كتب / عبدالحكيم الدهشلي
سبق وأن تطرقت في المنشور السابق إلى الجزء الأول من أسباب الاخفاقات العربية التي أدت إلى حالة الضعف والوهن العربي، ومنح الطرف الآخر التفوق، والتي تمثلت بالتبعية العمياء لدول الغرب وأمريكا.
وها نحن اليوم نتطرق إلى الأسباب الأخرى،والتي هي أساساً مرتبطة ببعضها، وتتلخص بالآتي :_
1_ قفز الأنظمة العربية على واقعها العربي، والاندفاع الغير مبرر بربط العلاقات المبالغ فيها مع دول الغرب وأمريكا، دون الأخذ في الحسبان المواقف السياسية، والصراعات التاريخية، بين العرب وتلك الدول ،حيث أصبحت هذه العلاقات فريدة من نوعها ويمكننا تسميتها بالتسليم أو الاحتلال غير مباشر، كونها لا ترتكز على مبدأ المصالح المشتركة بين الطرفين،بل لمصلحة طرف على حساب الآخر.
2_ التنافس وصراع المصالح بين الدول الكبرى وذات النفوذ على المنطقة العربية، أنتج نفس التنافس والصراع بين الدول العربية نفسها،حيث اتخذت كل دولة من الدول الغربية الكبرى وأمريكا، من الدول العربية الموالية لها أدوات ضغط وابتزاز للدول العربية الأخرى ، لاستمرار الصراعات والخلافات فيما بينها، حتى تظل هيمنتها ، ويظل معها استنزاف الثروات العربية المختلفة ، وبقاء الوضع العربي ضعيف معتمد على الدعم الغربي والمنتجات الغربية والأمريكية في مختلف مجالات الحياة للشعوب العربية بما فيها المنتجات الاستهلاكية البسيطة ،اي بعد استقلال معظم الدول العربية الذي يترواح ما بين سبعون، وستون عامًا ، والشعوب العربية لازالت تعتمد اعتمادها الكلي على دول الغرب بمختلف متطلبات الحياة ،بينما تلك الدول الكبرى التي خلف بلداننا العربية متفقة فيما بينها.. تجني ثمار تلك الصراعات باستثمار الثروات العربية.
وفي الوقت ذاته علاقات الدول العربية مع بعضها في أحسن الأحوال تكون شكلية .
3_ إذا ما قارنّا إيران مع الدول العربية، من حيث المساحة والسكان والإمكانات، والثروات والمواقع، فهي في أحسن الأحوال تعادل دولة واحدة من الدول العربية الكبرى ، ولكن سر تفوقها على العرب والمسلمين، هو أنها لم تفرط بسيادتها وقرارها، وبنت علاقتها ببلدان العالم، بما فيها الدول الكبرى وفق مبدأ المصالح المشتركة المتكافئة، واجزم بأن أمريكا التي تظهر عدائها المطلق لإيران هي من يدعمها من الثروات العربية، لتظل فزاعتها الخفية في المنطقة، حتى يظل الاذعان العربي لها مستمر.
4_ تركيز إيران على مصالحها، والحفاظ على سيادتها واستقلال قرارها ولا تخشى اي تهديدات خارجية، وهو الأمر الذي شجعها على تركيز جل جهودها وامكاناتها في مجال التصنيع لمختلف الصناعات بما فيها الأسلحة حتى وصلت إلى حد الاكتفاء الذاتي مما تنتجه.
5_ تحافظ إيران على كل من يتبع عقيدتها، في مختلف البلدان التي يتواجدون فيها وان كانوا أقليات، حيث توليهم الاهتمام الكامل، وتعمل على تشجيعهم ودعمهم ووضع لهم مكانتهم، حتى صاروا في العديد من الدول العربية ذات مكانة وقوة، بعكس الدول العربية التي تحارب بعضها البعض.
6_ إذا كانت الدول العربية تخشى التمدد الشيعي،حسب زعم الساسة والإعلام لماذا إذن لا توحد مواقفها وقواها، لتتحرر اولاً من التبعية العمياء لدول الغرب وأمريكا التي تستخدم إيران فزاعة ضدهم ؟!.
ولماذا فرطوا بالدول العربية التي هي سنية بالكامل، ومنها ليبيا، والجنوب العربي، فموقف الدول العربية المتباين بالنسبة لليبيا اوصلها إلى الحرب الأهلية، واصبح وضعها في الحضيض، في الوقت الذي هم فيه يدركون الأهداف والمخططات الغربية والأمريكية من هذا الاستهداف، وكما هو موقفهم االمتخاذل تجاه الجنوب العربي، والوقوف مع أعدائهم الذين الذين هم اساسا ذراع إيران، ومصدر الخطر الحقيقي لهم إذا ما كان هناك خطر حسب ما يردده الساسة والاعلاميون، في الوقت الذي فيه الجنوب العربي يمتلك كل الحق والحجج والمبررات المسنودة بقوة الحق والقانون الدولي والمواثيق والمعاهدات الدولية لاستعادة دولتة على كامل ترابها الوطني إذا ما وقفت الدول العربية مع هذا الحق ؟!.
7_ لماذا لا تبني الدول العربية علاقات مع إيران باعتبارها دولة إسلامية، وجارة لأنهاء التوترات والتهديدات والخلافات المستمرة، أفضل من تطبيع العلاقات مع إسرائيل التي زُرعت للعرب والمسلمين عنوة لخلق الخلافات والحروب والأزمات المتواصلة لهم ، وأفضل من العلاقات الغير متكافئة مع الدول الغربية الكبرى وأمريكا، التي تعتبر الدول العربية متخلفة، ولا يهمها سوى الاستيلاء على ثرواتها ؟!.
عبدالحكيم الدهشلي
23 أكتوبر 2023م