يُصادف يوم الحادي والعشرين من مايو لحظة تاريخية، تحمل في طياتها معاني عميقة تتعلق بالوعي الوطني لشعب الجنوب. إنها ليست مجرد ذكرى عابرة، بل تجسد سلسلة من الأحداث والوقائع التي ساهمت في تشكيل واقع سياسي وعسكري معقد، تخللته معاناة كبيرة ووسائل ضغط وترهيب مختلفة، من بينها حرب الخدمات العامة التي أُجبر الجنوبيون على مواجهتها. بالرغم من كل تلك التحديات، اختار أبناء الجنوب طريق التحرر وتقرير المصير بإرادة قوية وإصرار لا يعرف التراجع.
تاريخ الحادي والعشرين من مايو يمثل نقطة تحول في الوعي الوطني للجنوبيين، حيث جاء كاستجابة طبيعية لمجموعة من الأحداث السياسية والاجتماعية التي شكلت معاناة الشعب. إن استعادة الدولة الجنوبية ليست نزوة عابرة، بل هي حق مشروع وُكّلته الدساتير والمواثيق الدولية، وبالتالي فهي مسألة ينبغي تحقيقها، ليس فقط من أجل الشهداء والجرحى الذين ضحوا بأرواحهم من أجل هذا الشعب، بل أيضاً من أجل جميع الجنوبيين الذين شاهدوا معاناتهم وآلامهم عبر السنوات.
لقد تحمل أبناء الجنوب صنوف المعاناة وصمدوا أمام محاولات الطمس والتهميش. إن إصرارهم على استعادة دولتهم، بحدودها المعروفة قبل عام 1990، وبهوية مستقلة وسيادة كاملة، يظل ثابتاً برغم كل التحديات والتحولات السياسية. إن الحلم الجنوبي، الذي نما وتطور عبر السنوات، يجب أن يتحقق على أرض الواقع ويصبح واقعاً ملموساً. إن هذا التحول يتطلب العمل الوطني الجاد والمثمر، الذي يتماشى مع طموحات الشعب الجنوبي ويستجيب للتغيرات السريعة على الساحتين الداخلية والخارجية.
عندما نتحدث عن استعادة الدولة الجنوبية فإننا نشير إلى جهد جماعي يسعى إلى تجسيد هذا الحلم وتحقيق أهدافه. إن التصدي للمصاعب يتطلب وحدة الصف والالتزام بالمبادئ الوطنية التي ترسخ حق الجنوبيين في بناء دولتهم المستقلة. فجيل جديد من القيادات الوطنية يجب أن يسعى نحو تحقيق تلك الأهداف، معززين بإرادة شعب لا يعرف المستحيل.
في الختام، يمثل الحادي والعشرون من مايو مناسبة ليس فقط للاحتفاء بالتضحيات، بل أيضاً لدعوة الجنوبيين للتكاتف والعمل الجاد من أجل تحقيق الطموحات والأهداف المشتركة. مع العلم أن هذا اليوم ليس محطة نهائية، بل هو انطلاقة نحو بناء مستقبل مشرق لشعب الجنوب، يمكّنه من استعادة هويته واستقلاله الكامل.
علي حسن سيف محمد
رئيس حزب الخضر الجنوبي