ليس عيبا أن تزل قدما المرء، لكن كل العيب هو الاستمرار في الخطأ، والتمادي في الآثام، هكذا كان حال الشاب الجامعي الذي دفع حياته ثمنا، بعدما أصر على علاقة غير شرعية مع خطيبته التي انفصل عنها، ولقنه الأب علقة ساخنة، وأجبره بالتوقيع على إيصال أمانة.
أصر على استمرار هذه العلاقة المشينة، ولم يكن يعلم بأن نهايته ستكون في ليلة رأس السنة.. أمسكت الفتاة هاتفها المحمول، وبصوت يتدفق بنغمات تمتزج بالنعومة والرقة تدعو خطيبها الذي انفصل عنها بأمر من أبيها، للاحتفال معا بليلة رأس السنة بشقتها، وبعدما أرسلت الطمأنينة بداخله وأكدت له بعدم وجود الأب بالمنزل وسوف يعود في وقت متأخر.
لم تراوده نفسه ولو لبرهة، سار الشاب وسط العمارات الشاهقة بمنطقة الجيزة وشوارعها النظيفة تزينها واجهات المحلات التجارية، تتطاير الأضواء من حوله، يفسح للعواطف طريقا تنهمر كالشلال يتردد على مسامعه كلمات محبوبته سابحا في بحر من الذكريات، وكأنها قطرات الندى الذي يتساقط على أوراق الشجر.
جلس العشيقان يتبادلان كلمات الحب واللوع، ونظرات ناعمة وانزلقا في هوة الانحراف، وفجأة انكفأ لونه، وارتجفت أوصاله، وتملكته حالة من الذعر والهلع عندما اخترق أذنيهما صوت الأب الذي عاد إلى المنزل بصحبة صديقين له.
لم تمر سوى دقائق تمكن خلالها الشاب من الاختباء أسفل السرير، بينما علا صوت الأب أثناء مناقشته مع عامل الدليفري الذي أحضر الوجبات التي طلبها الشاب، ابتلعت الدهشة وجه الأب، وقبل أن ينطق بكلمة لاحقته الابنة تخبره بأنها هي من قامت بطلب الوجبة، وتوجهت إلى غرفتها بسرعة تعلو وجهها علامات الريبة وخشية أن يكتشف الأب أمرها.
تسلل الشك داخل الأب وهرول مسرعا وراءها يلاحقه صديقيه، واكتشف الفجيعة، حيث يرقد الشاب أسفل السرير تتسارع دقات قلبه من شدة الخوف، وبشراسة غير مسبوقة انهار عليه وصديقيه بالضرب المبرح والركلات، وقاموا باحتجازه داخل الغرفة لحين حضور أحد من عائلته.
شعر الشاب برجفة تمزق أحشاءه، وبداخله عاصفة تقتلع من نفسه جذور الأمل من النجاة، وغمامة من اليأس المرير تطمس أحلامه، فأخذ يطمئن نفسه ويشجعها، تراود مخيلته أفكار كثيرة، وهداه تفكيره للهروب من هذا المأزق.
توجه بخطوات سريعة إلى نافذة داخل الغرفة، محاولا تسلق مواسير الصرف الصحي للصعود إلى سطح المنزل، شعر الأب بحركة داخل الغرفة فهرول مسرعا، في محاولة للإمساك به لكن اختل توازنه وسقط من أعلى العقار بالدور السادس، وارتطم جسده بالأرض، ولقي مصرعه في الحال متأثرا بجراحه، ودفع حياته ثمنا.
وأمام العقيد محمد الشاذلي مفتش مباحث الجيزة، ذكر الأب في أقواله، بأنه أثناء عودته بصحبة صديقين اكتشف وجود الشاب داخل غرفة نوم ابنته مختبئا أسفل السرير فقام بالاعتداء عليه بالضرب المبرح بمساعدة صديقيه، وأن الشاب تربطه علاقة غير شرعية بابنته حيث أنه تمكن منذ فترة من الإمساك به في وضع مخل مع ابنته، واعتدى عليه بالضرب، وأجبره بالتوقيع على إيصال أمانة في محاولة لتهديده والابتعاد عن ابنته بعد رفضه خطبتهما، لكنه عاود الكرة مرة أخرى في ليلة رأس السنة.
وبورود التحريات التي قادها المقدم عمرو فاروق رئيس وحدة مباحث الجيزة، ومعاونيه الرائدين هشام فتحي، وكريم عبدالرازق، وبمواجهة الفتاة حيث تبين بأنها على علاقة غير شرعية بالشاب الجامعي منذ عدة أشهر، وأنه كان يتردد عليها في غياب الأب الذي تبين أيضا بأن له سجل إجرامي ومسجل خطر.
تم تحرير المحاضر اللازم، وأحيل الأب وصديقيه، وابنته إلى النيابة التي تولت التحقيقات، والوقوف على ما إذا كان هناك شبهة جنائية وراء مصرع الشاب الجامعي، وصرحت بدفن الجثة بعد العرض على الطب الشرعي.