في خطوة تثير القلق والتساؤلات، يواصل العديد من المعلمين والعسكريين في العاصمة عدن وباقي المناطق المحررة معاناتهم جراء تأخير صرف رواتبهم لعدة أشهر.
هذه الأزمة التي تطال شريحة كبيرة من المجتمع اليمني لم تقتصر فقط على معاناة الأفراد وأسرهم، بل لها تداعيات كبيرة على استقرار الأوضاع الأمنية والتعليمية في المناطق المحررة.
المعاناة المستمرة... المعلمون والعسكريون في مرمى الأزمات:
يعاني المعلمون في العاصمة عدن والمناطق المحررة من تأخير مستمر في صرف رواتبهم منذ أشهر، الأمر الذي ينعكس بشكل سلبي على حياتهم اليومية، ويؤثر على قدرتهم على توفير احتياجات أسرهم الأساسية.
معلمون يشكون من تراكم الديون وصعوبة تلبية احتياجاتهم المعيشية، في وقت تزداد فيه التحديات الاقتصادية في هذه المناطق.
أما العسكريون، الذين يشكلون العمود الفقري للأمن والاستقرار في هذه المناطق، فهم بدورهم يعانون من تأخير صرف رواتبهم.
بعضهم عبر عن استيائه من أن تأخر الرواتب يؤدي إلى تدهور معنوياتهم ويؤثر على أداء واجباتهم العسكرية في وقت تحتاج فيه البلاد إلى استقرار أمني عالٍ.
من المسؤول عن تأخير الرواتب؟
من خلال التحقيقات والمتابعات، يبدو أن تأخير الرواتب ليس بسبب قلة الموارد فقط، بل يرجع إلى عدة عوامل أبرزها:
1- القصور الإداري والمالي: هناك خلل في التنسيق بين الحكومة المحلية والسلطات المركزية في تأمين صرف الرواتب بانتظام.
2- النقص في السيولة النقدية: بسبب الحروب المستمرة والتحديات الاقتصادية التي تمر بها البلاد، يعاني البنك المركزي اليمني في العاصمة عدن من شح في السيولة النقدية، ما يؤدي إلى تأخير صرف الرواتب.
3- الفساد المالي: هناك تقارير تشير إلى أن الفساد الإداري في بعض الدوائر الحكومية يعطل وصول الأموال إلى مستحقيها، أو يتم استخدامها في أغراض أخرى بعيدًا عن الأولويات الأساسية مثل الرواتب.
4- الأزمة الاقتصادية العامة: تشهد البلاد أزمة اقتصادية خانقة بسبب تدني أسعار النفط وتوقف الأنشطة الاقتصادية في مناطق كثيرة، ما يؤثر على قدرة الحكومة على تمويل الرواتب بشكل دوري.
الحلول الممكنة لضمان استمرار صرف الرواتب بانتظام :
لحل أزمة تأخير الرواتب وضمان استمرار صرفها بانتظام، يجب اتباع مجموعة من الحلول العملية، أبرزها:
1- إصلاح النظام المالي والإداري: ضرورة إصلاح النظام المالي في المؤسسات الحكومية، والعمل على تحديث الإجراءات التي تضمن صرف الرواتب في مواعيدها المحددة، وذلك عبر تحسين التنسيق بين السلطات المحلية والحكومة المركزية.
2- إعادة ترتيب الأولويات المالية: يجب أن تكون رواتب المعلمين والعسكريين من الأولويات في الميزانية العامة، ويتم تخصيص جزء من العائدات المحلية، وخاصة من عائدات الموانئ والمصادر النفطية، لصرف الرواتب دون تأخير.
3- الشفافية في إدارة الأموال: يجب تعزيز الشفافية في عملية تخصيص وصرف الأموال من خلال إنشاء آليات رقابة دقيقة لمنع الفساد وضمان وصول المستحقات لمستحقيها.
4- إعادة بناء الثقة بين الحكومة والمواطنين: من خلال تبني سياسة تواصل فعالة وفتح قنوات حوار مع المعلمين والعسكريين من أجل الاستماع إلى مطالبهم، وضمان أن الحكومة تفي بتعهداتها المالية.
5- تنويع مصادر الدخل الوطني: يجب العمل على تنويع مصادر الدخل الوطني من خلال تنشيط القطاعات الاقتصادية المتوقفة مثل الزراعة والصناعة والتجارة، ما يساهم في زيادة الإيرادات المالية لصالح صرف الرواتب.
الخاتمة:
تأخير صرف رواتب المعلمين والعسكريين في العاصمة عدن والمناطق المحررة ليس مجرد مشكلة اقتصادية، بل هو قضية إنسانية وأمنية تتطلب حلًا عاجلًا.
هذه الشريحة من المجتمع تستحق تقديرًا خاصًا من خلال ضمان حقوقها المالية، والتي تشكل حقًا أساسيًا في إطار حقوق الإنسان.
إن الحلول المطروحة يجب أن تتماشى مع الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، مع ضرورة تطبيق إجراءات حاسمة لضمان انتظام صرف الرواتب وحل الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها القطاع العام.
لا بد من تحرك سريع وفعّال من قبل الحكومة، ومؤسساتها المختلفة، والمنظمات المحلية والدولية لتوفير الحلول المستدامة التي تضمن للمواطنين حقوقهم الأساسية، وتسهم في استقرار الأوضاع الاقتصادية والأمنية في البلاد.
- نائب رئيس تحرير صحيفة عدن الأمل الإخبارية