تعاني مليشيا الحوثي الانقلابية عجزا واضحا في أعداد المقاتلين، بعد فشلها بإقناع القبائل اليمنية في الدفع بمزيد من أبنائها إلى محارق الموت، ما اضطرها للبحث عن بدائل جديدة لتعويض عشرات الآلاف من مقاتليها الذين التهمتهم جبهات القتال خلال السنوات الخمس الماضية.
وبدأت المليشيا الحوثية بعملية استقطاب مشبوهة لآلاف اللاجئين الذين وصلوا إلى اليمن بطرق غير شرعية عبر سواحل البحرين الأحمر والعربي، في مخطط يكشف عن توجه مستقبلي للاعتماد على المرتزقة الأفارقة من أجل تعويض النزيف الحاد في عناصرها.
واليومين الماضيين، كشفت المليشيات الموالية لإيران عن بدء تنفيذ مخططها الجديد، وذلك من الترتيبات لافتتاح مخيم للاجئين الأفارقة في مدينة إب (وسط اليمن).
وذكرت مصادر محلية أن مليشيا الحوثي خصصت مساحة واسعة تصل إلى 8000 متر مربع، لإنشاء مخيم اللجوء، الذي من المقرر أن يستقبل 1000 لاجئ من دول القرن الأفريقي وفي مقدمتها إثيوبيا والصومال وإرتيريا.
وأضافت المصادر أن المليشيات اختارت أحد التلال المطلة على الضواحي الجنوبية لمدينة إب بالقرب من أحد معسكراتها الخاصة لتجميع وتدريب المقاتلين، مكانا للمخيم، وأجبرت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والهجرة، على تمويل إنشائه.
وأثارت الخطوة الحوثية مشاعر غضب واستياء كبيرين لدى أبناء المحافظة، واليمن عموما، في ظل تزايد المخاوف من عملية استغلال المليشيات للمهاجرين الأفارقة، وتجنيدهم للقتال في صفوفها.
وقال محمد الصهباني وهو موظف في إحدى الدوائر الحكومية بمحافظة إب، إن مليشيا الحوثي تحاول بهذه الخطوة إغراق المدينة والبلد عموما في الفوضى، استمرارا لنهجها الإجرامي التدميري، خدمة لمشاريع أسيادها الإيرانيين.
واستبعد الصهباني في حديثه وجود أبعاد إنسانية من وراء إنشاء مخيم اللاجئين.
وأشار إلى أن هناك ما يقرب من مليون نازح يمني أجبرتهم الحرب على الفرار من منازلهم والاستقرار في محافظة إب، يعيشون ظروفا إنسانية ومعيشية بالغة السوء، ورغم ذلك لم نسمع عن إنسانية الحوثيين، بل إنهم زادوا في مفاقمة تلك الأوضاع عبر حرمانهم من المواد الإغاثية وسرقة مخصصاتهم.
استغلال اللاجئين
مع تزايد تدفق اللاجئين من القرن الأفريقي بأعداد هائلة نحو الداخل اليمني، وإحجام اليمنيين عن الانخراط في صفوف الحوثي، بعد انفضاح مشروعه الإيراني الخبيث، بدأت المليشيات تنظر للاجئين الأفارقة باعتبارهم الدجاجة التي ستبيض ذهباً.
فعلاوة على استخدامهم كـ"مرتزقة" لتعزير جبهاتها القتالية المتهالكة دون الحاجة لإنفاق الكثير من الأموال عليهم كما كانت تفعل مع شيوخ القبائل، تعتقد المليشيات أن بإمكانها أيضا المتاجرة بهم والحصول على ملايين الدولارات كدعم من المنظمات الدولية والدول الغنية.
لكن مراقبون وناشطون حقوقيون أكدوا أن دعم المنظمات الدولية والأمم المتحدة للحوثيين في هذا الشأن سيضعها في دائرة الشبهة والاتهامات.
ولفت الناشط الحقوقي اليمني لبيب الذبحاني، إلى أن جميع هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين قدموا في الغالب من مناطق مستقرة لا تعاني ويلات الحروب إلى بلد أنهكته الحرب وأثقلته المآسي، وهو ما ينفي عنهم صفة اللجوء.
وأضاف الذبحاني أن كل الوقائع تؤكد عزم الحوثيين على استخدام هؤلاء المهاجرين في العمليات القتالية، ولذلك فإن كل مبالغ مالية ستقدمها المنظمات الدولية للحوثيين في هذا الاتجاه لن يفهم سوى بأنه دعم لإطالة الحرب وتأجيج الصراع في اليمن.
قتلى أفارقة في صفوف المليشيات
وتستغل مليشيا الحوثي تدفق أعداد هائلة من الأفارقة الذين يتخذون من اليمن نقطة عبور نحو دول أخرى في الخليج العربي، للقيام بعمليات استقطاب وتجنيد لهم في حربها ضد الحكومة الشرعية واستهداف الحدود السعودية، بالإضافة إلى قيامهم ببعض العمليات الاستخباراتية.
ورصدت تقارير حكومية في وقت سابق، قيام المليشيات الحوثية باستقطاب وتجنيد المئات من الأفارقة في صفوفهم خلال العامين الماضيين.
في حين وثقت القوات الحكومية اليمنية مقتل وإصابة أعدادا من المرتزقة الأفارقة في بعض جبهات القتال مثل دمت ومريس وتعز والحديدة.
وسبق أن اعترفت المليشيات الحوثية، في مارس الماضي، عبر وسائل إعلامها الرسمية، بمقتل أحد الصوماليين الذين استقطبتهم للقتال في صفوفها بجبهات الحدود ضد القوات السعودية.
كما أشارت تقارير إعلامية إلى أن المليشيات شكلت مؤخرا لجنة خاصة برئاسة أبوعلي الحاكم رئيس ما يسمى الاستخبارات العسكرية، مهمتها استقطاب المهاجرين الأفارقة وحشدهم إلى أماكن سرية خاصة يخضعون فيها لدورات طائفية قبل أن يتم إرسالهم إلى معسكرات التدريب، ثم إلى جبهات القتال.
وتؤكد الإحصائيات الرسمية للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في اليمن بأن أكثر من 150 ألف من اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين وصلوا إلى اليمن خلال العام الماضي، 2018م جميعهم من الدول الأفريقية.
وخلافا للمخطط الإرهابي الحوثي، تعمل الحكومة الشرعية بشكل دوري على ترحيل اللاجئين الأفارقة الذين يصلون إلى شواطئ شبوة عبر مطار عدن على دفعات متفرقة، وذلك بالتنسيق مع الأمم المتحدة.
وأعلنت منظمات الهجرة الدولية، ترحيل أكثر من 1400 لاجئ أفريقي من اليمن إلى بلدانهم، خلال الأشهر الماضية.