جلست الزوجة ابنة الـ٢٦عاما، أمام أعضاء هيئة مكتب تسوية المنازعات الأسرية بمحكمة الأسرة، يعلو وجهها الحزن بل منثور عليه، وبعين مغرورقة بالدموع التي تبدو وكأنها تأبى أن تنذرف، قالت: من المؤسف أن تبحث عن الصدق في عصر الخيانة، فعندما تتركنا أرواحنا جسد بلا روح، أو حين يطعنك أحدهم في ظهرك فهذا أمر طبيعي، لكن عندما تلتفت وتجده أقرب الناس إليك فتلك هي الكارثة.
وبصوت متحشرج أكملت قائلة: لقد اعتقدت أن صديقتي التي تعرفت عليها أثناء ترددي على النادي في نهاية كل أسبوع بصحبة طفلتي الصغيرة ابنة الـ٥ سنوات، بأنها نعمة من الله عز وجل، حيث تسللت إلى حياتي، وتطورت علاقتي بها، وأخذت تتردد على منزلي بعد أن خدعتني بالصداقة المزيفة، وحتى أصبحت بمثابة فرد من العائلة تقضي معي أوقات طويلة، وأحيانا تبيت برفقتي، لم يدخل الشك إلى قلبي، ومع مرور الأيام فوجئت بأن زوجي متيم بها، فهي تتحدث معه وتشاركه في حل مشاكله حتى وقع في حبها، وكانت تتعمد الوقيعة بيني وبينه، وتظهرني دائما في صورة المخطئة، ووجدت نفسي دون دور في منزلي، وأصبحت هي صاحبة القرار.
فاض بي الكيل، طلبت منه أن نقطع علاقتنا بها، ونشبت بيني وبين زوجي المشاكل، وفي آخر مشادة كلامية بيني وبينه، كاد قلبي أن ينفطر من هول المفاجأة عندما وجدته يصر على إقامتها معنا داخل عش الزوجية، وتمنيت أن تنشق الأرض وتبتلعني، أو أن أصاب بالعمى عندما وقعت عيناي على قسيمة زواجه منها، منذ ٧ أشهر، لم أتمالك نفسي، وانطلقت الشتائم وكلمات التوبيخ من فمي كالأمطار، بينما كانت نظراتها لي تخترق جسدي كجمرات من النار تستقر بين ضلوعي، ولم أشعر بنفسي وحاولت الاعتداء عليها بالضرب، لكن كانت الفاجعة الكبرى عندما انقض علي وسدد لي الضربات المتتالية، وطردني من المنزل، بصحبة طفلتي الصغيرة التي انفجرت بالبكاء حتى كاد قلبها أن يتوقف.
واستطردت الزوجة قائلة: لم تكتف بما فعلت، لكنها حرضت زوجي على أخذ طفلي الرضيع أيضا الذي لم يكمل شهره السادس، حتى يرضيها، وتقوم بتربيته، ويعوضها عن فقدانها القدرة على الإنجاب بعدما اكتشفت ذلك بعد زواجهما، مما اعتبر ذلك عقاب القدر لها.
وبعينين طافحتين شرا قالت: لم أكن أتخيل في يوم من الأيام بإنني سوف أكون هنا داخل محكمة الأسرة، بسبب زوجي الذي لم يتذكر لي صنيعا أو معروفا، وصديقة مزيفة خائنة اعتبرتها بمثابة شقيقة لي، كنت أشكو لها همومي، وأفتح لها قلبي بأدق تفاصيل حياتي، وكانت تسمعني وتقدم لي النصيحة تحت مسمى الصداقة المزيفة، وللأسف اكتشفت كل ذلك مؤخرا.
لذا أتقدم برفع دعوى تمكنني من مسكن الزوجية التي استولت عليه، وضم حضانة طفلي الرضيع الذي حرمني منه، ولم أتمكن حتى من رؤيته، واستيلاءها على منقولاتي، لقد أعطيتهما الأمان فقاما بطعني في ظهري دون رحمة أو شفقة، وانصرفت الزوجة بصحبة ابنتها الصغيرة بخطوات كالسلحفاة، منكسة الرأس كالعائد مهزوما من الحرب، تجر أذيال الخزي والكسوف.
وأرسل أعضاء هيئة مكتب تسوية المنازعات في إحضار الزوج لسماع أقواله.