كتب / عبدالحكيم الدهشلي
لاشك بأن الأحداث الدولية والإقليمية الراهنة أفرزت متغيرات كثيرة ومتسارعة، وهامة في نفس الوقت، ستنتج عنها تحولات وتحالفات جديدة، ووضع دولي آخر، وهو ما يلقي بظلاله على الأوضاع الإقليمية، والداخلية في دول العالم لاسيما البلدان القابعة تحت الاحتلال،وكذا المضطربة بالصراعات السياسية والعسكرية، ومنها فلسطين، والجنوب العربي اللذان يجب ان يأخذان مكانتهما الطبيعة بين دول العالم ، ويحتم على المجتمع الدولي ممثلاً بمجلس الأمن الدولي وجميع هيئاته ومنظماته، التعاطي الإيجابي مع قضيتيهما الوطنيتين، وفق القانون الدولي، والمواثيق والمعاهدات الدولية، التي أصبح تطبيقها ضرورة حتمية، تقتضيها المصالح الدولية لضمان استدامة الأمن والسلم الدوليين، واستقرار الأوضاع،والتعايش بين جميع الأديان والأجناس في المنطقة، والعالم على حد سواء.
ورغم ان القضية الفسلطينية حاضرة وبقوة بعدالتها وقانونيتها، وبنضال شعبها الحي ، وصدور العديد من القرارات الدولية التي أقرت الحق الفلسطيني، وأدانت الاحتلال الإسرائيلي على مدى السبعة العقود ونيف الماضية ، إلا ان كل ذلك لم يشفع للشعب الفلسطيني باستعادة دولته،لسبب التآمر والتلاعب الدولي، والتعامل مع القضايا بعدة معايير، إضافة إلى الاختلالات والتباينات بين فصائل الفلسطينة، التي منحت الأطراف الدولية المهيمنة على القرارات الدولية، مجال للتلاعب والتسويف وترحيل حلها الحل العادل والدائم، وهو الأمر الذي يحتم على كافة الفصائل الفلسطينية، توحيد الجهود والكلمة، واستغلال هذه المتغيرات والأوضاع الدولية، لاستعادة كافة أراضيهم من الاحتلال الإسرائيلي، وإعلان دولتهم الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
و كما هو حال القضية الوطنية الجنوبية التي مر عليها ثلاثة عقود منذ اجتياح الجنوب العربي عسكريا، في 1994م وتحويل الوحدة الطوعية إلى احتلال، ومنذ ذلك التاريخ، وشعب الجنوب يقبع تحت الاحتلال اليمني المتخلف، الذي لا يختلف عن الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، من حيث الاعتداءات المستمرة على شعب الجنوب، والاستيلاء على أرضه وحقوقه، وكذا عملية الاستيطان المستمرة حتى اللحظة ، بتحويل أكثر من ثلث سكان الشمال إلى الجنوب، مع توفير التسهيلات والدعم، لعملية النزوح والاستيطان في جميع محافظات الجنوب، من قبل المنظومة،التي سلمت الشمال للحوثيين دون مواجهة،والمسيطرة على القرار والمال الجنوبي، باسم الشرعية المدعومة دولياً أولا ثم باسم الرئاسي وحكومة المناصفة ثانيا،والذي اتى هذا التغيير لتجديد شرعيتها، والاستمرار بعملها العدواني الممنهج على شعب الجنوب، بغطاء دولي وتشريع محلي بعد ان رفضها شعب الجتوب، بسب اعتداءاتها المستمرة عليه.
وبعد فشل كافة الاتفاقات التي تمت بينها وبين الانتقالي الجنوبي، طيلة الخمس السنوات الماضية، بات من الضروري إيجاد صيغة حلول ناجعة، وواضحة المعالم والابعاد، لاسيما بعد ان أصبحت المداهنة، والتعامل معها بثقة من قبل الجنوبيين لا تجدي نفعاً ،بل زادت طمعها، وتضاعفت اعتداءاتها ضد شعب الجنوب.
ونتيجة الأوضاع الدولية والإقليمية الراهنة،التي أفرزتها الحربين الروسية الاوكرانية، والاسرائيلية الفلسطينية، اللتان القتا بظلالهما على دول المنطقة بشكل خاص، خلطت الأوراق وأربكت الحسابات على جميع اللاعبين الدوليين، والإقليميين،وهو ما حتم عليهم التفكر بإنتاج صيغة حلول أخرى، تتماشي مع مصالحهم وأهدافهم، لتهدئة الأوضاع في هذا الجزء، ريثما تهدأ في الجزء الآخر، لضمان عدم خروجها بشكل عام عن سيطرتهم.
وبما ان الجنوب يعد أحد طرفي، معادلة الحرب الرئيسية القائمة، يجب ان تكون قضيته الوطنية حاضرة وبقوة،في صيغة الحلول المرتقبة،التي يتم الإعداد لها، من قبل الرعاة الدوليين والإقليمين اي وفق مكانتها، وقانونيتها.. حيث لم تعد تقبل الترحيل ولا التأجيل أو الربط بقضايا أخرى،من دون حلول واضحة ومزمنة ومشروطة،وبضمانات دولية مكتوبة، لاسيما بعد أن عادت حسن النوايا التي أبداها الجنوبيون للأطراف الأخرى خلال مسارات التوافقات السابقة بالوبال على الجنوب وشعبه وقضيته الوطنية العادلة.