرة خطيرة وهي "الابتزاز الإلكتروني"، وسلطت الضوء على كيفية استغلال التقنيات الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي في ممارسة هذا الشكل من العنف، خاصة ضد الفتيات والشابات، وعرَّت العواقب الوخيمة التي قد تصل إلى أزمات نفسية حادة أو أفعال يائسة. كما تم تقديم فقرة فنية حيث قدم أطفال روضة 14 أكتوبر بمدينة زنجبار انشودة مناهضة للعنف قصيرة ومعبرة، نالت استحسان الحضور، وحملت الففرات في مضامينها قيماً عن المحبة والألفة والتعاون، كنموذج للمجتمع السليم الذي تنشده الفعالية.
تحليل علمي للأسباب ونداء للعمل المشترك:
ضمن المحاضرات التوعوية التي شهدتها الجلسات، قدمت الدكتورة شهناز الليزيدي تحليلاً لأبرز الأسباب الكامنة وراء تفشي ظاهرة العنف الأسري، موضحة الروابط الوثيقة بين العنف والظروف الاقتصادية الصعبة والضغوط النفسية الناجمة عن الأزمات المتلاحقة التي يعيشها المواطن. ودعت إلى ضرورة تبني نهج تشاركي حقيقي، يجمع بين الجهود الرسمية المتمثلة في السياسات والخدمات، والجهود المجتمعية المتمثلة في التثقيف والتوعية والضغط الاجتماعي الإيجابي، من أجل كسر حلقة العنف.
ختاماً.. تكريم للعطاء وتقدير للجهود:
وفي ختام هذا اليوم الحافل بالأنشطة والفعاليات، جرى حفل تكريم لتقدير الجهود المتميزة في مجال خدمة قضايا المرأة والطفل محلياً. حيث تم تكريم الدكتورة شهناز خضر الليزيدي تقديراً لجهودها القيادية في إدارة تنمية المرأة والطفل بمكتب الصحة بأبين، وإسهاماتها في إطلاق وتنفيذ العديد من الأنشطة والبرامج النوعية. وايضا قامت الدكتورة زينب القيسي بتكريم الدكتورة ندى شفيق، مديرة مركز المرأة للدراسات والبحوث بجامعة أبين، اقرارا واعترافا بدورها الفاعل.
محمد ناصر مبارك