من وراء تجميد قرار الرئاسي بتعيين بن بريك رئيسًا للحكومة؟
ما الأسباب الحقيقية لرفض تنفيذ قرارات الرئاسي بعودة الحكومة إلى عدن؟
هل هناك تدخلات خارجية أم أن الأمر مدروس ومخطط له؟
من يدفع ثمن الفراغ الحكومي وتعطيل الخدمات والعمل الإداري؟
عدن بلا حكومة!
بلد العجائب والغرائب، يعيش شعبها على بركة الله وغالبية أعضاء حكومة بلادهم يرحلون في رحلات فضائية كالطيور المهاجرة إلى خارج الوطن، غير آبهين بمعاناة الشعب التي فاقت كل التوقعات وما يتصوره العقل والمنطق.. حكومة عاثت فسادًا لا يشبهه فساد أي حكومة في التاريخ القديم والمعاصر.
حكومة أعمى الفساد والعبث بصيرة رئيسها المقال معين عبدالملك وبعض وزرائه الذين أثروا ثراءً فاحشًا، على حساب معاناة شعب أصبح يعاني من قسوة الحياة المعيشية الصعبة، ويتضور جوعا في بلد من أغنى بلدان العالم في ثرواتها الطبيعية والنفطية والغازية والسمكية، وتشتهر بمعالمها الأثرية والسياحية وبحضارتها العريقة وبمخزونها التراثي والسياحي وبموقعها الاستراتيجي وموانئها وبثروتها البشرية والمادية وغيرها.
ولا نستغرب مما يحدث من غياب رئيس حكومة عن بلده لأشهر مثلما يعد هذا أمرًا يثير الاستغراب في كل دول العالم، ما عدا في اليمن، فالرئيس السابق عبدربه منصور هادي ظل لسنوات في الخارج، وبعده الرئيس العليمي، وكأن الأمر أصبح جزءا من التقاليد الحكومية في اليمن.
تعيين بن مبارك رئيساً للحكومة خلفاً لمعين عبدالملك
صدر مساء أمس الإثنين، قرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي بتعيين الدكتور أحمد عوض بن مبارك رئيسا للحكومة خلفا للدكتور معين عبدالملك الذي جرى تعيينه مستشارا لرئيس مجلس القيادة على عكس ما كان متوقعا وماتم الاتفاق عليه بتعيين سالم بن بريك رئيسا للحكومة .
كما نص القرار على بقاء الوزراء الحاليين في مناصبهم دون تغيير.
وجاء تعيين ابن مبارك رئيسا للحكومة عقب مشاورات ومداولات استمرت أسابيع بعد اتخاذ قرار إقالة معين عبدالملك على خلفية فشله في أداء مهامه وتدهور الخدمات والعملة المحلية في المناطق المحررة.
وابن مبارك هو وزير الخارجية وشؤون المغتربين في حكومة المناصفة، وذلك بعد أن كان سفير اليمن لدى الولايات المتحدة الأمريكية.
قرار العليمي في مهب الريح
وكان رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي قد أصدر مطلع أغسطس العام الماضي قرارًا رئاسيًا بعودة جميع مسؤولي الدولة من الخارج للعاصمة عدن، وقد انتهت فترة المهلة في السادس من أغسطس دون عودة الحكومة ولا مسؤوليها.
من وراء تعطيل عودة الحكومة التي نكثت كل العهود بعد تشكيلها وضربت بكل تعهداتها عرض الحائط، ولم تهتم بما ادعت أنه سيكون من أولوياتها في المرحلة المقبلة وأهمها تطبيع الأوضاع والعمل على توفير الخدمات وتوجيه الجهود وتظافرها لمواجهة العدوان الحوثي وتطهير كل شبر من تواجد ميليشيا الحوثي الإرهابية؟
ولم نر من هذه الحكومة إلا فرض الحصار المفتوح على أبناء الجنوب خاصة وتحديدا العاصمة عدن، ولم تستطع حكومة الطيور المهاجرة توفير أبسط الخدمات في عدن ومحافظات الجنوب، كالكهرباء، حيث تعيش العاصمة الجنوبية عدن ومعها كل محافظات الجنوب في ظلام دامس ولعشرين ساعة يومياً، ويعاني المواطنون من انهيار العملة وانقطاع المرتبات وتردي الخدمات، وسوء إدارة الملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية كافة، وتعد الحكومة العنصر الرئيس في تدهورها وفشل أي مساع لإصلاحها.
فما الأسباب الأخرى لمخاوف عودة رئيس حكومة المناصفة معين عبدالملك وغالبية أعضاء حكومته من الخارج إلى عدن لا سيما وأنها تنعم بالأمن والاستقرار في ظل تواجد القوات المسلحة الجنوبية بالعاصمة عدن، والتي أثبتت جدارتها في استتباب الأمن ليس في العاصمة عدن بل وفي محافظات الجنوب ككل؟
يرى الناشط الجنوبي رائد الجحافي أن عدم العودة كما تبررها الحكومة لأسباب ودواعٍ أمنية، لاسيما وقد سبق أن الحكومة قررت العودة الجماعية في فترة سابقة وتعرضت لهجوم صاروخي بمطار عدن الدولي من قبل الحوثيين.
وتابع الجحافي: "لكن هذا الأمر لم يعد مبررا وجيها، فالأسباب والمبررات كثيرة ومتداخلة، أبرزها: أن العاصمة عدن ومحافظات جنوبية أخرى لم ولن تقبل بالحكومة بسبب تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية الصعبة التي تضع الحكومة في موقف صعب أمام سكان المناطق الخاضعة لسلطتها".
وأشار "إلى مسألة العودة - حسب ما تظهره الوقائع اليوم - يضعها في موقف محرج لاسيما وأنها تعيش حالة من الفساد المالي والإداري المستشري، وقد تفاقمت أزماتها بسبب انقطاع عائدات النفط والغاز الذي كان يجري تصديره وبيعه لشركات أجنبية في شبوة وحضرموت بسبب التهديدات الحوثية للشركات والبواخر والممرات الملاحة الدولية"، مؤكدا أن الحكومة لا تمتلك خططا سنوية أو فصلية ولا تمتلك أية استراتيجيات لسير عملها.
الانتقالي: رفض رئيس الحكومة العودة إلى عدن غير مبرر
اتهم المجلس الانتقالي الجنوبي ما وصفها بالقوى النافذة في الحكومة اليمنية بعرقلة استكمال تنفيذ اتفاق الرياض، وعودة حكومة المناصفة إلى العاصمة عدن.
وقالت هيئة المجلس في بيان صادر عن اجتماع لها برئاسة الرئيس القائد عيدروس الزبيدي، إن التدهور المريع للوضع الاقتصادي لم يكن إلا نتاجا عن عملية تعطيل وعرقلة متعمدة لاستكمال تنفيذ الاتفاق المتعثر عند تشكيل الحكومة في نهاية ديسمبر الماضي.
وأكدت أن رئيس الحكومة وبعض الوزراء يرفضون العودة إلى عدن دون أي مبرر، بينما تؤكد الحكومة أن عودتها مرهونة بتأمين عملها وتحركات أعضائها.
وأشارت إلى أن المجلس شارك في الحكومة من منطلق توفير الحياة الكريمة، مهددا بأنه لن يقبل باستمرار أي ممارسات من شأنها "التنكيل بشعبنا وحرمانه من حقوقه" - حد تعبيره.
حكومة سياحية
يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الحديدة، الدكتور فيصل الحذيفي: "إن خروج رئيس الوزراء معين عبدالملك أو حكومته لقضايا تخص الوطن خارج الوطن، هذه لم نسمع بها إلا في حكومات ذات سيادة واستقلال تحضر مؤتمرات دولية لتناقش مسائل اقتصادية وسياسية ووطنية".
وأضاف: "نحن اليوم نناقش حكومة أدارها شخص طوال خمس سنوات، ولم نستطع إيجاد إنجاز واحد تستحق هذه الحكومة ما تستحق الشكر عليه؛ لأنها أثبتت فشلها بامتياز".
وأشار إلى أن "الحكومتين اللتين ترأسهما معين عبدالملك، على امتداد 5 سنوات، هي حكومات سياحية، وجدت كي تجد لنفسها مغانم كثيرة في التنقل".
وأوضح أنه "عندما يسافر رئيس الوزراء أو وزراؤه، لا يسافرون على حسابهم الشخصي، وإنما تحسب لهم موازنات سفريات باليوم، لذا هناك فتح أبواب للإثراء، ليس فقط في الرواتب الممنوحة لهم من الخارج، ولا من خلال رصد موازنة لنفقاتهم الشخصية من البنك المركزي، وإنما بإضافة نفقات خاصة عند التنقل".
وقال: "عندما يتنقل المسؤولون فهم يبحثون عن راحتهم ومصالحهم، أما الوطن فلا بواكي له".
ويرى أن "الحديث عن تعقيد المشهد أمام أي سلطة أو حكومة يكون عندما تكون السلطة وطنية لها مشروع وطني وسياسي تريد تحقيقه على الأرض، وتواجه تعقيدات تحاول تجاوزها، لكن نحن اليوم أمام رئيس حكومة غير وطني، وحكومة همجية لا مشروع ولا إنجاز لهم، سوى الرحلات المكوكية للخارج ونهب الأموال".
وذكّر بأن "الحكومة التزمت ببيان ومحضر موقع مع الجامعات وبعض موظفي الخدمة المدنية بأنها ستطلق العلاوات، وأنها قد رصدت 50 مليار ريال لتسديدها، إلا أنها لم تفعل ذلك".
وقال: "الشعب اليوم يعيش في حالة فقر ومجاعة وفي حالة غياب للحكومة والموظفين عن الأرض، وغياب مشروع استراتيجي وطني يمكن إنجازه".
وأشار إلى أن "قرار المجلس الرئاسي، بعودة مسؤولي الدولة إلى الداخل، ليس القرار الأول ولن يكون الأخير، وعودة معين عبدالملك ليست العودة الأولى ولن تكون الأخيرة، فمسؤولو الدولة لا يضعون أي اعتبار لمواطنيهم، ويمارسون سياسات تملى عليهم، ومجبرون على تنفيذ الأجندة".
وكشفت مصادر مطلعة عن تغيير مرتقب في حكومة معين عبدالملك يشمل رئيس الحكومة وعددا من الوزراء.
يأتي ذلك بالتزامن مع تصاعد الأصوات المنادية بإقالة معين عبد الملك عن رئاسة الحكومة بتهم الفساد.
وأشارت إلى أن الدكتور سالم بن بريك حظي بموافقة عدة أطراف في الداخل والخارج، متوقعة أن يتم الإعلان عن تشكيل حكومة جديدة لاحقاً .
وكشفت مصادر إعلامية أن مجلس القيادة الرئاسي، أجّل قرار تغيير رئيس الوزراء للحكومة الشرعية الحالية الدكتور معين عبدالملك.
وأكدت المصادر أنه تم تجميد قرار تغيير رئيس الحكومة إلى إشعار آخر.
وكانت مصادر مطلعة قد كشفت قبل أيام، أن مجلس القيادة الرئاسي وافق على تعيين رئيس جديد للحكومة الشرعية، ودارت أنباء عن ثلاث شخصيات من المحافظات الجنوبية مرشحة للمنصب، وتم التوافق مؤخرا على تعيين سالم بن بريك رئيساً جديداً للحكومة.
وكشفت مصادر خاصة لـ"الأمناء" في وقت سابق عن مساعٍ لرئيس مجلس القيادة الرئاسي لإقناع معين عبدالملك بالبقاء في منصبه لمدة ثلاثة أشهر، غير أن الأخير رفض ذلك خصوصا وأنه قد قام بنقل كل مستلزماته من قصر معاشيق بعد وعود تلقاها بتعيينه سفيرًا بإحدى الدول .