كنت على قناعة بتشابه تام بين الجنرال علي محسن الأحمر والراهب الروسي غريغوري راسبوتين الذي أتهم بإنه من أفسد روسيا ونسائها وأسرة رومانوف القيصرية التي حكمت روسيا لمئات السنين ثم كانت نهايتها بعد مقتله بأقل من عامين لكن حين قرأت أكثر عن تفاصيل حياة الراهب الروسي تبين لي أنه يختلف في بعض الأمور عن الجنرال الأحمر
أوجه الشبه:
أبرز أوجه الشبه التي كنت أعتقدها بين الراهب راسبوتين والجنرال الأحمر أن الأول كان فلاحاً سيبيرياً، وأصبح رغم كونه أمياً مقدساً في وسط الجهلة من الفلاحين، ثم انتقل إلى مدينة سانت بطرسبرغ حيث عمل بمكر للدخول إلى القصر الملكي وأصبح صاحب القرار الأول في روسيا إذ كان كل ما يصدر عن القيصر نيقولا الثاني والإمبراطورة
ألكسندرا من قرارات يكون من أشار بها هو راسبوتين
وكذلك كان علي محسن فلاحا أمياً ثم تحول إلى جنرالا عسكريا وحاكما من وراء حجاب لليمن منذ أربعين سنة إلى اللحظة
ووجه الشبه الآخر بينهما بزعمي هو أن الراهب الروسي اكتسب في فترة مراهقته اسم راسبوتين (أي الفاجر بالروسية) بسبب علاقاته الجنسية الفاضحة ، وحين بلغ راسبوتين الثلاثين من عمره كان زوجا وأبا لأربعة أطفال، إلا أن ولعه بالشراب وسرقة الجياد كان دائما ما يتناقض وأصول الحياة العائلية التقليدية السائدة في بيئته، وكان حادث اتهامه ذات مرة بسرقة حصان نقطة تحول في حياته هرب على أثرها من القرية ولاذ بأحد الأديرة حيث اتخذ صفة الرهبانية التي لازمته بعد ذلك طيلة حياته ،ثم أصبح مسافرا جوالا في أنحاء روسيا وخارجها، وخلال هذه الرحلات لم يغتسل أو يبدل ملابسة لفترات بلغت عدة أشهر
وكذلك الجنرال علي محسن إكتسب إسم الأحمر وهو إسم يشير إلى الدماء والقتل والخطر إضافة إلى ولعه بالتباب ونهب الأراضي والأموال وحقول النفط والغاز وعائدات الموانئ والأسواق ورواتب الجنود الوهميين ونهب أسلحة الألوية العسكرية التي كان يقودها إضافة إلى أنه لم يهتم أبدا بطهارة نفسه وتزكيتها وتنظيفها من أوساخها مع كونه لم يسافر يوما إلى أي بلد خارج اليمن إلا حين هرب بطائرة سعودية خاصة متنكرا بملابس زوجة السفير
بقي من أوجه الشبه التي لم يحن الوقت لإثباتها بعد هو في طريقة الموت إذ أن راسبوتين أطعم سما زعافا قدم له في كعك وشراب لكنه لم يمت منه فأطلقت عليه عدة رصاصات من مسدسين ولم يمت كذلك ثم أخذ وألقي في نهر ثلجي وعندما وجد ميتا بعد أيام وشرحت جثته تبين أن سبب موته هو البرد القارس وليس السم أو الرصاص وإلى أن يموت الجنرال علي محسن فلن نستطيع الجزم بهذا التشابه من عدمه
أوجه الإختلاف:
أول وجوه الإختلاف هو أن راسبوتين كان يعالج الخيول ويعالج من يلجأ إليه من البشر بإستخدام قواه الروحية التي كان يمتلكها حتى أنه أنقذ حياة الابن الأكبر للقيصر نيقولا الثاني من النزف حتى الموت حيث كان مصاباً بالناعور، وكان هذا أبرز الأسباب التي أدت لإقتناع القيصر والقيصرة بأنه قديس، وعاش السنوات بعدها ناصحاً لهما في القصر قريب منهما
بينما علي محسن لم يكن يجيد علاج أي كائن حي بل على العكس كان ينهب مخصصات المستشفيات والعيادات والقروض الدولية المقدمة لبرامج التحصين الصحي الموسع إلى جانب نشره للأمراض التي تسببها البضائع والسلع والمبيدات والمخدرات التي كانت تستوردها شركاته
ووجه الإختلاف الثاني أن راسبوتين رغم فساده إلا أنه كان وطنيا ولا يميل للحروب حيث أنه أصر وبكل قوة على محاولة ثني القيصر عن خوض الحرب مع العثمانيين في البلقان وكذا نصحه للقيصر بعدم خوض الحرب مع ألمانيا
بينما وعلى العكس من ذلك كان ومازال الجنرال الأحمر مولعا بالحروب فمنذ أن شارك في السلطة وحاز عليها لاحقا وهو من يشعل الحروب فمن حروبه مع جيش جنوب اليمن عامي72م 78م وحروب المناطق الوسطى مرورا بحرب إحتلال الجنوب عام 94م وحروب صعده الست إلى حربه الكبرى التي أشعلها مع الحوثيين وورط فيها السعودية ودول التحالف العربي
الخلاصة:
علي محسن الأحمر لايشبه أحدا من البشر في مكره ونهبه وفساده وغموضه وتحكمه في السلطة من وراء الظل طوال أكثر من أربعين عاما
ختاما
عندما كان الرئيس علي عبدالله صالح يكرر دائما أن حكم اليمن كالرقص على الثعابين كان يقصد علي محسن الذي لم يكن ثعبانا واحدا بل ثعابين كثر مجتمعة إذ حين إتضحت الصورة -بمقتل عفاش وهروب بيت الأحمر والزنداني وعبدربه وبقية النافذين في اليمن وأصبحوا لا حول لهم ولا قوة مشردين في الأصقاع وبقي علي محسن نافذا ويتحكم بقرار الشرعية اليمنية وقرار المملكة العربية السعودية- تبين حينها أنه لم يكن هناك ثمة ثعابين في اليمن سوى الجنرال علي محسن الأحمر