يواصل المتمردون الحوثيون تنفيذ قصفهم العشوائي على أحياء في مدينة تعز مما أودى بحياة أكثر من 10 مدنيين، في وقت نجحت فيه وساطة حكومية السبت في السيطرة على المواجهات المسلحة التي اشتعلت في الأيام الماضية في أحياء المدينة القديمة بين ميليشيا تابعة لحزب الإصلاح ذراع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن وكتائب أبي العبّاس المحسوبة على السلفيين.
وقتل 12 مدنيا يمنيا في أعمال عنف شنها المتمردون الحوثيون السبت والأحد في تعز حسبما أفاد مسؤولون حكوميّون وسكّان.
وقتلت أم وأطفالها الأربعة الأحد نتيجة سقوط صاروخ أطلق على منزلهم في منطقة جبل حبشي الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية والواقعة على بعد 35 كلم غربي تعز.
وقال المسؤول الأمني في قوات الحكومة، ماجد الكمالي، إن “الحوثيين المتمركزين في البرح أطلقوا صاروخ كاتيوشا على قرية مشرفة” مما أودى بحياة الأم وأطفالها.
والسبت، قتل سبعة مدنيين في غارات جوية استهدفت سيارتين كانتا تقلاّن عائلتين في مديرية الضالع شرقي تعز، بحسب ما أفاد سكان لوكالة فرانس برس.
وتم الاتفاق الذي توسطت فيه لجنة الوساطة الحكومية اليمنية التي ترأسها وكيل محافظة تعز والقيادي في حزب المؤتمر الشعبي عارف جامل، على خروج نحو 500 مسلح من كتائب أبي العباس وتولي قوات اللواء الخامس للحرس الرئاسي التي يقودها العميد عدنان زريق تأمين عملية الانسحاب وتأمين أحياء المدينة التي كانت محور المواجهات في الفترة الماضية.
وقالت تقارير إعلامية يمنية إن الاتفاق الذي نجح في نزع فتيل الأزمة المسلحة في تعز قوبل بارتياح كبير من قبل السكان وقيادة الأحزاب.
واعتبر مراقبون أن عودة حزب الإصلاح الإخواني إلى إشعال المواجهات داخل مدينة تعز دليل واضح على أن الحملة العسكرية التي دشنّها الحزب قبل أسابيع ضدّ خصومه، ليست مجرّد عمل تكتيكي.
وأكد هؤلاء أن هدف حملة حزب الإصلاح هو السيطرة الكاملة على مدينة تعز ذات الوزن والموقع الاستراتيجيين في إطار عملية إعادة تموضع في اليمن تحاول جماعة الإخوان المسلمين إتمامها بدعم قطري، وفي إطار صراع يتجاوز حدود البلد بحدّ ذاته إلى المنطقة ككلّ.
وكان حزب الإصلاح قد دشّن منذ أسابيع حملة عسكرية من أجل السيطرة على تعز مستهدفا أكبر خصومه هناك وفي مقدّمتهم كتائب أبي العباس، وهو فصيل من المقاومة السلفية منخرط في جهود تحرير المناطق اليمنية من الحوثيين بقيادة عادل عبده فارع الملقب بأبي العباس.
وخاض الإخوان حملتهم داخل المناطق السكنية في تعز ما يفسّر سقوط ضحايا في صفوف المدنيين، إضافة إلى الخسائر المادية في الأبنية والممتلكات.
وقالت مصادر مطلعة على ملف الأزمة في تعز إن الميليشيا التابعة لحزب الإصلاح التي تحمل اسم “الحشد الشعبي” مموّلة بسخاء من قبل قطر، وتمّ تعزيزها مؤخرا بالمزيد من المقاتلين والأسلحة لتكون القوّة الضاربة للحزب في المحافظة ذات الوزن السكّاني الكبير والموقع الاستراتيجي المطلّ على مضيق باب المندب.
وإلى جانب المواجهات التي يشعلها الإخوان من وقت إلى آخر بهدف السيطرة على مدينة تعز، يفرض المتمردون الحوثيون حصارا على المدينة منذ نحو خمس سنوات ويقاتلون القوات الحكومية التي تسيطر عليها. وتقول دوائر يمنية إن جماعة الإخوان المسلمين قد عقدت صفقة مع المتمردين الحوثيين برعاية قطرية لتوحيد جهودهما في مواجهة بقية القوى اليمنية التي تدعمها قوات التحالف العربي الداعم للحكومة الشرعية والتي تقودها المملكة العربية السعودية.
وتعد تعز واحدة من المحافظات المهمّة بالنسبة للحوثيين نظرا لموقعها الاستراتيجي وهو ما يفسر تشبثهم بها.
فيما يقول مراقبون إن الأزمة القائمة في مدينة تعز أكبر شاهد عملي على الدور السلبي لحزب الإصلاح الإخواني المسؤول عن تأخّر فكّ الحصار الحوثي عن المدينة. وخلال الأسابيع الماضية قتل سبعة أشخاص على الأقل في تعز نتيجة المواجهات المسلحة والعنيفة التي عاشتها المدينة.
وقتل في النزاع بين القوات الحكومية المدعومة من التحالف العسكري بقيادة السعودية والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران والذين يسيطرون على البعض من مناطق البلاد بينها صنعاء، نحو عشرة آلاف شخص منذ العام 2015، بحسب منظمة الصحة العالمية. ويعتبر مسؤولون في المجال الإنساني أن الحصيلة الفعلية أعلى بكثير.