توجيه بوصلة جنوبا بدلا من مواجهة الحوثيين لمصلحة من ؟
ما دلالات انتصار الجنوب على مؤامرات قوى الاحتلال اليمني وإخوانها بحضرموت والجنوب عامة ؟
ما وجه المقارنة بين الإمارات والسعودية في إدارة الأزمة ؟ . . نقاط القوة والضعف
هل هناك متسع من الوقت لتعديل سياسات التحالف وحرف بوصلة الحرب شمالاً أم سيأتي يوم نقول فيه جنت على نفسها براقش؟
تقرير / سالم لعور
ثمان سنوات ونيف منذ بدء انطلاق عاصفة الحزم في اليمن التي يقودها التحالف العربي لدعم الشرعية .. وخلال تلك السنوات لم تظهر ملامح نجاح هذا التوجه لأسباب منها تذبذب مواقف التحالف العربي خلال مراحل هذه الحرب وعدم قدرته على توجيه بوصلة الحرب شمالاً لتحرير محافظات اليمن الشمالي ودحر الانقلابيين الحوثيين من صنعاء ، بل على العكس أثبتت وقائع هذه الحرب أن القوى الإصلاحية والإخوانية المتعثرة بثوب الشرعية التي جاء التحالف العربي لدعمها تعمل على إفشال سياسات التحالف واتفاقات الشراكة معه لحسم الحرب ، وظلت هذه القوى والمكونات الشمالية تبتز التحالف العربي علانية بفزاعة الحوثي ، وتتخادم بصورة سرية مع الحوثيين وظهرت ملامح هذا التخادم الخفي تظهر إلى السطح من خلال عدم تحقيق أي تقدم في الجبهات في المحافظات الشمالية كمأرب والجوف وتعز وغيرها التي لم تتقدم شبرا في جبهات القتال خلال الثمان السنوات المنصرمة رغم الدعم السخي والمجهود الحربي الضخم الذي قدمه التحالف العربي لتلك الجبهات ، وعلى العكس استطاع المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات المسلحة الجنوبية ومقاومتها البطلة من تحرير معظم التراب الجنوبي من التواجد الحوثي ، وأثبت الجنوبيون أنهم الحليف الصادق والوفي في شراكتهم مع التحالف العربي لتوجيه الحرب باتجاه جبهات الغزاة الحوثيين واستطاعت قوات العمالقة الجنوبية وقوات الحزام الأمني أن تحرر مساحات واسعة في العمق الشمالي في سياق شراكتها مع التحالف إلا أن التدخلات الخارجية توقف هذا التقدم في كثير من جبهات القتال في الحديدة ومأرب وغيرها من الجبهات .
وسرعان ما ينشط التخادم الإرهابي الحوثي الإخواني في ترتيب وإعادة التنسيق المشترك والترتيب لخلط الأوراق بزعزعة الأمن والاستقرار في محافظات الجنوب المحررة لإرباك المشهد السياسي والعسكري وإفشال جهود التحالف بتحرير المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحوثيين ، والغريب في الأمر أن القارئ الحصيف للحرب في اليمن سيصل إلى استنتاج أن جزءا من سياسات التحالف العربي لم تستقر على حال وتتخبط خبط عشواء في إدارة الصراع ، وبعبارة أدق أنها فشلت إدارة الأزمة السياسية والاقتصادية والعسكرية في اليمن والدليل أن جبهات القتال في خطوط التماس مع الحوثيين قد أوقفت بل شلت تماما من قبل جهود التحالف باستثناء الجبهات الجنوبية كالضالع ويافع ولودر ولحج ككرش والصبيحة .
فشل إدارة الصراع في اليمن يتمثل في زيادة التوسع الحوثي وسيطرته على غالبية محافظات الشمال اليمني وتوجيه الحرب باتجاه المحافظات الجنوبية من خلال حروب الأزمات التي تعصف بالمحافظات الجنوبية المحررة في الجوانب الخدماتية والاقتصادية والعسكرية والأمنية وتشكيل مكونات هشة وتحالفات جديدة لا تستطيع الصمود في وجه شعب الجنوب العربي وممثله الوحيد المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس القائد عيدروس الزبيدي وقواتنا المسلحة الجنوبية ، والتي أحكمت قبضتها على غالبية محافظات الجنوب كعدن ولحج وأبين وشبوة وساحل حضرموت ولم تتبق إلا قوات المنطقة العسكرية الأولى بوادي حضرموت والتي سيتم طردها ودحرها من قبل أبناء حضرموت ونخبتها وبمساندة القوات المسلحة الجنوبية وشعبنا الجنوبي عامة .
لمصلحة من توجيه بوصلة الحرب جنوبا ؟
توجيه قوى الاحتلال اليمني المنضوية فيها التنظيمات الإرهابية كالإصلاح والإخوان وداعش والقاعدة بتواطؤ خارجي وذيول محلية للحرب باتجاه المحافظات الجنوبية وآخرها ما حدث في حضرموت وما صاحب ذلك التوجيه من تعزيزات عسكرية وحشود على جبهات يافع والضالع ولودر وكرش والصبيحة الجنوبية لن يحقق مآربه في ظل الصمت الإقليمي والدولي تجاه تلك الحشود التي يسعى من خلالها الحوثيون وقوى الاحتلال اليمني الكتابية لباس الشرعية والتي تطعن التحالف العربي والجهود الدولية المبذولة لحل الأزمة في اليمن في ظهرها ، بل ستلقى الفشل الذريع ومعها ستسقط كل المؤامرات الإقليمية التي ستجني على نفسها كبراقش .
وتظن بعض الأطراف الخارجية أنها بغض الطرف عما يحصل من مؤامرات تتمثل في توجيه الحرب جنوبا لإضعاف المجلس الانتقالي الجنوبي الذي استطاع خلال فترة وجيزة من تأسيسه على أن يكون ممثلا لشعبنا الجنوبي واستطاع تحرير مساحات شاسعة من المحافظات الجنوبية وتحقيق إنجازات سياسية وعسكرية وأمنية واقتصادية ودبلوماسية تظن تلك القوى أن ستعمل توازنات في ميزان الحرب بينما ستدفع ثمن هذا التواطؤ لأسباب منها أن سقوط الجنوب بيد قوى الاحتلال اليمني كالحوثيين والإخوان يعني سيطرة إيران على اليمن وعلى الموقع الاستراتيجي الذي تتميز به الجنوب في مضيق باب المندب وبحر العرب والبحر الأحمر وهذا ما لم يكن بحسبان التحالف العربي ممثلا بالطرف السعودي إنه لا يمكن أن تسمح الدول المسيطرة على القرار الدولي بحدوثه لأنه يمس الأمن القومي الدولي وطرق الملاحة البحرية .. وبهذا تكون كل المؤامرات الإقليمية بتوجيه الحرب جنوبا مآلها الفشل وتعتبر ضياع وقت .
هل ينجو الجنوب من مؤامرات الحروب المفتوحة وتواطؤ دول الإقليم تجاهها ؟
المتتبع للحرب منذ انطلاقتها في مطلع العام 2023م أن شعبنا الجنوبي الذي خاض ثورة سلمية في عام 2007م ضد قوى الاحتلال اليمني والتي شكلت امتدادا لرفضه للاحتلال اليمني للجنوب في حرب صيف عام 1994م قد كشف ضعف وهشاشة المحتل وان شعب يطالب باستعادة حقوقه ولا يمكن لأية قوة في العالم أن تثنيه عن استعادة دولته الجنوبية مهما قدم من تضحيات وان لرخيصة في سبيل هذا الهدف السامي المعبر عن تطلعات وإرادة شعبنا الجنوبي .
وبعد تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي وتفويض شعبنا الجنوبي للرئيس الزبيدي استطاع الرئيس الزبيدي أن يقود سفينة الجنوب إلى بر الأمان واستطاع تحقيق إنجازات سياسية وعسكرية وأمنية ودبلوماسية حتى أصبح المجلس الانتقالي الجنوبي معترفا به في المعادلة السياسية على مستوى الاقليم والعالم وأصبح شريكا قويا في الحرب على الإرهاب والحوثيين ولديه قوات مسلحة جنوبية تستطيع الذوذ عن حمى الوطن الجنوبي ، بل والتوغل إن أرادت لتحرير صنعاء من الحوثيين الذين عاثوا فسادا في مناطق سيطرتهم على المحافظات الشمالية ودخولهم إلى غرف قيادات الإصلاح والإخوان الذين لم يعتبروا وما زالوا في غيبوبتهم في التآمر على الجنوب وتأزيم الأوضاع في كافة مناحي الحياة وتخادمهم مع من اهانوهم ودخلوا غرف نومهم بصنعاء ومأرب وتعز وذمار وغيرها من محافظات الشمال .
دلالات بوادر النصر الجنوبي على مؤامرات قوى الاحتلال اليمني وربيبتها الكبرى واخواتها تنظيمات الإخوان والقاعدة وداعش تتمثل في :
إن المجلس الانتقالي الجنوبي قد أصبح كيان يمثل دولة الجنوب قاطبة من المهرة شرقا إلى باب المندب غربا وأصبح كيان جامع لشعبنا الجنوبي معترف به على مستوى الاقليم والعالم أجمع يمثل شعبنا الجنوبي ولديه قوات مسلحة جنوبية مدربة ومؤهلة للدفاع عن أرضه واستطاعت تحرير محافظاتهم الجنوبية من الغزو الحوثي العفاشي وتطهير أرض الجنوب من بؤر الخلايا الإرهابية وتنظيمات حزب الإصلاح والإخوان المتأسلمين وإفشال كل المؤامرات التي استهدفت شعبنا الجنوبي وقيادته السياسية ممثلة بالمجلس الانتقالي الجنوبي منذ بدء اندلاع الحرب في العام 2015م وحتى اليوم .
ودلالات الانتصار الجنوبي على المؤامرات التي تسعى لتوجيه الحرب جنوبا وتشكيل مكونات هشة ليس لها أهداف وطنية وإنما غايتها المال مقابل العبودية لسيطرة قوى الاحتلال اليمني عليها يتمثل في صلابة شعب الجنوب الذي تربى منذ خمسينات القرن الماضي على الحرية ورفض الاستعمار وأسقط أكبر إمبراطورية استعمارية في العالم ولن يصعب عليه إسقاط مشاريع الوهم والمكونات الكرتونية وحثالات الإرهاب والإخوان في حضرموت والمهرة وشبوة وأبين وغيرها من المناطق الأخرى .
ومن الدلالات على انتصار شعبنا الجنوبي على المؤامرات المدعومة إقليميا ودوليا على الجنوب أنه قد بات رقما صعبا لايمكن تجاوزه في معادلات الحل السياسي للأزمة بعد أن أصبحت الوحدة اليمنية في خبر كان ولم يعد لها ثقلا في موازين الصراع وسبل حل الأزمة السياسية والحرب في اليمن ، في الوقت الذي تؤكد معطيات الأمر الواقع أن المجلس الانتقالي الجنوبي كممثل لكافة القوى والمكونات السياسية والمجتمعية والنخب من مختلف شرائح المجتمع الجنوبي قد أصبح قادرا على أن يكون طرفا قويا في إدارة الصراع ولن يكون هناك أية حلول ترقيعية للأزمة اليمنية بهدف خروج التحالف من اليمن دون أن يكون المجلس الانتقالي الجنوبي طرفا قويا للتفاوض نيابة عن شعبنا الجنوبي والمطالبة باستعادة دولة الجنوب .
ومن الدلائل على النصر الجنوبي القادم إن العالم اجمع ممثلا بالدول الكبرى لن تسمح على الاطلاق بأن تكون الجنوب بؤرة حرب لأن ذلك يهدد الأمن الأقليمي والدولي ومصالح هذه الدول لانه سقوط الجنوب بيد الاحتلال اليمني ممثلا بالحوثيين يعني سيطرة إيران على المنافذ البحرية في باب المندب وخليج عدن وهذا تهديد مباشر للملاحة الدولية وفي الوقت نفسه سيهدد المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي بشكل مباشر وهذا ما لم تفكر فيه السعودية في إطار مصالحها ومصالح دول الخليج وكذا العالم والتي تعني ضرورة الوقوف مع شعبنا الجنوبي ممثلاً بالمجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس الزبيدي الذي أثبت أنه حليف وفي في شراكة الجنوبيين مع التحالف في مواجهة المد الإيراني ومكافحة الإرهاب الإصلاحي الإخواني والقاعدة وداعش .
نجاح لإمارات العربية المتحدة في ملفات إدارة الصراع :
واستطاعت الامارات العربيه المتحدة من خلال شراكتها في التحالف العربي أن توجه ضربا قوية ومؤلمة للغزو الحوثي المدعوم إيرانيا وبجهودها تحررت محافظات الجنوب وفي مقدمتها الجنوب من سيطرة الحوثيين وتحرر الساحل الغربي حتى الحديدة واستطاعت من خلالها دعمها للجنوب تطهير الإرهاب ودك أوكاره من كل محافظات الجنوب من عدن إلى أبين إلى شبوة إلى حضرموت ، ولم يتبق إلا داخل حضرموت التي أصبحت بؤرة للإرهاب ونهب ثروات الجنوب من قبل جحافل قوات المنطقة العسكرية الأولى والتي أصبحت ثكناتها مأوى لعناصر الإرهاب .
واستطاعت الامارات أن تقدم ما لا يتصوره عقل من المعونات الغذائية والمساعدات الإنسانية ليس لشعب الجنوب خاصة بل للشعب اليمني كافة ممثلا بالنازحين من الحرب إلى المناطق الجنوبية والواقعة خارج سيطرة الحوثيين ، وتثبيت الإمارات أنها شريكا دوليا في مكافحة الإرهاب وصارت رقما صعبا في إدارة الأزمة لأنها تسير بخطى وأهداف واضحة ، على العكس من قوى أخرى كست الضبابية وعدم الوضوح سياسات توجهاتها فيما يخص إدارة أزمة الصراع في اليمن ، وأصبحت تلك السياسات خطرا لا يهدد اليمن والعالم وحدهما بل يهدد أمنها واستقرارها وبقاءها .
تعديل سياسات التحالف بتوجيه الحرب شمالاً :
بعد هذا الاستعراض لتقييم إدارة الصراع والحرب في اليمن هناك متسع من الوقت لتعديل سياسات التحالف العربي وتحديدا من الجارة السعودية التي تاهت في إدارة الصراع التي أفرزت واقعا يرى محللون أنه يشكل مؤشرا خطيرا وتحديات كبيرا لها ولا منها ولاستقرارها والفرص نجاحها في الحرب في اليمن ، بل ولبقاءها على الخارطة السياسية ، ويتمثل ذلك في وجوب حرف مسار الحرب باتجاه الحوثيين ، والوقوف إلى جانب أبناء حضرموت والجنوب في تحرير المنطقة العسكرية الأولى بسيئون من قوى الاحتلال اليمني والإرهاب والمتخادمة مع الحوثيين ، والوقوف إلى جانب شعبنا الجنوبي ومجلسه الانتقالي لاستعادة دولته المستقلة والتي ستمثل جسرا منيعا للتمدد الحوثي الإيراني الذي يهدد المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي والعالم أجمع ، والتي تكمن مصالحها في الجنوب وموقعه الاستراتيجي الهام بباب المندب والبحر العربي ، والتي طالما عبر المجلس الانتقالي الجنوبي في كل خطاباته بضمان مصالح دول الإقليم والعالمي وقدرته على حماية الممر الدولي والملاحة الدولية في خليج عدن ومضيق باب المندب ، باستعادة دولته الجنوبية الفيدرالية المستقلة ، وتأكيده بأنه سيظل مدافعاً وقواته الجنوبية المسلحة عن حقوق شعبنا الجنوبي حتى استعادة دولته مهما كلفه ذلك من تضحيات .
نقلا / عن الأمناء