يكشف التقرير الجديد الصادر عن منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن (P.T.O.C) كيف تستخدم ميليشيا الحوثي المهاجرين الأفارقة كوقود لحربها عبر التجنيد القسري والاستغلال العسكري، فضلاً عن تورّطها في تهريب الأسلحة والبشر. كما يسلّط الضوء على جرائم الحوثيين داخل جامع الشهداء بصنعاء ومراكز الاحتجاز، التي تمثّل انتهاكات جسيمة للقوانين الدولية.
واستمراراً لنشاط منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن أحد مجالات مركز (P.T.O.C) حول نشاط الحوثيين في القرن الأفريقي ومسار التوسّع الخارجي يكشف التقرير الجديد بعنوان (استغلال الحوثيين للمهاجرين الأفارقة كأدوات في صراعاتهم العسكرية)ويعتمد التقرير على وثائق أمنية واستخباراتية سرية تحويل الميليشيا الحوثية الموالية لإيران عدد من المواقع الخاصة لمعسكرات تدريب واستقطاب ونشاط استخباراتي للأفارقة أبرزها جامع الشهداء (باب اليمن) بأمانة العاصمة صنعاء والذي يتم من خلاله استقطاب اللاجئين الأفارقة في اليمن من الجنسيات الصومالية والإثيوبية والإريترية والجيبوتية وإخضاعهم لدورات طائفية مكثّفة وتدريبات عسكرية ومن ثم إرسالهم إلى جبهات القتال أو منطقة القرن الأفريقي مقابل مرتّبات شهرية، لنشر الفكر الحوثي المذهبي واستغلالهم في عمليات تهريب الأسلحة والمقاتلين إلى اليمن عبر البحر الأحمر.
وأقام الحوثيون أربعة مراكز تدريب عسكرية أخرى للأفارقة في باجل بمحافظة الحديدة والمسؤول عنه يوسف المداني، والجوف (بدر بازرعة)، وصعدة (مطلق المرّاني)، وحجة عبدالله الطاووس
ويسعى الحوثيون إلى تعزيز قدراتهم العسكرية واللوجستية من خلال تجنيد المهاجرين، ما يعوّض الخسائر البشرية في معاركهم. كما يعزّزون حضورهم الإقليمي بتهديد الممرات المائية، مثل البحر الأحمر، وتعطيل التجارة الدولية.
وتسعى الميليشيا الحوثية ومن خلفها إيران وخاصةً منذ انقلابها على السلطة الشرعية واجتياح العاصمة صنعاء ومحافظات عدّة في سبتمبر عام 2014 وما تلاها من حرب دامية أشعلتها في مارس عام 2015، إلى الهيمنة والسيطرة على منطقة القرن الأفريقي، وذلك من خلال الحصول على موطئ قدم لها في مدخل البحر الأحمر وإقامة قواعد عسكرية لها في المنطقة ونشر الفكر الشيعي الطائفي.
وتشير الوثائق والمعلومات التي حصلت عليها المنصة إلى أن بعض المجاميع الأفريقية التي تتوافد على الجامع قامت مؤخّراً بعصيان وتمرّد ورفض لأوامر الميليشيا الحوثية، احتجاجاً على الانتهاكات المتواصلة والمعاملة السيئة التي يلقونها، وذلك في تطور دراماتيكي في العلاقة بين الميليشيا والأفارقة، أسفر عنها تنفيذ الميليشيا لمذبحة داخل جامع الشهداء تكتّمت عليها الميليشيا ونتج عنها مصرع أحد العناصر من الجنسية الإريترية وهو مشرف المجموعة وإصابة آخرين.
ويمثّل اليمن نقطة عبور رئيسية للمهاجرين القادمين من القرن الأفريقي إلى دول الخليج العربي، لكن الأوضاع الأمنية والإنسانية المتدهورة جعلتهم أهدافاً سهلة للاستغلال من قبل الحوثيين.
ويشير تقرير منصة (P.T.O.C) إلى حادثة موت عشرات المهاجرين الأفارقة وجرح أكثر من 200 آخرين، احتراقاً في الـ 7 من مارس عام 2021 بعد أن أطلقت قوات الأمن التابعة للحوثيين قذائف على مركز احتجاز للمهاجرين تابع لمصلحة الهجرة والجوازات والجنسية في صنعاء، لتفريقهم بعد احتجاجهم على المعاملة المهينة وغير القانونية وظروف احتجازهم غير الإنسانية.
ويأتي هذا التقرير استكمالاً لسلسة التقارير التي أصدرتها المنصة في وقت سابق، وكشفت فيه عن النشاط الحوثي الخطير في القرن الأفريقي، ونشرت معلومات وبيانات سرية وتفاصيل دقيقة لأوّل مرة حول تهريب الميليشيا الحوثية الموالية لإيران للأسلحة من القرن الأفريقي إلى اليمن وبالعكس والاتجار بالبشر.
وبسبب الوباء وتصنيف المهاجرين كحاملين لفيروس "كورونا"، قام الحوثيون بزيادة "النقل القسري" لآلاف المهاجرين من محافظات اليمن الشمالية التي يسيطرون عليها إلى الجنوب الخاضع إسمياً لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بهاً دولياً.
ويطالب التقرير بفرض عقوبات دولية على القيادات الحوثية المتورّطة في استغلال المهاجرين، وحشد دعم المجتمع الدولي لوقف ممارسات الحوثيين غير الإنسانية.
كما يشدّد على أهمية رصد وتسجيل كافة الانتهاكات المروّعة التي ترتكبها الميليشيا الحوثية ضد المهاجرين، وإعداد قائمة سوداء بجميع القادة والمسؤولين وأفراد قوات الجيش والأمن المتورّطين في هذه الانتهاكات ومحاسبتهم وفق القانون والدستور، ودعم جهود توثيق الانتهاكات ضد المهاجرين ورفعها إلى مجلس الأمن والمحافل الدولية.
وأوصى تقرير المنصة بضرورة إنشاء ممرّات إنسانية آمنة لحماية المهاجرين الأفارقة وضمان وصولهم إلى مناطق آمنة، وزيادة دعم المنظمات الدولية لتوفير الحماية والرعاية الصحية للمهاجرين.
وأكد التقرير على أهمية دعم الحكومة اليمنية الشرعية وقوات خفر السواحل اليمنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية عبر منطقة القرن الأفريقي إلى اليمن، لما لها من مخاطر أمنية واقتصادية واجتماعية على اليمن ودول المنطقة.