ألغام الحوثي.. موت مدفون بالأرض يلاحق حياة المدنيين
تاريخ النشر: السبت 04 نوفمبر 2023
- الساعة:20:42:54 - متابعات _ الناقد برس
لا يكاد يمر يوم في اليمن، إلا ويتم تسجيل حادثة انفجار بلغم أرضي أو مخلفات الحرب التي زرعتها ميليشيا الحوثي- ذراع إيران في اليمن، في عدد كبير من المحافظات بهدف الانتقام من المدنيين الأبرياء.
وتمثل مشكلة الألغام من أهم التحديات التي ستواجه اليمن في حال تم الجنوح إلى السلام بين الأطراف المتنازعة، كون المتفجرات التي تم نشرها في البلد تحتاج إلى سنوات طويلة لأجل انتزاعها وإيقاف سقوط مزيد من الضحايا.
بحسب التقديرات قامت الميليشيات الحوثية بزراعة أكثر من مليوني لغم وعبوة متفجرة، وتتركز معظم تلك المتفجرات في مناطق سكنية ومأهولة وهو ما ضاعف عدد ضحايا هذه الأجسام المتفجرة.
يمن نظيف من الألغام
ويعد مشروع مسام السعودي لتطهير اليمن من الألغام من المشاريع المنقذة للحياة التي جرى إطلاقها في العام 2018، ويعمل في المشروع نحو 550 موظفا موزعين على عدة فرق في مختلف المناطق المحررة. ويمتلك المشروع فريقا من الخبراء الأجانب والسعوديين لتدريب الفرق العاملة على الأرض على أحدث التقنيات وكيفية التعامل في المواقف الطارئة وكذلك لمواكبة التطور الطارئ على أنواع الألغام وطرق زراعتها.
المشروع تمكن منذ انطلاقه في 2018 وحتى نهاية أكتوبر من العام 2023 من نزع 419.997 لغماً وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة. وهذه إحصائية كبيرة بالرغم من أن أعداد الألغام المزروعة تفوق أضعافا من الكمية المنزوعة.
ويوضح قاسم الدوسري مساعد المدير العام لمشروع مسام لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام، أن مشكلة الألغام في اليمن متعددة الأوجه، وتمثل تحدياً كبيراً للحياة. لافتا إلى أن تلك الأجسام الخطيرة زرعت بشكل عشوائي وليس هناك أي خرائط لأماكن زراعتها في الأراضي اليمنية.
وأشار إلى أن هناك تطورا في آليات زراعة الألغام وكذلك الألغام المستخدمة خاصة المصنعة محليا والمموهة كالصخور الموضوعة على جوانب الطرق ولعب الأطفال وعلب الطعام.
وقال قاسم الدوسري إنه لا يمكن توقع توقيت “يمن نظيف تماماً من الألغام” خاصة أنه ما زالت هناك مناطق تحت سيطرة الحوثي، ومن المعروف أن أي منطقة تسيطر عليها ميليشيا الحوثي تقوم بتطويقها بحزام من الألغام، وكذلك عند مغادرتها تترك خلفها ألغاما عشوائية.
وأضاف إن هناك أيضاً مناطق قمنا بتطهيرها أكثر من مرة، بسبب عودة الحوثيين إليها ثم انسحابهم منها، وبعد مغادرتهم لها وعودة النازحين تلقينا بلاغات من الأهالي بوقوع حوادث انفجار، فتحركت فرقنا على الفور لتطهير نفس المناطق التي سبق وعملنا بها.
كارثة إنسانية
ويؤكد قاسم الدوسري مساعد المدير العام لمشروع مسام لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام: لدينا هدف نضعه صوب أعيننا طوال الوقت، هو إنقاذ الإنسان اليمني والوصول إلى “يمن بلا ألغام”، خصوصا وأن هناك تقارير سابقة تؤكد أن عدد ضحايا الألغام في اليمن تجاوز عشرة آلاف مدني أغلبهم من النساء والأطفال.
وأضاف: إن إجمالي ضحايا الألغام والعبوات المتفجرة في صفوف الأطفال فقط بلغ 2400 قتيل، و4300 مصاب، مشدداً على أن هذه الأرقام قابلة للتزايد في ظل تربص الألغام بهذه الفئة المجتمعية الهشة. وأشار إلى أن الفرق الهندسية التابعة لمشروع مسام تمكنت حتى الآن من تطهير 50.887.612 متراً مربعاً من الأراضي اليمنية كانت مفخخة بالألغام والذخائر والعبوات الناسفة.
وأوضح الدوسري: حقول الألغام الأرضية العشوائية المضادة للأفراد والمضادة للدبابات والعبوّات الناسفة والذخائر غير المتفجرة، تشكل عائقاً كبيراً أمام جهود التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتعرض المواطنين للمخاطر جيلاً بعد جيل. لافتا إلى أهمية السيطرة على هذه الكارثة الإنسانية والحرص على عدم استفحالها وتحولها إلى فاجعة غير مسبوقة في العالم.
تخاذل أممي
رغم الجهود الكبيرة التي تبذل من أجل نزع الألغام وحماية المدنيين من هذه الكارثة، إلا أن الصدمة كانت كبيرة عقب إعلان الأمم المتحدة إيقاف الدعم المقدم للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً في جانب مجال نزع الألغام وفق ما صرح به العميد أمين العقيلي، مدير البرنامج الوطني للتعامل مع الألغام.
وقال المسؤول اليمني: إن "الأمم المتحدة، أوقفت وبشكل نهائي، دعمها للحكومة في مجال نزع الألغام منذ يوليو 2023. الأمر الذي دفع إلى إيقاف عمل المركز الوطني للتعامل مع الألغام عدا من يعمل بالطوارئ بجهود بسيطة جداً".
وأضاف إن هذا الدعم الأممي، ورغم قلته، لم يكن يخلو بين الفينة والأخرى من الإيقاف بشكل غير مبرر وغير إنساني أو قانوني، وقال: "قام البرنامج الإنمائي، وبمبرر غياب دعم المانحين، بتخفيض الدعم منذ عام ونصف، حتى وصل في النصف الأول من العام الجاري 2023 إلى نسبة 50%، قبل أن يتم إيقافه نهائياً في يوليو الماضي".
ووصف العقيلي الوضع الحالي مع الأمم المتحدة بـ"المزري جداً"، وأنها لم تكن شفافة في التعامل مع البرنامج الوطني للألغام للتعامل طيلة خطة الاستجابة الطارئة منذ العام 2016.
وأوضح أن هناك مباحثات مع البرنامج الإنمائي بخصوص إطلاق الدعم من جديد، لكن "لم نر أي بصيص أمل وشفافية في هذا الجانب، خاصة خلال الفترة السابقة، لم تكن هناك شفافية في عملية الدعم، كيف صرف وكم تبقى منه وخطة العام المقبل، على الرغم من أننا رفعنا خطة في هذا الجانب وتم اعتمادها في مركز جنيف أثناء المؤتمر، وللأسف لا يزال مصير الدعم مجهولا، ولا نستطيع تحديد متى عودته وهل ستكون هناك شفافية أم سيظل الوضع كما هو سابقا".
وفي الوقت الذي تم إيقاف الدعم عن الحكومة كانت الأمم المتحدة تقوم بتسليم ميليشيات الحوثي دعماً سخيا تحت غطاء مشروع دعم جهود نزع الألغام في اليمن. بحسب التقارير والإحصائية تسلمت الميليشيات الحوثية أكثر من 168.6 مليون دولار تحت اسم هذا المشروع منذ عام 2016 حتى بداية أغسطس 2023.
الحديدة ملوثة
وتعد محافظة الحديدة إحدى أكثر المحافظات اليمنية تلوثاً بالألغام ومخلفات الحرب بالرغم من أن المحافظة أبرمت اتفاقاً في العام 2018، برعاية أممية عرف باتفاق الحديدة "ستوكهولم" لأجل إنقاذ المدنيين وإيقاف الأعمال العسكرية.
ووفقاً لتقارير أممية، شهدت المحافظة سقوط 425 مدنيا؛ منهم 151 قتيلا، و274 جريحا، نتيجة حوادث انفجارات الألغام، وذلك خلال الفترة من يناير 2022 وحتى سبتمبر 2023.
سجلت بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة "أونمها" سقوط أكثر من 220 مدنيا خلال الفترة من أكتوبر 2022 وحتى سبتمبر 2023، جراء حوادث الألغام والمتفجرات من مخلفات الحرب.
وأشار التقرير إلى أن عدد القتلى المدنيين بسبب انفجارات الألغام في المحافظة بلغ 83 شخصاً، وبنسبة 37% من إجمالي الضحايا المدنيين، فيما بلغ عدد المصابين 142 شخصاً وبنسبة 63%.
المصدر: نيوزيمن