في ظل الأزمات المستمرة والانقسامات العميقة التي يعاني منها اليمن، بات من الواضح أن الوحدة بين الشمال والجنوب لم تُثمر عن الاستقرار المنشود. بل على العكس، تزداد الأوضاع تعقيدًا يومًا بعد يوم، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي.
من هنا، ينطلق نداء من ناشط حقوقي جنوبي إلى جميع المشائخ والوجوه السياسية في اليمن، مُؤكدًا أن "فك الارتباط من الشمال هو الحل الأمثل لضمان مستقبل أجيالنا".
الوحدة اليمنية:
حلمٌ أصبح كابوسًا منذ التوقيع على اتفاقية الوحدة بين الشمال والجنوب في عام 1990، كان هناك أملٌ كبير في أن تتحقق وحدة وطنية تُفضي إلى بناء دولة قوية ومزدهرة.
ولكن سرعان ما بدأت الأمور تتدهور، وأصبح الشعار الذي رُفِعَ في البداية "وحدة لا انفصال" مصدرًا لصراع مستمر.
بعد الحرب الأهلية في صيف 1994، تم اختزال القضية الجنوبية في صراع سياسي مَرَجَعُه بالدرجة الأولى التهميش والظلم الذي تعرض له أبناء الجنوب.
اليوم، وبعد سنوات من المعاناة، أصبح من المستحيل تجاهل حقيقة أن الوحدة اليمنية لم تُحقق الأهداف التي تم الترويج لها.
بل تسببت في مزيد من الانقسام والانهيار الاقتصادي والدمار الاجتماعي.
إن محاولة استمرار الوحدة القسرية قد أثبتت فشلها، وأصبحت الحياة في الجنوب غير قابلة للتحمل في ظل هذه الأوضاع المزرية.
فك الارتباط:
الحل الأكثر منطقية يأتي هذا النداء من ناشط جنوبي ليؤكد أن الحل الوحيد الذي سيضمن مستقبلًا آمنًا ومستقرًا للأجيال القادمة هو "فك الارتباط".
فك الارتباط لا يعني العزلة أو الانفصال التام، بل هو مجرد خطوة نحو إعادة ترتيب العلاقة بين الشمال والجنوب بما يضمن لكل طرف حقه في تقرير مصيره بعيدًا عن الصراعات والفوضى المستمرة.
فك الارتباط يعني ببساطة أن الجنوب بحاجة إلى هوية سياسية واقتصادية مستقلة تمكنه من بناء مستقبل أفضل لشعبه.
على عكس ما يروج له البعض، فإن فك الارتباط لا يعنى قطعًا للعلاقات بين الشعبين، بل هو إعادة ترتيب العلاقة على أسس من الاحترام المتبادل والتعاون في مجالات متعددة، مع احترام خصوصية كل طرف.
مصلحة الأجيال القادمة:
ليس هناك أي مبرر لبقاء الوحدة في ظل الظروف الحالية.
الوحدة التي كانت تُروج في السابق كحل لكل مشاكل اليمن، تحولت اليوم إلى عبء ثقيل على جميع الأطراف.
من خلال فك الارتباط، يمكن للجنوب أن يفتح صفحة جديدة من الاستقرار والتنمية، بعيدًا عن أزمات الحرب والفقر والفساد.
ولكن هذه الخطوة تتطلب رؤية واضحة وتعاونًا صادقًا من جميع الأطراف، وخاصة المشائخ والوجوه السياسية الذين يمتلكون القوة والقدرة على التأثير في المستقبل السياسي للمنطقة.
الشعب الجنوبي: حقه في تقرير مصيره:
من حق الشعب الجنوبي أن يعيش حياة مستقرة بعيدًا عن التدخلات الخارجية، ومن حقه أن يبني دولته الخاصة، ويضع خططًا اقتصادية واجتماعية تضمن له الازدهار بعيدًا عن الصراعات.
لقد آن الأوان أن نعترف بأن الوضع الراهن ليس سوى استمرار لفشل الوحدة، وأن مصلحة الجنوب وأبنائه تتطلب اتخاذ خطوة شجاعة نحو فك الارتباط.
الختام:
نداء اليوم ليس مجرد دعوة من ناشط حقوقي، بل هو نداء لكل من لديه ضمير حي من المشائخ والوجوه السياسية، للعمل على فك الارتباط بين الشمال والجنوب لضمان مستقبل أفضل. المستقبل لا يبنى على أساس الفشل، بل على أساس القرار الصائب الذي يصب في مصلحة الأجيال القادمة.
لنتعاون من أجل حياة أفضل، ونبني دولتين متجاورتين تعيشان في سلام واحترام، بعيدًا عن التعقيدات والتحديات التي جلبتها الوحدة القسرية.