من الخاسر ومن المنتصر في معركة " لي الذراع " بين الحكومة والصرافين ؟
صراع محتدم بلغ أشده في معركة الإصلاحات الاقتصادية وتعافي الريال اليمني
هل يستطيع البنك الصمود في معركته لكبح جماح فوضى شركات الصرافة والمضاربين بأسعار الصرف ؟
ما الخطوات الإصلاحية للبنك التي أدت إلى تعافي الريال اليمني والانخفاض النسبي في الأسعار ؟
كيف استدل البنك المركزي على أن الارتفاعات السابقة في أسعار الصرف كانت وهمية ؟
الرئيس الزبيدي القائد الأبرز في عملية الإصلاح الاقتصادي الهادفة تحسين الأوضاع الخدمية والمعيشية للمواطنين
الانتقالي يقلب الطاولة على رؤوس قوى اليمننة ويقود عملية الإصلاحات الاقتصادية ووقف انهيار العملة المحلية
يجب على أمن عدن القبض على شبكات المضاربين بالعملة أمام شركات الصرافة والأسواق والمحلات التجارية
تسونامي المضاربات في مواجهة استقرار العملة
في وقت تتزايد فيه معاناة المواطنين من وطأة تردي الخدمات ، وتدهور المستوى المعيشي ،وانقطاع الرواتب ، وغلاء الأسعار ، بدأ صراع محتدم بلغ أشده في الوقت الحاضر بين الحكومة الشرعية والبنك المركزي من جهة وبين هوامير شركات الصرافة والمضاربين بأسعار الصرف من جهة أخرى في معركة الإصلاحات الاقتصادية والتوجهات الحالية التي تسعى من خلالها الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً والبنك المركزي اليمني لتخفيف الأعباء المعيشية وإنقاذ الاقتصاد الوطني من حالة التدهور والانهيار
معركة مصيرية :
معركة مصيرية يمكن تسميتها معركة كسر العظم . . معركة تدور رحاها في ميدان الساحة الاقتصادية اليمنية ، ويحاول كل طرف فيها استنزاف قدرات الخصم للي ذراعه والانقضاض عليه بغتة دون سابق إنذار . . معركة بدأت بالتصريحات الإعلامية مرورا بتبادل الاتهامات البينية بين طرفي معركة كسر العظم بين حكومة كانت امتدادا لسلسلة من الحكومات الفاشلة الهشة التي أثبتت وقائع الأحداث بأبعادها الزمانية والمكانية عجزها الكلي عن إحداث أية نتائج إيجابية للإصلاح المالي والإداري ، وإنما كانت وبالا على شعب انهكته حرب شعواء انطلقت قبل أكثر من 10 أعوام ؛ وتحديداً في مطلع العام 2015م .
هوامير الفساد بشركات الصرافة :
سنوات طوال شهدت حركة السوق المصرفية انهيارات تدريجية للريال اليمني مقابل العملات الأجنبية وفي مقدمتها الدولار والريال السعودي ، وهما العملتان المتداولتان في الأسواق التجارية اللتان تم اعتبارهما كمعيار لتلافي أية خسائر ناجمة عن المضاربات المستمرة في السوق المصرفية التي سادت خلالها الارتفاعات الوهمية في أسعار الصرف لصالح العملات الأجنبية بسبب " هوامير " الفساد القائمين على شركات الصرافة ، الذين ظلوا يعملون في الخفاء كمظلة للأسواق المصرفية الموازية أو ما تسمى بـ " السوق السوداء " والتي حظيت بتشجيع شركات الصرافة بهدف خلخلة أي مساع من شأنها استقرار أسعار صرف الريال مقابل العملات الأجنبية ، وهي فوضى خلاقة يستغلها هوامير الفساد لكسب الملياريات من الزيادات الوهمية في أسعار الصرف ، والاستحواذ عليها لمواجهة خصومهم في معركة السوق المالي والهادفة إفشال أي مساع حكومية للإصلاحات المالية ، وانتشال التدهور في العملة المحلية ، وتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية والخدماتية وغيرها .
وخلال الفترة المنصرمة سجلت أسعار صرف العملات الأجنبية، في العاصمة عدن والمحافظات المحررة ، انخفاضا مريعا لسعر الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية وسط تحذيرات المراقبين من عواقب كارثة انهيار العملة المحلية على الوضع المعيشي للمواطنين ، حيث سجّل سعر صرف الدولار في العاصمة عدن والمحافظات المحررة 2800 ريالا ، فيما بلغ سعر صرف الريال السعودي 780 ريالا .
وخلال الأيام القليلة المنصرمة شهدت السوق المصرفية اليمنية انخفاضًا ملحوظًا وسريعًا في أسعار العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني ، بعد موجات متواصلة من الارتفاعات التي أرهقت الاقتصاد والمواطن على حد سواء إذ بلغ سعر الصرف للريال السعودي 425 - 428 ريالاً والدولار نحو 1617 - 1632 ريالا .
إجراءات حاسمة :
ويرى الصحفي الجنوبي مصطفى القطيبي أن هذا التراجع لم يكن عشوائيًا أو مرتبطًا فقط بعوامل عرض وطلب مؤقتة، بل جاء نتيجة سلسلة من الإجراءات الحاسمة التي اتخذها البنك المركزي اليمني خلال الفترة الماضية، والتي بدأت تؤتي ثمارها بشكل واضح .
وأكد الصحفي " القطيبي " أن تعافي الريال اليمني والانخفاض النسبي في الأسعار مؤخراً يرجع إلى أن البنك المركزي قام بتنفيذ مجموعة من الخطوات الإصلاحية تمثلت في نقل البنوك من مناطق سيطرة الحوثيين، وسحب مفاتيح التحكم بالودائع البنكية، وفرض الربط الشبكي الكامل على البنوك وشركات الصرافة، بهدف مراقبة عمليات بيع وشراء العملات ومنع التلاعب بها " .
البنك المركزي : الارتفاعات السابقة في أسعار الصرف كانت وهمية
وأضاف أنه من خلال هذه العملية، اتضح للبنك أن العشرات من شركات الصرافة – بعضها يمتلك شبكات كبيرة من الفروع – ترفض الخضوع للربط الشبكي، وتعمل في المضاربة بالعملة، ما فتح الباب أمام ممارسات مكثفة استهدفت رفع أسعار العملات بشكل وهمي لتحقيق أرباح غير مشروعة.
مؤكداً أن " البنك أعد تقارير رسمية ورفعها إلى الحكومة، كما قدم نسخًا منها للجهات المانحة الدولية، وفي مقدمتها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، اللذان أرسلا وفدًا مشتركًا لزيارة البنك والاطلاع على الإجراءات المتخذة. ونتيجة لذلك، حظي البنك بدعم مباشر من المجتمع الدولي، الذي يُولي قضايا غسيل الأموال والتلاعب بالقطاع المالي أهمية بالغة ، وبناءً على هذا الدعم، تم التوافق بين مجلس القيادة الرئاسي والحكومة والبنك المركزي على إعادة تفعيل كافة القرارات التي سبق تعليقها قبل عامين، مع استثناء مؤقت فقط للتحويلات إلى مناطق سيطرة الحوثيين، منعًا للإضرار بالمواطنين هناك، ولتفويت الفرصة على المليشيا الحوثية الإرهابية لاستغلال المواطنين ونهب أموالهم بطرقها المختلفة ، كما أصدر البنك المركزي قرارات بإيقاف وسحب تراخيص عدد من شركات الصرافة في مختلف المحافظات، بعد إنذارات متكررة، لا سيما أن بعض هذه الشركات تمتلك فروعًا واسعة وتلعب دورًا أساسيًا في المضاربة والتلاعب بسوق الصرف " .
واختتم بالقول : " إن البنك المركزي توصل إلى أن الارتفاعات السابقة في أسعار الصرف كانت وهمية ولا تستند إلى طلب حقيقي. والدليل على ذلك أن البنك كان يطرح في مزادات العملة الصعبة مبالغ تصل أحيانًا إلى 50 مليون دولار، ومع ذلك لا يتم شراء سوى 12 مليون دولار منها أو أقل، مما يؤكد وجود تلاعب في السوق من قِبل أطراف معينة " .
البنك يوقف تراخيص 48 شركة ومنشأة صرافة :
وأصدر البنك المركزي اليمني، الأحد الموافق 3 أغسطس 2025، قرارًا يقضي بتوقيف تراخيص 48 شركة ومنشأة صرافة في عموم البلاد، ضمن إجراءات رقابية تهدف إلى تصحيح أوضاع القطاع المصرفي وضبط المخالفين.
كما أصدر البنك المركزي اليمني في عدن، الاثنين الماضي، تعميمًا جديدًا إلى شركات ومنشآت الصرافة العاملة، يحدّد فيه ضوابط مشددة بشأن الحوالات الخارجية وبيع العملة الأجنبية للأغراض الشخصية، في خطوة تهدف إلى تنظيم السوق وتعزيز الاستقرار المالي ، وبحسب التعميم الصادر عن قطاع الرقابة على البنوك، فقد حدّد البنك سقفًا لا يتجاوز 2000 دولار أمريكي لكل حوالة أو عملية بيع عملة واحدة للأغراض الشخصية، مع منع تجزئة المبلغ أو تكرار عمليات البيع بغرض التحايل على السقف المحدد " .
واشترط التعميم ضرورة التحقق من الوثائق الثبوتية اللازمة، مثل التقارير الطبية أو خطابات القبول الجامعي أو تذاكر السفر، على أن تكون موثقة ومعتمدة من الجهات الرسمية المختصة.
ومن زاوية أخرى في مقال له بعنوان : " دعم اقتصادي مرتبط بدعم سياسي " يرى الصحفي الجنوبي" عادل العبيدي " أن " التعافي الحاصل في العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية ، وبالتالي خفض أسعار المواد الغذائية والمشتقات النفطية والخدمات الآخرى ، حسب مايبدو أنه بفعل دعم إقليمي ودولي للاقتصاد اليمني الذي سيشهد تحسنا أكثر خلال الأشهر القادمة إن شاء الله ، هذا الدعم للاقتصاد مرتبط بدعم سياسي أيضا لتقوية شرعية المجلس الانتقالي الجنوبي من قبل دول الرباعية الدولية برئاسة القائد عيدروس الزبيدي الذي يقود شخصيا تحركات الإصلاحات الاقتصادية الجارية في البلاد .
وأضاف " العبيدي أن " هذه الإصلاحات الاقتصادية هي حصيلة الصراعات الدائرة بين المجلس الانتقالي الجنوبي والقوى اليمنية داخل أروقة ما تسمى الشرعية اليمنية خلال سنوات الشراكة بينهما ، فيها استطاع الانتقالي الجنوبي قلب الطاولة على تلك القوى ، فبدلاً ما كان الدعم السياسي الإقليمي والدولي للقوى اليمنية في جعل العملة المحلية تنهار إلى الحد الذي وصلت إليه وجعل الأوضاع الخدمية والمعيشية والاقتصادية بشكل عام تصل إلى ما وصلت عليه كسياسة خبيثة للنيل من الانتقالي الجنوبي أو الرضوخ لضغوطاتهم في ذلك المعترك ، من خلال منع تشغيل شركة مصافي عدن ومنع تصدير النفط وتشجيع ممارسة الفساد بكل اشكاله في مرافق الحكومة ومؤسساتها وشركاتها " .
وأختتم " تمكن الانتقالي الجنوبي عمل تغيير وتحول كبير في القناعات العربية والإقليمية والدولية لصالح الجنوب وقضيته من أجل الوصول إلى هذه اللحظة التي فيها اليوم يقود الرئيس الزبيدي بإصلاحات اقتصادية كبيرة لصالح تحسن الأوضاع الخدمية والمعيشية والاقتصادية خدمة لشعب الجنوب ، التي تعد بشارة كبيرة في إعادة تصدير النفط وفي إعادة تشغيل شركة مصافي عدن وفي محاربة الفساد بكل أشكاله داخل مرافق الحكومة ومؤسساتها وشركاتها بدعم سياسي إقليمي ودولي " .
ويرى الصحفي محمد هشام باشراحيل أن التحكم في سوق الصرافة بعد خطوة حاسمة نحو إنقاذ الريال اليمني وقال :
" في خطوة طال انتظارها أصدر البنك المركزي اليمني في عدن توجيهًا حاسمًا بمنع شركات ومنشآت الصرافة من تنفيذ أي تحويلات خارجية تتعلق بشراء المشتقات النفطية، مؤكدًا أن جميع تلك العمليات يجب أن تتم حصريا عبر البنوك التجارية المعتمدة " .
وأضاف باشراحيل " هذه الخطوة التي جاءت ضمن حزمة من الإجراءات الرقابية الأخيرة تعكس تحولًا مهمًا في أداء الحكومة والبنك المركزي نحو استعادة السيطرة على السوق المالية وإغلاق منافذ الفوضى النقدية التي ظلت تُستغل لسنوات ، وبالقدر الذي يمكن فيه اعتبار القرار متأخرًا مقارنة بحجم الأضرار التي خلفها الاعتماد المفرط على سوق الصرافة لتمويل التجارة فإن التحرك الأخير يستحق الإشادة ويبعث برسالة واضحة أن هناك إرادة سياسية ومصرفية لفرض الانضباط، وتجفيف منابع المضاربة التي تسببت في استنزاف احتياطيات النقد الأجنبي وضرب استقرار الريال اليمني " .
موجة مضاربات جديدة تهدد الاقتصاد :
وصعد تجار ومراكز صرافة ومضاربين بأسعار الصرف من مخططهم، في إضعاف توجهات الحكومة والبنك المركزي، وذلك في محاولاتها إيقاف التدهور المستمر ،وتأتي مثل هذه المحاولة لزيادة إبقاء الوضع الفوضوي لتدهور العملة، والذي ينعكس على ارتفاع الأسعار .
تسونامي المضاربات في مواجهة استقرار العملة :
من ناحية أخرى عادت شبكة المضاربين للعمل بشكل واسع ،عبر اشخاص وخلايا متعددة وشخصيات اجتماعية، حيث يحاول المضاربين تعزيز وجودهم من خلال العديد من الانشطة .
وحسب مواطنون ومراقبون فإن أشخاص متعددون أصبحوا يتوزعون أمام مراكز الصرافة والفرزات، وفي وسائل النقل وفي المحلات التجارية ،يعملون على شراء العملات السعودي والدولار بشكل مرتفع يتجاوز السعر الذي حدده البنك المركزي .
أنشطة مشبوهة لشركات الصرافة :
وحذر مختصون وخبراء اقتصاديون من مخاطر هذه السياسة ،التي تقوم بها مراكز الصرافة والتجار والذين يمثلون المضاربين الأساسيين في العملة، حيث أن مثل هذه الانشطة تمثل مخطط للمضاربة والعبث بالعملة بالشكل الذي يؤسس لارتدادات كبيرة وواسعة على واقع الاقتصاد ، مؤكدين أن تسونامي المضاربات في مواجهة استقرار العملة بدأ بالعمل مما قد يهدد سياسات الحكومة والبنك المركزي .
ما دور الأجهزة الأمنية والرقابية ؟
وهنا يبرز دور الأجهزة الأمنية بالتحري والقبض على الأشخاص الذين أصبحوا يتوزعون أمام مراكز الصرافة والفرزات، وفي وسائل النقل وفي المحلات التجارية ، ويعملون على شراء العملات السعودي والدولار بشكل مرتفع يتجاوز السعر الذي حدده البنك المركزي والتحقيق معهم ، ومن ورائهم لينالوا جزاءهم العادل وفق النظام والقانون .