لم أكن اتوقع حينما كنت أبحث في مواقع السوشيال ميديا وكعادتي عن الأحداث المؤلمة والاخبار الهامة التي تهمني كصحفية مبتدئة وتخص معاناة وآلام أبناء وطني وبالأخص محافظتي وما تم نشرها من مآسي وقصص مؤلمة يشيب منها الراس وتقشعر منها الأبدان أن يكون للكاتب الصحفي والناشط السياسي الذي اعتاد البعض ان يطلقوا عليه بـ"صحفي ابين" فيما أطلق عليه عميد الصحافة الجنوبية ناشر صحيفة "الأيام" المرحوم هشام باشراحيل لقب "ملك التعقيبات" لجرأته في التعقيب وقوة حجته وجمال مفردات كلامه انه الصحفي المهندس أحمد الفقيرية تلك الكتابات القوية والشجاعة التي سطرها في زمن لم تكن فيه حرية الراي متاحة مثلما هي اليوم ومازال مكافحا مدافعا عن المظلومين وعن القضية التي يحملها حتى اليوم .
(هذا ما رأيت)
لعل الشيء الأبرز والملفت لنظري هو ما قراته تحت هذا العنوان (هذا ما رأيت) وهو مقال للصحفي محمد الفقيرية جعلني أتعمق في قراءته مرات ومرات وأتأثر مع كل فقرة من فقرات ما تناوله في ثنايا تناولته التي تحدث فيها عن مجزرة المعجلة التي هزت وجدان كافة ابناء أبين خاصة واليمن عامة ، حيث قامت بوارج أمريكية بقصفها بصواريخ كروز من نوع توماهوك كروز BGM - 109D أطلقت في الساعة السادسة من صباح يوم الخميس 30 ذو الحجة 1430 هـ ، الموافق 17 ديسمبر 2009م أدت إلى مقتل ، 41 من السكان المدنيين بينهم 14 من النساء و21 طفلاً .
يقول الفقيرية في معرض تناوله لهذه الجريمة (في صبيحة الخميس الموافق ١٩/١٢/٢٠٠٩وطأة قدماي على أرض قطانه المحروقة من هول صواريخ توماهوك الأمريكية من البوارج الأمريكية الرابضة على أمواج بحرنا العربي بعد تحليق طيران صنعاء لتصوير قرية قطانة المعجلة لضربها " .
سرد الكاتب الفقيرية في تناوله لهذه المجزرة الكثير من الحقائق ونقل العديد من المشاهد المؤلمة والمؤثرة من هول الجريمة وفظاعتها ومن على منبر صحيفة الطريق ناشد منظمات حقوق الإنسان الدولية النزول لتقصي الحقائق .. لم استطع إكمال القراءة وأحسست بغصة وألم من واقع الحال الذي صارت فيه أرواح الأبرياء حقلا للتجارب والمغامرات الطائشة والمتهورة تحت مسميات مختلفة .
عادت بي الذكريات للخلف كنت ما زلت طفلة في الثالثة عشر من العمر تذكرت بعضا من تفاصيل مجزرة المعجلة وكيف كانت ردة فعل الناس والأطفال في تلك الأيام تلك المجزرة نقلت طابع مخيف للغاية في نفوس الجميع الأطفال والكبار ، النساء والرجال .. تذكرت الصور التي تم تناقلها لتلك الجثث الممزقة والمحروقة والتي ماتزال عالقة بذهني حتى اليوم .
من بين مالفت نظر في مقال الكاتب الفقيرية عن مجزرة المعجلة وتداعياتها وردود أفعالها تناوله لموقف وزير الداخلية حينها المدعو رشاد العليمي والذي لم يتردد كاتب المقالة الشجاع في تناولها وخصوصا إهانته (أي العليمي) لأسر الضحايا ولأهالي باكازم .
حيث سرد الفقيرية الحدث بالقول : " اتوني مشائخ قطانه يشكون من إهانة وزير الداخلية العليمي عندما ظهر يهين نسائهم في جلسة مجلس النواب حين قال (للأسف سبب موت نساء اهل باكازم أنهن كنّ يعملن طباخات لمعسكر القاعدة في قطانه ) .. توقفت حينها عند هذا الموقف لمن يدعي بانه وزير داخلية وأعدت التفكير مرات عديدة أهذا منطق وزير داخلية ؟ .
هل حكم العليمي على نفسه بالانتحار ؟
تحت هذا العنوان أطلق صحفي أبين محمد الفقيرية لسلاحه العنان غير مكترث بعواقب جرأته وشجاعته متناولا وزير داخلية نظام صنعاء آنذاك رشاد العليمي الذي أساء لأسر الضحايا ولنساء باكازم وكان ذلك المقال في صحيفة الطريق بعد ان وكله الأهالي وبتوقيعاتهم للرد على العليمي .
يقول الفقيرية في مقاله الجريء : " لقد تطاول سيء الذكر العليمي على أمهاتنا وأخواتنا نساء اهل باكازم اللاتي استشهدن بصواريخ توماهوك الأمريكية المحرمة التي أطلقها البوارج وطيران صنعاء لهذا أقول للقزم العليمي لك ٤٨ساعة للإعتذار مالم القافي مرفوع مع امثالك وخذ كفنك " .
تخيلوا ياسادة ويا حضرات ماذا حدث خلال ٢٤ساعة بعد نشر المقال بحسب الأهالي ومصادر وثيقة حيث وصلت الصحفي الفقيرية العديد من الاتصالات من أهل باكازم يكبرون بالفرحة كون العليمي في جلسة النواب أعتذر لأهالي باكازم " .
عرفت فيما بعد بأن الحلقة الأخيرة وهي الثالثة من تفاصيل مجرزة المعجلة لم تنشر في صحيفة الطريق بعد رفض رئيس تحريرها الذي كان بالفعل شجاعا بمبادرته بنشر الحلقتين الأولى والثانية نشره الحلقة الأخيرة وهو الأمر الذي دفعني لمعرفة السر وراء عدم نشر الحلقة الأخيرة في الصحيفة ، حيث عرفت فيما بعد وبعد سؤالي للكثيرين ومنهم الأستاذ الصحفي المهندس محمد الفقيرية بأن بأن مسؤول كبير تابع للمخلوع صالح (احتفظ عن ذكر اسمه ) هو من أمر بإيقاف نشر الحلقة الاخيرة في صحيفة الطريق ، غير أن رئيس تحرير صحيفة "الأمناء" عدنان الاعجم أبدى استعداده بنشر الحلقة الأخيرة في الصحيفة وهو موقف شجاع يحسب له وللعاملين في صحيفة "الأمناء" والتي اعتبر نفسي من عشاقها كون لها الفضل الأكبر بنشر مشاركاتي فيها والوقوف بجانبي في مشواري الصحفي " .
الفقيرية تقدم بالشكر والتقدير عبر العديد من المنشورات التي كتبها عبر صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" لرئيس تحرير الأمناء لموافقته بنشر الحلقة الثالثة من التقرير والذي كرس للحديث عن الطفلة "شروق" رغم اتصال ذات المسؤول بعدم النشر بحسب الفقيرية .
(اتحداك تحبس دموعك)
تحت هذا العنوان قرأت مقالا للكاتب الصحفي محمد الفقيرية حيث لا أخفيكم سرا أنني وعند قراءتي لهذا الموضوع لم أتمالك نفسي وانهرت بالبكاء متأثرة بما قرأت حيث سرد الفقيرية في ثنايا المقال ردة فعل أهل قطانه عندما عادت الطفلة شروق البالغة من العمر ١٨شهر والتي توفى جميع أفراد أسرتها في تلك المجزرة ولم يتبقى سواها .
يقول صحفي أبين الفقيرية : "عندما عادت شروق من مستشفيات عدن لقرية قطانه كنت حاضرا في استقبالها واه ليتني لم احضر لقد وصلت سيارة الطفلة الناجية شروق إلى قريب من منزلها المدمر وصرخة (اماااااااااااه) رددت جبال قطانه صوتها ونزلت واحتظنها جدها اللوقيه وأعادها إلى السيارة وهي تبكي بحرقة وألم وتشير إلى مكان منزلها الصغير باعتقادها أن امها واخوتها يقطنون بداخله .. اخذتها من جدها واحتضنتها ومشيت بها لركن المنزل وانا ابكي من بكائها واشارة بأصبعها المحروقة لقطعة قماش فيها دماء سحبت ماكان فوقها من بعض الأحجار لأجد احذيتها تحت ذلك الركام .. احتضنت دميتها واخذتها لسيارة وضلت تشير لي بأصبعها باتجاه غرفة والدتها واه يازمن ومن هنا تمخضت احرف الكلمات من الم الكارثة التي قلت فيها بعض من ابيات الشعر قلت في مطلعها :
أشرقت شمس الضحى والاشلاء مسلوقه#
ليت فسفور القنابل اخطئك ياشروق#
كل شبر أو بنانه في الجسد محروقه#
حتى دماك قد تجمد في شرايين العروق#
نعليك ذكرى للعروبة بدمك المسبوق#
ودميتك تصرخ لمعتصماه حافظ للحقوق#
نعم انها ابيات حملت في طياتها الم وقهر استطاع كاتب أبين محمد الفقيرية ترجمته بتلك العبارات وبما سطرها من مقالات وتقارير صحافية إيصال رسالته إلى المجتمع وللعالم بأسرة بأن ثمة جريمة ارتكبت بحق الانسانية هنا في المعجلة بمحافظة أبين وأنها لم ولن تسقط بالتقادم ، متعدها بإيصال ملف شهداء هذه المجزرة إلى القضاء ومحكمة العدل الدولية لمحاكمة القتلة والمجرمين التي تلطخت اياديهم بدماء الأبرياء وحتما ستضل هذه القضية عالقة في أذهان الشرفاء من ابناء هذا الوطن شاهدة على فظاعة وهول وتجرد مرتكبيها من الإنسانية ومن كل القيم ..
في ختام تناولتي هذه لا يسعني الا أن أوجه جزيل الشكر والتقدير لصحفي أبين المهندس محمد الفقيرية الذي استطاع بقلمه الشجاع تغطية مالم يتم نشره عن جريمة مجزرة المعجلة بكل تجرد وإخلاص رافضا كل العروض والمغريات التي عرضت عليه للكف عن تناول هذه القضية ..